ألمانيا: العمالة المهاجرة المتقاعدة تمثل تحديا جديدا

2.5 مليون من أصل تركي جاؤوا ليبقوا وأعداد كبيرة منهم توشك على التقاعد

TT

تسعى المانيا جاهدة لمعالجة احد الاثار غير المتوقعة لتقدم السكان في السن بالدول الصناعية.. كيفية دمج المهاجرين الذين تقاعدوا عن العمل في المجتمع.

على مدى عقود افترضت ألمانيا أن العمال الذين استضافتهم في سنوات الازدهار عقب الحرب العالمية الثانية سيعودون لديارهم في نهاية الامر. ولكنها استيقظت على حقيقة أن كثيرين من بين 2.5 مليون من أصل تركي جاؤوا ليبقوا وان اعدادا كبيرة منهم توشك على التقاعد.

تقول اولريكا زابل مسؤولة التفاعل الثقافي في جمعية كاريتاس الخيرية: «لفترة طويلة لم تتصور ألمانيا نفسها كدولة من مقاصد الهجرة. تسبب ذلك في مشكلة مع المسنين.. لم نتوقع بقاءهم». وتفتتح جمعية كاريتاس بالتعاون مع مؤسسة فيتاناس التي تدير بيوت رعاية خاصة مركزا لاستضافة كبار السن متعدد الثقافات في برلين في العام المقبل.

ووصل والد مصطفى ماكينيست من تركيا في عام 1973 وكان ينوي العمل لمدة خمسة اعوام في المانيا. ولكنه لم يغادر وظل يعمل في اصلاح الالات في شركة سيمنس لمدة 25 عاما. ورغم ان الاب البالغ من العمر 68 عاما يملك منزلا في تركيا فانه لا يزال يمضي نصف العام في برلين. وينوي ماكينيست، 40 عاما، استئجار شقة هناك حين يمنع تقدم السن والديه من التنقل بين البلدين. ويقول: يتجلى المجتمع البرليني في بيوت المسنين.. في مثل هذه المنشآت تعيش الثقافة المتنوعة للمدينة. اندمج الجيل الثاني في المجتمع. والشقق صغيرة جدا في برلين. وبسبب المخاوف الامنية من عنف الشباب ركزت جهود الدمج في المانيا حتى الان على كيفية مساعدة الشباب. غير ان بعض المنظمات بدأت توجه الاهتمام للجيل الذي يوشك على التقاعد وتدرس الشركات الامر. ونحو 18 في المائة من المهاجرين في المانيا تجاوزوا الخامسة والخمسين وفق بيانات مكتب الاحصاء الاتحادي التي ترجع لعام 2006. وأكثر من 700 ألف من المهاجرين الاكبر سنا في العقد الاخير من سن العمل ومن حقهم التقاعد.

وذكر أحدث تقرير عن المسنين في ألمانيا نشر في عام 2005 أن المهاجرين المسنين ينبغي ان يكونوا على رأس أولويات البلاد. وكشف التقرير أن المهاجرين المسنين يعانون من مشاكل صحية أكثر ودخلهم أقل ومعرفتهم بالخدمات الاجتماعية المتاحة أقل من المواطنين الالمانيي الاصل.

وكشف التقرير ان المهاجر الذي امضى اكثر من 25 عاما في المانيا حقق للحكومة دخلا يبلغ في المتوسط 850 يورو سنويا بينما انفقت الحكومة حوالي خمسة ملايين يورو على برامج للمسنين المهاجرين. واحتمال حصول المسن المهاجر على معاش تقاعد عام أقل منه بالنسبة للمواطن الالماني رغم أنه يستحق المعاش في حالة سداده مبالغ لصالح النظام العام.

وكشف التقرير ان نحو 79 في المائة من المهاجرين الاتراك الذين تجاوز عمرهم الخامسة والستين حصلوا على معاشات تقاعد عامة في سنة 2002 مقابل حوالي 96 في المائة من الالمان والرعاية الخاصة للمسنين متاحة على نطاق واسع لمن يملك مالا.

ففيتاناس ليست الشركة الخاصة الوحيدة التي دخلت سوق المهاجرين المسنين. ففي فبراير (شباط) 2007 افتتحت مارسيل كلينيكن ومقرها برلين دار رعاية «تتميز بحساسية ثقافية» للاتراك المتقاعدين في برلين. والدار مزودة بقاعة صلاة للمسلمين كما تقدم الشاي التركي. وتقول الشركة ان العاملين في الدار يتحدثون لغتين ويسمح فيها برعاية النساء للنساء والرجال لأقرانهم.

وتوجد مراكز استضافة متنوعة في فرانكفورت ومدينة دويسبورج قرب الحدود الهولندية وفي منطقة كروتسبرج في برلين التي يقطنها عدد كبير من الاتراك. ويقول هاري ميرتينز مدير مشروع موفيسي وهو مركز هولندي للتنمية الاجتماعية ان بعض الدول الاوروبية تعمل على تنفيذ مشروعات مماثلة. ويضيف انه يوجد في بريطانيا وهولندا مراكز مختلطة او ذات هوية ثقافية محددة تجمع بين شقق مستقلة وحدائق او مطابخ عامة.