بغداد تحذر من صدامات بين الجيش التركي والبيشمركة.. وغل يرجئ زيارة لأفريقيا

الطائرات التركية تقصف مقرات للحزب.. و«الكردستاني» يرد: قتلنا 81 جنديا تركيا

جنود اتراك يقطعون الطريق بين الحدود العراقية التركية امس خلال مطاردتهم لمسلحي حزب العمال الكردستاني (ا ف ب)
TT

قصف الطيران التركي، أمس، مواقع لمقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، فيما تواصلت على الارض العملية الواسعة النطاق. وقال موفق الربيعي مستشار الامن الوطني العراقي، ان بلاده تخشى ان يؤدي طول أمد توغل القوات التركية بشمال العراق لمصادمات بين القوات التركية وقوات البيشمركة الكردية. واعلن عناصر من البيشمركة، القوات المسلحة الكردية في منطقة الحكم الذاتي الكردية في شمال العراق، ان الغارات الجوية التي بدأت قرابة الساعة 00.22 (00.20 تغ) اول من أمس استمرت طوال الليل في هاكورك أحد معاقل حزب العمال الكردستاني على مسافة حوالى عشرين كلم من الحدود التركية وفي محيطها. وأفادوا بأن أعمدة من الدخان شوهدت على مسافة كيلومترات.

وذكرت وكالة فرات نيوز للأنباء التي تعتبر ناطقة باسم حزب العمال الكردستاني، أن الطائرات المقاتلة اقلعت من قاعدة دياربكر العسكرية جنوب شرقي تركيا في وقت متأخر اول من أمس.

وأفادت مصادر كردية عراقية بأن المعارك اشتدت بين القوات التركية والمسلحين في منطقة هاكورك، مؤكدة سماع انفجارات وطلقات نارية.

وأعلنت هيئة أركان الجيش التركي أن ما لا يقل عن 112 متمردا و15 جنديا تركيا بينهم طيارا المروحية التي أسقطت، قتلوا منذ بدء العملية.

من جهة أخرى، نقلت وكالة فرات نيوز عن مسؤول في حزب العمال الكردستاني، أمس، أن حصيلة الخسائر التركية بلغت 81 جنديا على الأقل. وكانت حصيلة سابقة قد أوردها حزب العمال الكردستاني اشارت الى سقوط ثلاثة قتلى من المسلحين.

وأعلنت هيئة الاركان ان المسلحين «يحاولون الفرار بذعر نحو الجنوب»، مضيفة «ينتظر من مجموعات محلية عراقية أن تمنع اعضاء منظمة حزب العمال الكردستاني الارهابية، العدو الابرز للسلام والاستقرار الاقليميين، من دخول منطقتها وتقديم الحماية لها».

وأثار هذا التحذير المخاوف من وقوع مواجهة محتملة مع الادارة الكردية التي تحظى بحكم ذاتي والتي تتهمها انقرة بالتغاضي عن وجود المتمردين في اراضيها او حتى دعمهم عبر تزويدهم بالأسلحة.

ومن جانبها، ذكرت صحف تركية أن القوات التركية تقدمت أمس صوب مقر حزب العمال الكردستاني الواقع في جبال قنديل بالقرب من الحدود العراقية مع إيران.

وأفادت صحيفة «حريات» بأن معسكرات الحزب في منطقتي زاب ووادي جيمجو دمرت في مطلع الاسبوع وتستهدف الآن قوات الكوماندوز المدعومة بطائرات «إف 16» قاعدة قنديل التابعة للحزب.

وعلى الصعيد السياسي، أعرب الربيعي عن خشيته من حدوث مواجهات مسلحة بين الجيش التركي وقوات البيشمركة الكردية، وصرح بأنه سيكون لمثل هذا القتال عواقب خطيرة للغاية على جزء من العراق كان يتمتع باستقرار نسبي مقارنة ببقية البلاد، بحسب وكالة رويترز.

وحين سئل الربيعي عما اذا كان قلقا بشأن اندلاع مصادمات بين القوات التركية وقوات البشمركة، قال للصحفيين في بغداد إن احتمال وقوع مثل هذه المصادمات يتزايد كلما تقدم الجنود الاتراك لمسافة أكبر داخل الاراضي العراقية وطال بقاؤهم. وتابع انه ينبغي تفادي ذلك بأي ثمن، مضيفا ان مثل هذه المصادمات حتى ولو بطريق الخطأ سيكون لها عواقب خطيرة للغاية.

وحتى الآن نأت البيشمركة بنفسها عن العمليات العسكرية التركية التي تجري في مناطق جبلية نائية يندر وجود السكان بها. ويعتبر مسؤولون اكراد المنطقة خارج نطاق سيطرتهم.

ورغم ضعف تعاطف اكراد العراق مع اهداف حزب العمال الكردستاني التركي، فان هناك غضبا واسع النطاق من عملية التوغل.

ولم ترد حتى الآن انباء عن سقوط ضحايا مدنيين، ولكن سكان القرى القريبة من الحدود يقولون ان القصف المدفعي والغارات الجوية تستهدف قراهم. وفي مؤشر يدعو للقلق تقابلت القوات البرية التركية وجها لوجه مع قوات البيشمركة مرتين في الايام الاخيرة. وفي المرة الاولي قال مسؤول كردي عراقي ان قوات البيشمركة منعت دبابات تركية من مغادرة قاعدة داخل الحدود العراقية مباشرة. وتحتفظ تركيا بعدد قليل من القوات بشمال العراق منذ هجمات سابقة في التسعينات.

من جانبه، أجرى عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الاعلى الاسلامي في العراق، اتصالا هاتفيا مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وأكد من خلاله على وجوبِ الوقوف ضد ايِ شكلٍ من اشكالِ التعدي على البلاد. وقال الموقع الاليكتروني لحكومة اقليم كردستان، امس، انه جرى خلال الاتصالِ الهاتفي مناقشةُ تطوراتِ الساحة السياسية ولاسيما في الاقليمِ.

وفي تطور لاحق، أرجأ الرئيس التركي عبد الله غل زيارة مزمعة الى افريقيا هذا الاسبوع بسبب الهجوم البري الذي تشنه قواته.

وكان من المقرر أن يغادر غل البلاد اليوم في رحلة تستغرق أربعة أيام الى تنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والكونغو. وفي وقت سابق اليوم قام غل بزيارة غير متوقعة الى مقر قيادة هيئة الاركان العامة للجيش في أنقرة حيث اطلع على تطورات الحملة التي بدأت يوم الخميس. وقالت وكالة الاناضول الرسمية «تأجلت الرحلة بسبب الهجوم البري للقوات المسلحة التركية ضد المنظمة الارهابية في شمال العراق». ومن المقرر أن يحضر غل ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والوزراء ورئيس هيئة الاركان العامة جنازة تقام في أنقرة في وقت لاحق اليوم لعدد من الجنود الذين قتلوا في الهجوم البري.