عظات أحد الفصح تتحول إلى انتقادات لـ«أنانيات» السياسيين اللبنانيين

مطران بيروت للموارنة يدعو إلى «طوارئ وطنية»

TT

تصدرت الازمة السياسية في لبنان عظات عيد الفصح الذي احتفلت به أمس الطوائف المسيحية الغربية، فاستغرب رؤساء الطوائف والابرشيات «تعريض الوحدة الوطنية للانتكاس وعدم ثقة أحدنا وتسليم كل أمورنا للآخرين وكأننا لا كيان لنا» داعين الى «حالة طوارئ وطنية ولا ننفك عن التلاقي حتى نتوافق ونمشي في طريق الخلاص». واستنكر بعضهم «تخلف السياسيين والنواب الذين انتخبهم الشعب للدفاع عنه وعن مصالح الوطن العليا».

واكتفى البطريرك الماروني نصرالله صفير في عظة قداس أحد الفصح بالقول «ليس في العيد ما يبعث على الفرح والبهجة، وأسباب القلق نعرفها جميعا، ولا حاجة بنا الى تعدادها. وما نشهده من انقسام في الرأي، وفرز في الصفوف، وتباعد في وجهات النظر، وإسفاف في لغة التخاطب، وكل هذا لا يطمئن». وسأل رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر«ألا يجدر بنا اليوم في لبنان أن نضع نصب عيوننا مصالحة تنقذ بلادنا مما تتخبط فيه من مشاكل وتعيد إلى قلوبنا الاطمئنان إلى أننا لسنا خارج مسار التاريخ؟ مضيفا «إن بلادنا واحدة أردناها بشعبها وأرضها ومؤسساتها، فهل نتخلى عن هذه الوحدة وندفع بها نحو التفتت والضياع؟ وإن شعبنا بطوائفه المتنوعة وجد في وحدته حسن مصيره على مر الزمن، فهل نعرض هذه الوحدة أيضا للانتكاس؟ وهل نحن غرباء أو أعداء بعضنا لبعض حتى لا يثق أحدنا بالآخر إلى هذا الحد، وكما يبدو أننا فاعلون؟ وهل نقبل أن نسلم كل أمورنا للآخرين، من كانوا، وكأننا لا كيان لنا ولا رسالة نحملها ولا يتكل علينا كجماعة تعرف أن تحزم أمرها وتعود فتستحق بذلك الاستقلال والسيادة والحرية الكاملة؟». ودعا الى «حالة طوارئ وطنية ولا ننفك عن التلاقي حتى نتوافق ونمشي في طريق الخلاص. وليكرم بعضنا بعضا كما تعودنا فعل ذلك على مدى التاريخ فالناس عندنا يكرمون بعضهم بعضا». وقال «كلنا أهل وليس بيننا مارق عن الوطن أو غير محسوب في عداد بنائيه. ولنكرم بالأولى دم شهدائنا جميعا فهم أمانة في أعناقنا وهم خير حافز لنا لنتخطى الانقسام ونعود بفضلهم إلى الوحدة والمحبة تلف صفوفنا. وإلا فكيف نحن بالشهادة مؤمنون؟ وللحق نقول إن خلافنا الطارئ ولو طال أمده، ليس قدرا أعمى يقبع على صدورنا، وأن اتفاقنا مرغوب فيه من الجميع على الرغم من المظاهر والكلام الجافي. يكفي أن نخلق جوا إيجابيا وافيا بين الجميع، لنرى أنفسنا قادرين على التفاهم، وعلى انتخاب رئيس للجمهورية يجب أن ينتخب اليوم قبل الغد وإلى قيام حكومة وحدة وطنية ترعى شؤون البلاد إلى حين انتخابات جديدة تجري على أساس نظام صار الاتفاق عليه مفتوحا ومسهلا». ودعا متروبوليت بانياس ومرجعيون للروم الملكيين الكاثوليك المطران جاورجيوس حداد خلال قداس ترأسه في بلدة مرجعيون الحدودية الى «الصلاة من اجل ان يتنازل كل من الأفرقاء والساسة المتنازعين عن بعض من حقوقهم الشخصية وإعطاء الأولوية للمصلحة العامة». وتمنى ان تكون «التنازلات الظرفية المتعلقة ربما بكرسي اضافي او بكرسي بالناقص، لان الكراسي والحقائب والمناصب لن تدوم لأصحابها وهي لا تدوم مقارنة مع ديمومة المجتمع وبقائه في هذه الظروف الاستثنائية والصعبة التي يمر بها لبنان». ورأى كاثوليكوس الأرمن الارثوذكس آرام الأول ان لبنان يواجه صعابا جمة، أبرزها غياب رئيس للجمهورية والاستقطاب في الحياة السياسية والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يواجهها الشعب والهجرة الدائمة والمستمرة، ومشاكل عدة تقلق الشعب اللبناني. وقال «إزاء هذه الأوضاع الحرجة لا نستطيع ان نستمر لا مبالين، اننا نسأل القادة السياسيين والنواب، أنتم الذين انتخبكم الشعب لتدافعوا عنه وعن مصالح الوطن العليا، تتخلفون في واجباتكم تجاه الشعب والوطن. يبحث الشعب عن السلام والعدالة والامن، كما انه ينتظر تطبيق القانون واحترام الدستور، ولكن يا للأسف، ان الساحة اللبنانية مليئة بمظاهر سلبية وانعدام ثقة تأخذ البلاد الى الضياع والهلاك الذاتي، ان الوطن فوق كل الاعتبارات، وكذلك مصالح الناس العليا هي فوق كل المصالح الشخصية. هذا يجب ان يكون المبدأ الأساسي في توجهات المسؤولين اللبنانيين». واضاف: «نأسف ان نشهد بأن ثقافة الموت والخوف بدأت تلقي بظلالها على حياتنا اليومية، اننا نرفض هذا النوع من الثقافة، نرفض ان نسيطر بالشر والخوف والقوة، مهما حصل، سيظل لبنان بلد التعايش، التعايش الإسلامي ـ المسيحي، وإننا سوف نوطد هذا التعايش السلمي بتشبثنا واحترامنا لقيمنا المشتركة وتقاليدنا العريقة ونعمل جاهدين لترسيخهما في حياتنا العامة».