أزمة الخبز في جدة تنتقل إلى المدينة المنورة والطائف

«صوامع الغلال» تعلن إنشاء 4 مطاحن لاحتواء الأزمة * لجنة المخابز لـ«الشرق الأوسط»: الحل مرتبط بمدى تجاوب المتعهدين

أزمة الخبز تنتقل من جدة إلى المدينة المنورة والطائف وسط حلول رسمية عاجلة (تصوير: غازي مهدي)
TT

تصاعدت وتيرة ازمة الدقيق في السعودية خلال الأيام الأخيرة بعد ان اضطر عدد من المخابز الى اغلاق ابوابه، على اثر نقص الدقيق وعدم توفره في الأسواق المحلية وبالتالي عجز المخابز عن تأمين ما يحتاجه المستهلكون.

ونقل أمس ملاك مخابز في جدة لـ «الشرق الأوسط» معاناتهم للحصول على دقيق لصنع الخبز اذ يقول عبد الله الحداوي صاحب مخبز «اشتكى أمس عدد من رواد المخابز والمطاعم من عدم وجود كميات الخبز بالمخبز لعدم وجود الدقيق الكافي، فيما استمر عدد من المخابز في الإغلاق لعدم توافر الكميات»، مشيرا الى أنه سيتم ايقاف العمل في المخبر اذا لم تتوفر لقمة العيش وتحمل المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق ووزارة التجارة كامل المسؤولية. وينطبق ما قاله الحداوي على معظم مخابز جدة وكذلك عدد كبير من مناطق السعودية التي تواجه الازمة نفسها وتواجه مشكلة في تأمين الخبز الكافي للمستهلكين منذ نحو اسبوعين.

ويأتي ذلك في وقت اعلن فيه وزير الزراعة رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق الدكتور فهد بالغنيم عن اتخاذ خطوات لمواجهة الازمة الحالية.

وقال وزير الزراعة في بيان رسمي «انه سوف يتم بدء انتاج مشاريع الصوامع والمطاحن الجديدة في نهاية شهر صفر الجاري وهما مشروع صوامع ومطاحن المدينة المنورة وكذلك مطاحن مدينة حائل، بواقع 1200 طن قمح يومياً، وسوف تنتج هاتان المطحنتان ما يقارب 24 الف كيس دقيق عبوة 45 كيلوجراماً يومياً وبحدود ثمانية ملايين كيس سنوياً.. وسوف تغطي الطلبات المتزايدة في منطقة المدينة المنورة ومنطقة مكة المكرمة ومنطقة حائل وما جاورها من المحافظات والمراكز». وأضاف «كما سيشهد شهر شعبان المقبل موعد بدء تشغيل وانتاج مطاحن الجوف وكذلك مطاحن الرياض الجديدة بواقع 1200 طن قمح يومياً بإنتاج ما يقارب 24 الف كيس يومياً وفي حدود 8 ملايين كيس سنوياً أي أن مجموع الانتاج لهذه المشاريع يقارب 48 الف كيس يومياً من الدقيق، أي أن مجموع ما يتم انتاجه من المشاريع الاربعة الجديدة سيبلغ 16 مليون كيس سنويا، وسوف يضاف هذا للانتاج القائم حالياً ليكون ما يتم انتاجه من الدقيق ما يقارب 70 مليون كيس سنوياً».

