وزير الثقافة الفلسطيني لـ«الشرق الاوسط»: سأترك منصبي كصرخة في وجه النظام

قدم استقالته مع مسؤول ملف المفاوضات.. واحتج على أن مشروع الاستقلال والدولة لم ينجز منه شيء

TT

قدم وزير الثقافة الفلسطيني ابراهيم ابراش، ورئيس لجنة المفاوضات حول ملف الاسرى، قدورة فارس، استقالتيهما للرئيس الفلسطيني محمود عباس، احتجاجا على سياسات السلطة الفلسطينية وطريقة معالجتها بعض الملفات المهمة والمصيرية. وأكد ابراش لـ«الشرق الاوسط» انه سيغادر منصبه احتجاجا على ما آلت اليه الاوضاع الفلسطينية العامة، في الضفة الغربية وقطاع غزة، «مع غياب أفق سياسي». واعتبر ابراش استقالته بمثابة صرخة في وجه النظام السياسي الفلسطيني بشكل عام، من دون ان ينتظر انها ستلاقي آذانا صاغية، لكنه قال «هذا واجبي، وراح اعمل اللي علي.. وسأترك الامور».

وردا على سؤال في حال لم يقبل الرئيس الفلسطيني استقالته المقدمة منذ اسبوعين (لم يكشف عنها إلا أمس)، قال ابراش «أنا مصر، وبغض النظر سأترك». وبالاضافة الى استيائه من الوضع العام فقد ساق ابراش مجموعة من المبررات التي ساعدته على اتخاذ القرار، وبينها فصل الضفة عن غزة، واستمرار أعمال الاستيطان الاسرائيلي، وغياب أفق للعملية السلمية، متحدثا عن «عبثية» المفاوضات.

ونفى وزير الثقافة أي علاقة لإعلان استقالته بالحديث الجاري الان عن تغيير تطالب به في فتح، في حكومة فياض، قائلا «استقالتي قدمتها قبل ذلك». وقدم ابراش استقالته الى عباس في السابع من هذا الشهر، بدون أن يتلقى حتى الان رداً عليها.

ولم يستبعد ابراش العودة الى قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حماس، وتحديدا الى عمله في جامعة الازهر. وفي نص الرسالة التي تناول فيها ابراش اسباب استقالته قال إن قبوله لمنصب وزير الثقافة كأنه يحمل في طياته حالة من التناقض بين القول والممارسة، إذ انتقد طويلا الخلل في الأداء السياسي للسلطة، بل كتب عن جدوى وجود سلطة وحكومة في ظل الاحتلال.

واعتبر ابراش ان المشروع الوطني (مشروع الاستقلال والدولة) لم ينجز منه شيء، «بل أصيب بمقتل في أكثر من جانب من جوانبه»، ذلك لأنه ـ كما قال ـ «بعيدا عن أوهام سلطة وحكومة ومجلس تشريعي ووزارات ومؤسسات، فإن الواقع يقول إن الاحتلال ما زال جاثما على كل الوطن بل تتم عملية شرعنة وتجميل بعض أشكال وجوده». ومثلما انتقد ابراش سياسة السلطة في رام الله، انتقد ايضا سياسة حماس التي اعتبر ان نهجها السياسي وممارساتها على الأرض دمرت المشروع الوطني، وغيرت طبيعة الصراع، من صراع مع العدو المحتل الى صراع فلسطيني داخلي حول مَن يحكم غزة.

وفي الوقت الذي قال فيه ابراش انه كان يتمنى العمل من اجل التغيير نحو الافضل، حدث العكس، «فالانشقاق والفصل يُكرسان يوما بعد يوم، والتحريض المقيت يتعاظم، ومفهوم العدو يتبدل من خارجي لداخلي، والحكومة تُسيّر الأعمال دون استراتيجية عمل وطني، والعدوان الإسرائيلي يحصد كل يوم الشهداء في القطاع، ويحصد مزيدا من الأرض والكرامة الوطنية بالاستيطان المتواصل في الضفة الغربية وخصوصا بالقدس، وآفاق التسوية المشرفة تبدو أبعد منالا». وعلى مستوى وزارة الثقافة، قال ابراش، «لا توجد موازنات، والقليل المتاح لا يساعد بالمطلق على استنهاض الحالة الثقافية وتعزيز الثقافة الوطنية التي هي اليوم مهددة بالتلاشي أو التشويه، هذا بالإضافة إلى أن الثقافة الوطنية بشكل عام ليست على سلم اهتمامات السلطة والحكومة، وكأنه أمر مقصود تحويل الشعب لمجرد جموع بشرية تُختزل طموحاتها بالمأكل والمشرب ومتطلبات الحياة اليومية بدون ناظم يحفظ لها هويتها وانتماءها وهو الثقافة الوطنية».

وقال ابراش انه لا يستطيع أن يكون متفرجا على عملية تقسيم ما كان مفترضا أن يكون أرض الوطن المستقل، وبالتالي «غير قادر على الوفاء بقسم الولاء الذي أقسمته عند تولي المسؤولية، وهو قسم ولاء للوطن وللمشروع الوطني، قررت تقديم الاستقالة من الحكومة الفلسطينية الثانية عشرة التي يترأسها الدكتور سلام فياض».

والى جانب استقالة ابراش، قدم كذلك، قدورة فارس، رئيس لجنة المفاوضات حول ملف الاسرى، كتاب استقالته من اللجنة، في رسالة وجهها للرئيس عباس، اول من امس، واوضح فيها ان سبب الاستقالة يتعلق بأسلوب ادارة هذا الملف المهم، وتجاوز لجنة الاسرى كجهة اختصاص. مؤكدا انه لم يكن هناك اي تواصل خلال الفترة المنصرمة بينه وبين رئيس طاقم المفاوضات احمد قريع، او رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات. وقال فارس انه طالب بعقد جلسة بحضور الرئيس شخصيا، ورئيس طاقم المفاوضات، ورئيس الوزراء، ووزير شؤون الاسرى والمحررين، ورئيس لجنة الاسرى في المجلس التشريعي، وذلك بغرض بلورة استراتيجية واضحة وخطط عمل، «إلا ان الاجتماع لم يتم على الرغم من مرور اكثر من شهرين على هذا الطلب» وقال فارس «ولذلك، ونتيجة لحساسية هذا الملف واهميته فقد وصلت الى قناعة بأن اقدم استقالتي».