السعودية توقع خلال أيام مذكرة تفاهم مع جامعة أميركية لإطلاق مؤشر للمسؤولية الاجتماعية

هيئة الاستثمار و«هارفارد» يضعان اللبنات الأولى لمؤشر يقيس تفاعل الشركات مع المجتمع

TT

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الهيئة العامة للاستثمار في السعودية ستوقع خلال أيام مع جامعة هارفارد الأميركية وجهات أخرى، مذكرة تفاهم لإطلاق مؤشر وطني للمسؤولية الاجتماعية يبرز أداء الشركات في الأبعاد غير المالية كالبعد الأخلاقي والسمعة، خاصة في ظل العولمة والانفتاح.

وذكرت المصادر أن المذكرة التي يتوقع أن يتم الإعلان عنها قبل نهاية الأسبوع الجاري، ستحدد الأطر العامة للمؤشر الذي سيطلق في السعودية، من خلال تحديد نحو 20 معيارا رئيسيا يتجزأ إلى أقسام تحدد ملامح المسؤولية من بينها نوعية النشاط وتطبيقه داخل الشركات واستدامته والعائد منه.

يشار إلى أن الهيئة أعلنت في منتدى التنافسية الدولي الذي اختتم أعماله مطلع الشهر الجاري في العاصمة الرياض، في الإعداد لمؤشر وطني للمسؤولية الاجتماعية. إلى ذلك، وصف خبراء في التنمية المستدامة، إعلان السعودية البدء بالاعداد لمؤشر وطني للمسؤولية الاجتماعية، بأنها خطوة تاريخية.

وأكدوا أن خطوات سابقة في اقتصادات أوروبا أثمرت عن استثمارات في الشركات النظيفة تضاعفت مئات المرات بفضل التوجه العالمي في الاستثمار نحو الشركات التي تطبق المسؤولية الاجتماعية في كافة تعاملاتها.

وقالت آسيا آل الشيخ، الخبيرة في المسؤولية الاجتماعية، إن الصناديق النظيفة في أوروبا والتي تعتمدها بيوت المال كنمط استثماري تعتمد بشكل أساسي على قوائم الشركات المدرجة في مؤشر المسؤولية الاجتماعية، مشيرة إلى أن بنوكا بدأت هذا التوجه أوائل التسعينات الميلادية بحجم استثمار لا يزيد على 100 مليون دولار، فيما هو اليوم يربو على تريليون دولار.

وأضافت آل الشيخ أن عدد الصناديق النظيفة في دول أوروبا زاد من 4 صناديق منتصف التسعينات الى أكثر من ألفي صندوق، مؤكدة أن إقبال المستثمرين من قطاعات مختلفة على مثل هذه الصناديق شكل عامل ضغط على الشركات لإعادة التفكير في هيكلة شركاتها بما يتماشى ومعايير المؤشرات الدولية في مجال المسؤولية الاجتماعية.

آل الشيخ، التي بدت متفائلة في أن يشكل المؤشر السعودي للمسؤولية الاجتماعية، ما سمته «خارطة طريق» للشركات في المملكة في صياغة استراتيجياتها المستقبلية. وزادت «أن مراجعة تجارب دول صناعية أخرى تبين أن وجود مؤشر معياري سنوي في قياس الأداء حول جوانب مختلفة من المسؤولية الاجتماعية والحوكمة يشجع على إيجاد بيئة تنافسية، وتحفيز مباشر لتحسين أداء لشركات في تلك الجوانب، وبالتالي تحسين الأداء العام للشركات».

ويرى طارق امطيره، وهو محاضر في جامعة لند السويدية، وخبير في المسؤولية الاجتماعية، أن أهمية أي مؤشر للمسؤولية الاجتماعية، تبرز في قياس أداء الشركات في الابعاد غير المالية كالبعد الأخلاقي والسمعة المرتبطة بالمسؤولية الاجتماعية، خاصة في ظل العولمة والانفتاح الاقتصادي، والتنافس بين الشركات. إضافة ـ والحديث لا زال لامطيره ـ لتوفير المرجعية أما صناع القرار في قياس وتقييم أداء الشركات، والاستفادة من وجود مؤشر موحد يسهل المهمة على أصحاب المصالح قبل اتخاذ القرارات.

ويعتقد المحاضر أن نجاح أيِّ مؤشر للمسؤولية الاجتماعية، يعتمد حجم الضغط على الشركات سواء كان الضغط إعلاميا أو حكوميا، أو من خلال مؤسسات المجتمع المدني، كما يجب عند وضع المعايير مراعاة عوامل الخصوصية في أي بلدٍ حسب معدلات الاولوية في القضايا التي تهم البلد نفسه. ونصح بالتركيز في السعودية على أنشطة تطوير القدرات البشرية (رأس المال البشري) وتنمية قطاع الريادة والمهارات القيادية كأولوية، إلى جانب القضايا التعليمية والصحية والبيئية.

ويراهن الخبراء على أن إيجاد مؤشر وطني في السعودية للمسؤولية الاجتماعية، سيعيد ترتيب البيت الاقتصادي في البلاد، ويحسن النظرة للبيئة الاستثمارية. وعد امطيره تبني الهيئة العامة للاستثمار لهذا المؤشر بأنه يصب في الخانة الصحيحة بالنظر لحجم العقود السنوية التي توقعها الهيئة لجذب استثمارات أجنبية لشركات لها تجارب دولية في برامج المسؤولية الاجتماعية.

وأضاف أن أهمية هذه العقود الاستثمارية القادمة إلى السعودية ستكون في أن تنقل تلك الشركات خبراتها في دول أخرى الى سوقها الجديد في المملكة، وهو ما لا يحدث في الوقت الراهن قياسا بما تقوم به تلك الشركات في دول أخرى من العالم هي أقل من السعودية في ثقلها الاقتصادي عالميا.

وكانت تقارير دولية حديثة نشرها أحد المواقع الاوروبية المتخصصة في «سجل الشركات» تم تقييمها عالميا من منظمات دولية قبل نحو عامين للشركات التي تصدر تقارير غير مالية في العالم، أشارت إلى أن شركتين فقط من بين 2000 شركة عالمية تقومان بإعداد تقارير غير مالية، وأن أسواق المال في العالم العربي لا تزال بعيدة عن إقرار صياغة التقارير غير المالية التي تحكم أداء الشركات المدرجة في أسواق المال، وتحدد حجم مسؤوليتها تجاه البيئة والمجتمع، ونوع المخاطر التي تحيط بها.