وأعلن وزير الزراعة «أنه يجري التنسيق حاليا مع إمارة منطقة مكة المكرمة لتحديد موقع في منطقة مكة المكرمة لإقامة مشروع متكامل من الصوامع لتخزين القمح ومطاحن جديدة وملحقاتها لتغذية مكة المكرمة وما جاورها وذلك بطاقة أولية تبلغ 600 طن قمح يومياً، كما يجري التنسيق في مؤسسة الصوامع لإعطاء اولوية في الميزانية المقبلة لإنشاء مطاحن في المنطقة الجنوبية في وادي الدواسر، مبينا ان تلك المشروعات ستكون لبنة من لبنات اقتصادنا الوطني بتوجيه ودعم ومؤازرة من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد. من جهة أخرى كشف نائب رئيس لجنة المخابز بغرفة جدة، علي جازع الشهري، عن أن حل أزمة الدقيق الراهنة مرتبط بشكل أساسي بمدى تجاوب متعهدي القمح، وأصحاب المخابز، وأكد جازع لـ «الشرق الأوسط» عقب خروجه من اجتماع مغلق استمر لأكثر من أربع ساعات عقده فرع وزارة التجارة بجدة مع أعضاء لجنة المخابز بغرفة جدة بأن التطورات متسارعة لاحتواء الموضوع، الذي تأزم لسبب «غير منطقي» على حد تعبيره، لأن القمح متوفر والمطاحن تعمل خلال 24 ساعة في اليوم وقدرتهم الإنتاجية ممتازة.

وقال جازع «المسألة تتلخص في خطوة تسلم هذه المواد من قبل المستحقين مباشرة أو عن طريق المتعهدين، والإشكالية كلها كانت في هذه المرحلة، وكانت هناك ضرورة لإعادة تصفية هذه المسألة والتحقق من أن المستحقين هم الذين يتسلمون الدقيق فعلاً، وليس مستفيدين آخرين وتجارا، أو متعهدين، أو حتى بعض أصحاب المخابز الذين اتضح أن لديهم الكثير من المخالفات، والمسألة مسألة تنظيمية وتضخمها عائد إلى التأخر في تنفيذ هذا التنظيم».

وأوضح جازع بأن اجتماع أعضاء اللجنة مع محمد عتيق الحربي مدير فرع وزارة التجارة بجدة، والذي تخلله اتصال من الرياض من صالح الخليل مدير عام التمويل بالوزارة، كان يحاول أن يستشف الرأي المناسب لحل هذه الأزمة من لجنة أصحاب المخابز والعاملين في هذا القطاع، كما ناقش المجريات والخطوات المتخذة لحل المسألة، ومراجعة ما توصلت إليه اللجنة التي شكلت خلال الأسبوعين الماضيين.

وتابع «أطلعنا من خلال الاجتماع على أن كافة التحضيرات التي تتم الآن للانتهاء من المحطة الجديدة للصوامع في منطقة مكة المكرمة، والتي ستأخذ مكانها في منطقة بين مكة وجدة، والأمر برمته في سبيله إلى الحل لكنه في الوقت نفسه سيعرف المستهلك وحتى العاملين في القطاع بأهمية هذه السلعة فالحقيقة أن الغالبية لا تدرك حجم النفقات التي تصرف على هذه السلعة، فالمستهلك على سبيل المثال لا يعرف بأن ما يدفعه مقابل الدقيق في السعودية هو السعر الأقل مقارنة بأي مكان في العالم، فالدولة تدعمه تقريباً بأكثر من أربعة أضعاف السعر».

وحول الوقت الذي سيستغرقه حل المشكلة، ربطه الشهري بمدى تجاوب أصحاب الملفات الناقصة من المتعهدين وأصحاب المخابز مع اللجنة المختصة بتصحيح أوضاعهم، ولفت إلى أن أي متعهد أو مستحق لن يحصل على الدقيق طالما بقيت أوراقه ناقصة وذلك لحل المشكلة التنظيمية التي تسببت بالأزمة في الوقت نفسه.

من جهة أخرى بادرت إمارة منطقة المدينة المنورة بتشكيل لجنة لمواجهة «أزمة الخبز» والتي اتخذت العديد من التوصيات لمواجهة تسارع وتيرة إغلاق المخابز في المدينة المنورة بعد أن تأثرت بسبب نقص إمدادات الدقيق للمنطقة، وبرزت معاناة المتعهدين بتموين المقاصف المدرسية للطلاب والطالبات، ومتعهدي التغذية للمستشفيات وغيرها جراء الأزمة التي ظهرت آثارها بشكل لافت.

