خبراء وقانونيون: حزمة العقوبات الثالثة معتدلة وتهدف إلى إعادة إيران لطاولة التفاوض

القرار الجديد منحها مهلة 3 أشهر لوقف التخصيب .. ومصادر غربية تحذر من خطوة أكبر إذا لم تلتزم طهران

TT

عزز قرار مجلس الأمن الثالث 1803 الذي اعتمده مجلس الأمن أول من امس، من بعض العقوبات، ووسع من قائمة الأفراد والكيانات المشمولين بالعقوبات، وذهب القرار بعيدا بعض الشيء، حين فرض حظرا على توريد وتصدير المواد والسلع والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، إضافة إلى فرض بعض القيود المالية على بعض المؤسسات المالية الإيرانية، وأهاب بالدول أن تخضع الشاحنات الخارجة والداخلة من وإلى إيران إلى التفتش الطوعي. الا أن مصادر من مجلس الأمن وخبراء قانونيين في الأمم المتحدة، قالوا إن القرار الثالث لن يثني طهران من مواصلة برنامجها النووي، ولا يثنيها عن وقف أنشطة تخصيب اليورانيوم ووقف برنامج الطرد المركزي. وصرح أكثر من مصدر دبلوماسي «الشرق الأوسط» أن الإجراءات الجديدة التي لجأ مجلس الأمن إلى فرضها على إيران تبقى «بكل المقاييس معتدلة، وأنها سوف لن تؤذي إيران لكي تتراجع عن سياستها». وأوضح سفير الصين لدى الأمم المتحدة وانغ غوانغيا، أن القرار «الجديد يهدف إلى عقوبة إيران، لكن يحثها على العودة إلى طاولة المفاوضات»، ومضى يقول «ان العقوبات لا تستهدف الشعب الإيراني، وأنها لن تؤثر على الأنشطة الاقتصادية والمالية بين إيران وبقية العالم». وترك القرار الجديد فسحة واسعة لاستثناف المفاوضات بين طهران والدول الست (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والمانيا) وهذا ما نصت عليه الفقرة من 15 من القرار 1803. ويضيف السفير الصيني قائلا «إن كل العقوبات قابلة للإلغاء، إذا قررت إيران تعليق ووقف تخصيب اليورانيوم، وحل كل المسائل العالقة بينها وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية». ولكن المصادر الغربية ترى أن القرار الثالث سيمهد إلى خطوة أكبر، إذا لم تلتزم إيران بتنفيذ ما ورد في قرارات مجلس الأمن الثلاثة، وقد يقود القرار الرابع إلى عقوبات اقتصادية وتجارية قد تؤثر وتؤذي الاقتصاد الإيراني. وتفيد المصادر التي رفضت ذكر اسمها «ان كل قرارات مجلس الأمن الثلاثة قد اعتمدت وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وهي ملزمة لكل الدول الأعضاء لتنفيذ ما ورد فيها من إجراءات وتدابير». ويؤكد محللون سياسيون أن القرار الثالث سيقود إلى جولة جديدة من المفاوضات بين طهران والدول الست، وسوف تلعب إيران على عامل الوقت وستمارس المرونة والتشدد في آن واحد، حيث منح القرار الجديد إيران مهلة ثلاثة أشهر لكي تنفذ ما ورد من طلبات، خصوصا وقف وتعليق أنشطة تخصيب اليورانيوم، وقد منحت الدول الست خافير سولانا رئيس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، تفويضا جديا لقيادة الجولة القادمة من المفاوضات مع طهران. وفي فيينا عدل مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن التصويت على قرار لتعزيز الضغوط على ايران، بعد اعتماد قرار جديد في مجلس الأمن الدولي يفرض عليها عقوبات جديدة، بحسب دبلوماسيين.

في المقابل، شكل ممثلو دول عدم الانحياز، وفي طليعتها كوبا، جبهة ضد هذه المبادرة التي رأوا انها تضعف التعاون بين ايران والوكالة الأممية. وقد ندد المندوب الايراني، لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية بقرار مجلس الأمن. وركز  على تفنيد الاتهامات التي طالت النشاط النووي الايراني، خاصة التي قدمتها مصادر اميركية، لأكثر من خمس سنوات، والتي شدد انها تتكرر عند انعقاد كل مجلس امناء. رغم ما تؤكده التقارير التي ظل مدير الوكالة الدولية محمد البرادعي يرفعها لكل من مجلسي الأمن، ومجلس أمناء الوكالة، وتشير أنهم لم يحصلوا على أية اثار عسكرية، والتي تشيد بالتعاون القائم بين الوكالة وايران، والجهود التي بذلتها ايران لإكمال العمل في ست قضايا اساسية، كانت هي بمثابة حجر الزاوية في قيام الوكالة بالتحري والتفتيش حول النشاط النووي الايراني.   من جانبها كانت السفيرة الكوبية لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد صرحت للصحافيين: ان مجموعة دول عدم الانحياز بالوكالة، لن تسمح ابدا بالموافقة على ان يجيز مجلس امناء الوكالة في ختام اجتماعاته، قرارا يدين ايران بالاجماع، بل ان دول المجموعة ستقاطع اية جلسة حتى لا يكتمل النصاب، في حالة الاصرار على التصويت من قبل الولايات المتحدة وبعض حلفائها، على قرار مثل هذا، مشددة ان اسس العمل وفقا لميثاق الوكالة تختلف تماما عن اسس العمل المتبعة بمجلس الأمن، حيث تمتاز «حفنة» دول بحق النقض. من جانب آخر، أكدت مصادر غربية من داخل الوكالة لـ«الشرق الأوسط» ان الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، كانوا يرغبون في طرح مشروع قرار يدين ايران، إلا أنهم أصبحوا يتخوفون كثيرا الا يحظى بالاجماع، مما يشق صف مجلس الأمناء، وبذلك ينعكس الأمر سلبا على القوة التي صدر بها قرار مجلس الأمن، الذي نجح في اضافة حزمة ثالثة للعقوبات الدولية ضد ايران .

وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» لماذا لا تنسحب ايران من اتفاقية الحد من السلاح النووي، مبقية على عضويتها بالوكالة، تماما كما تفعل دول نووية اخرى مثل باكستان والهند واسرائيل التي لم توقع على الاتفاقية، وبذلك نجحت في بناء ترسانات نووية؟ أوضح المندوب الايراني، ان ايران وقعت على اتفاقية الحد من السلاح النووي، ابان فترة حكم الشاه، ولم تشأ حكومة الثورة الاسلامية الخروج على اتفاق دولي، فأبقت عليه. مؤكدا انهم سيطالبون بإعادة النظر في نصوص الاتفاقية وتعديلها للخلاص من سياسات التفرقة والتمييز بين من يملكون ومن لا يملكون، وللحد من ازدواجية المواقف والمعايير دوليا.

وفي طهران اعتبر متحدث رسمي أن قرار الأمم المتحدة الجديد، الذي فرض عليها عقوبات اضافية بسبب برنامجها النووي «بلا قيمة». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية محمد علي حسيني، ان هذا القرار «بلا قيمة ومرفوض ومدان».

من جانبها حثت روسيا ايران امس، على الالتزام بالقرار الجديد لمجلس الأمن، بينما اكدت واشنطن من جانبها على ان الأهم هو تطبيق العقوبات الجديدة.