اليمين الإسرائيلي يطلق حملة جديدة تهدف إلى وقف المفاوضات مع الفلسطينيين

إزاء تضارب الروايتين حول طرح موضوع القدس

عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعي المعتقل في قاعة محكمة عوفر الإسرائيلية أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي يصر فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، على القول إن موضوع القدس لا يطرح على جدول أعمال المفاوضات، ويصر فيه الفلسطينيون على أن الموضوع مطروح بكل قوة، اختار رئيس الليكود اليميني المعارض، بنيامين نتنياهو، تصديق الرواية الفلسطينية واتهم أولمرت بإفساح المجال لإقامة قاعدة عسكرية متقدمة لتنظيم «القاعدة» في مدينة القدس.

وتكلم نتنياهو في إطار لقاء صحافي أطلق فيه حملة يمينية واسعة لوقف المفاوضات مع الفلسطينيين، أمس، على اثر «انكشاف حقيقة أن المفاوضات تتناول جميع قضايا التسوية الدائمة، وخصوصا قضية القدس، طول الوقت بما في ذلك المفاوضات التي جرت ليلة أمس»، كما قال نتنياهو. وكان أولمرت قد استقبل في بيته في القدس الليلة قبل الماضية، الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، ورئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، أحمد قريع (أبو علاء). وحرص على إضفاء أجواء حميمية، حيث استقبل أبو مازن على باب سيارته وهو يحمل له الشمسية والعلم الفلسطيني يرفرف الى جانب العلم الاسرائيلي ويناديه «سيدي الرئيس».

وفي ختام المحادثات أدلى ببيان قال فيه إن اللقاء كان ايجابيا للغاية. وقال أحد مساعدي أولمرت انه إذا استمرت هذه الأجواء طيلة الشهور القادمة فإن الطرفين سيتوصلان بشكل مؤكد الى مسودة اتفاق سلام دائم للصراع.

وأكد رئيس دائرة المفاوضات في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدكتور صائب عريقات، الذي شارك في اللقاء، على هذه الأجواء، وقال إن الأمور تطرح بكل صراحة. وهناك قضايا يجري التقدم فيها. واتفق الطرفان على استمرار جلسات التفاوض الانفرادية بين رئيسي الوفدين، أبو علاء ووزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي لفني، بالوتيرة نفسها المستمرة منذ بضعة أسابيع، أي 3 – 4 لقاءات ثنائية في كل أسبوع، إضافة الى جلسات التفاوض السرية بين أعضاء الوفدين. ولكن أولمرت عكر صفو هذه المفاوضات بإعلانه مرة أخرى أن موضوع القدس لم يبحث في هذه الجلسة، وهو الأمر الذي نفاه الفلسطينيون بشدة، مؤكدين أنه بحث بقوة. وقال أحد أعضاء الوفد الفلسطيني في حديث مع صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، إن الوفدين «تحدثا عن القدس، ليس عن الثلوج التي تساقطت فيها، بل عن الاستيطان فيها الذي أوضحنا مرة أخرى بأننا لن نقبل به ونرى فيه استيطانا غير شرعي». ونفى المسؤول ما ذكرته أوساط صحافية إسرائيلية من أن الرئيس الفلسطيني وافق على التنازل في موضوع اللاجئين مقابل الموافقة الإسرائيلية على تقسيم القدس وجعل جزئها الشرقي عاصمة للدولة الفلسطينية.

ولم يصدق الصحافيون الإسرائيليون ادعاء أولمرت بأن موضوع القدس لم يطرح. وقال المراسل السياسي للتلفزيون الاسرائيلي التجاري «القناة العاشرة»، رفيف دروكر، إن موضوع القدس لا يمكن تجنبه في المفاوضات. فإذا تكلموا عن الحدود سيدخل موضوع القدس. وإذا تكلموا عن الاستيطان، فإن موضوع القدس سيكون له علاقة. وإذا تكلموا عن الأمن أو المياه أو المجاري فإن القدس ستكون في صلب الموضوع. ولذلك فإنني لا أصدق أولمرت.

وعزا المراقبون تصريحات أولمرت الى المحادثة التي كان أجراها في صباح أول من أمس، مع رئيس حزب «شاس» لليهود الشرقيين المتدينين، وزير التجارة والصناعة، إيلي يشاي، التي ذكره فيها بوضوح بأن «مجلس حكماء التوراة»، القيادة الروحية لهذا الحزب، قررت أن لا يبقى «شاس» في الحكومة في حال طرح موضوع القدس على طاولة المفاوضات.

وإذا كانت قيادة حزب «شاس» معنية بغض الطرف عن تصريحات الفلسطينيين بهذا الشأن، فقد استغلها نتنياهو، أمس، لإطلاق حملته ضد المفاوضات ودعوته الصريحة لحزب «شاس» ألا يخفي رأسه في الرمل مثل النعامة، وأن يعترف بأن أولمرت يفاوض حول القدس باسمه وباسم «شاس» أيضا، أو يترك الائتلاف الحاكم فورا. وقال نتنياهو ان السلطة الفلسطينية أضعف من أن تمثل الشعب الفلسطيني في هذه الظروف والشعب الفلسطيني ليس مؤهلا للتفاوض حول اقامة دولة تعيش بسلام مع اسرائيل، وان أقصى ما يمكن فعله اليوم هو التفاوض مع السلطة الفلسطينية حول القضايا الاقتصادية وكيفية توفير أماكن عمل للمواطنين. وأضاف نتنياهو: «إن أي انسحاب إسرائيلي من القدس أو من أي منطقة فلسطينية أخرى سيضعها بأيدي حماس، وهذا يعني أننا نبني بأيدينا قاعدة متقدمة لتنظيم «القاعدة» في الشرق الأوسط. فقد انسحبنا من جنوب لبنان وحل محلنا حزب الله، وبانسحابنا تعاظمت قوته وأصبح له جيش مقاتل. وانسحبنا من قطاع غزة، فحلت محلنا «حماس» وتعاظمت قوتها وها هي تقيم لها قوة عسكرية كبيرة وخطيرة. وهذا ما سيحدث إذا ارتكبنا حماقة أخرى من هذا القبيل. فإيران لا تترك فراغا وراءنا، بل تتقدم لاحتلال كل بقعة مهما كانت صغيرة».