ورغم اتخاذ العديد من المخابز إجراءات احتياطية بما يمكنها من العمل بالحد الأدنى تقليص وزن حصة الخبز المباعة بالسعر الرسمي، وتحديد كمية المباع من الخبز بريالين فقط للفرد، إلا أن أختفاء كيس الدقيق رغم ارتفاع سعره جعل أصحاب المخابز يقفون أمام محلاتهم المغلقة بانتظار وصول حصصهم من الدقيق منذ ايام. وقد وجه الأمير عبد العزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة بتشكيل لجنة برئاسة وكيل امارة منطقة المدينة المنورة المكلف إبراهيم المزيد لمناقشة أزمة الدقيق بالمدينة المنورة والتي أوصت عقب اجتماعها أمس بتزويد جميع المخابز الآلية ونصف الآلية واليدوية (أكثر من 50 كيسا في اليوم) بالدقيق عن طريق فرع صوامع الغلال ومطاحن الدقيق بمنطقة القصيم مباشرة وتم ابلاغ قسم المبيعات بالفرع بذلك اعتبارا من يوم أمس الاثنين أما فيما يتعلق بالمخابز الصغيرة والمخابز اليدوية وأصحاب محلات (التميس) التي يقل استهلاكها عن 50 كيسا باليوم بالإضافة إلى الفنادق والمطاعم والأفران فيتم تزويدها بكمياتها من تجار الدقيق مباشرة، وزيادة نصيب تجار الدقيق في منطقة المدينة المنورة خاصة في نهاية الأسبوع اعتبارا من يوم الأربعاء المقبل وقيام اللجنة المشكلة بمتابعة آلية توزيع وأسعار الدقيق.

وألقى موزعو وتجار الدقيق خلال الاجتماع الذي حضره مدير خدمات المنطقة في الإمارة المهندس صالح خليفة ومدير فرع وزارة التجارة والصناعة خالد قمقمجي ووكيل أمانة المدينة المنورة للخدمات المهندس صالح قاضي ونائب رئيس الغرفة التجارية فيصل الرحيلي ومدير اللجنة التجارية في الغرفة التجارية محمود رشوان، باللائمة على إدارة صوامع الغلال، مقدرين نقص كميات الدقيق المخصصة لمنطقة المدينة المنورة بحوالي 14 ألف كيس أسبوعياً، كما طرحوا مشكلة ارتفاع النقل الخاص التي قفزت أكثر من 50 في المائة وارتفع أجرة النقل إلى (1200) ريال خاصة ان الكميات اقل من الكميات المعتادة مما يضيف أعباء إضافية، كما أقروا بوجود سوق سوداء تمارس فيه العمالة الوافدة بيع الكيس بمبلغ (200) ريال.

ونفى رئيس اللجنة التجارية في غرفة المدينة محمود رشوان ان يكون التجار والموزعون هم وراء مسؤولية ما يحدث، وأضاف أن خفض الكميات من صوامع الغلال كان له تأثير مباشر وسلبي على المنطقة وان الغرفة بصدد تكوين لجنة تضم موزعي الدقيق وأصحاب المخابز لتخطي الأزمة الحالية وإيجاد آلية لتوزيع الكميات على المخابز بشكل متساو. وفي الطائف اغلق العديد من المخابز ابوابه على اثر نقص الدقيق وعجز المحلات عن الوفاء بحاجات المستهلكين وهو الامر الذي دعاها الى الاغلاق رغما عنها. وذكر احد اصحاب المخابز في الطائف لـ «الشرق الأوسط» انه لم يستطع تأمين ما يكفي لمخبزه من الدقيق، حيث انه حصل على حد قوله على 7 اكياس وهذه الكمية لا تكفي اطلاقا حيث يستهلك كما يقول اضعافها مرات عديدة.

وطالب بسرعة حل هذه القضية قبل ان تكبر الازمة خاصة ان الخبز يعتبر اهم المأكولات التي يعتمد عليها الناس، مؤكدا «سيقبل الناس بارتفاع السعر لكنهم سيواجهون مشكلة في عدم وجوده».