فتح وحماس توقعان اتفاق صنعاء للحوار بينهما وتختلفان حول تفسيره

الرئيس اليمني سيحاول جمع عباس ومشعل في دمشق

الرئيس اليمني علي عبد الله صالح يتوسط عزام الأحمد وموسى أبو مرزوق بينما يقرأ وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي اعلان صنعاء (رويترز)
TT

وقعت حركتا فتح والمقاومة الإسلامية حماس الفلسطينيتان على اتفاق مصالحة في العاصمة اليمنية أمس صنعاء تعهدا خلاله باستئناف الحوار بينهما بعد شهور من العداء والقطيعة. وأكد «إعلان صنعاء» الذي وقعه عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية، وموسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، على أن فتح وحماس وافقتا على المبادرة اليمنية كإطار لاستئناف الحوار. إلا أن تصريحات لاحقة لإعلان صنعاء كشفت عن تفسيرات متباينة للاتفاق الموقع. وأعلنت القيادة الفلسطينية في بيان لها أن استئناف الحوار في المستقبل «يجب أن يتم لتنفيذ المبادرة اليمنية بجميع بنودها وليس للتعامل مع تلك المبادرة كإطار للحوار، لأن ذلك لن يؤدي إلى نتيجة». وتابعت القيادة «بنود المبادرة اليمنية واضحة، ونحن نريدها للتنفيذ، وليس للتحاور». وفي المقابل، قالت حماس إنها ترفض هذه الاشتراطات، وأكد سامي أبو زهري، الناطق الرسمي باسم حماس، لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق يعني لحماس، إطارا للحوار، وليس شروطا للتطبيق. وسينطلق الحوار في ابريل (نيسان) المقبل، كما قال أبو زهري، من دون أن يحدد موعدا لانطلاق الحوار، وان كان يرجح الخامس من أبريل، كما لم يحدد مكانا لإجراء الحوارات، قائلا انه «من غير المعروف الآن. ربما صنعاء». وكشفت مصادر فلسطينية موثوقة لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أجرى اتصالات مع كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، لعقد لقاء ثلاثي معهما في دمشق على هامش مؤتمر القمة العربية للتباحث في مستقبل الحوار الوطني بعد التوقيع على «إعلان صنعاء» وشددت مصادر فلسطينية على أن التوقيع على «إعلان صنعاء»، لا يعني حدوث انطلاقة، منوهة الى أن كلاً من حركتي فتح وحماس تفسران البند الأول من المبادرة اليمنية الداعي الى عودة الأمور الى ما كانت عليه قبل سيطرة حماس على القطاع وفق مواقفهما المسبقة. وأشارت المصادر الى أن فتح ما زالت ترى أن هذا البند يعني انه يجب إعادة مقاليد الأمور في القطاع لعباس واجهزته الأمنية، في حين ترى حماس أن ذلك يعني عودة حكومة الوحدة الوطنية برئاسة إسماعيل هنية الى جانب إلغاء كل المراسيم التي أصدرها عباس في أعقاب الحسم العسكري والتي أبرزها الإعلان عن حركة حماس حركة غير قانونية في الضفة الغربية.

وقال «إعلان صنعاء»: «نوافق نحن ممثلي حركتي فتح وحماس على المبادرة اليمنية كإطار لاستئناف الحوار بين الحركتين للعودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل أحداث غزة تأكيدا لوحدة الوطن الفلسطيني أرضا وشعبا وسلطة واحدة».

وقال عزام الأحمد لوكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية «إن المبادرة اليمنية بقيت كما هي، وإن الخطوة القادمة سيقوم بها الإخوة في القيادة اليمنية للاتصال بالأطراف المعنية من اجل تحديد موعد لبدء الحوار لتنفيذ بنود المبادرة اليمنية وتهيئة الأجواء لبدء هذا الحوار». من جانبه شدد أبو زهري، على أن التوقيع على الاتفاق «يعني بالنسبة لحماس أن هذه المبادرة هي إطار للحوار وليس شروطا مسبقة للتنفيذ، كما تعني ان الحوار سيشمل الأوضاع في غزة والضفة معا». وقال أبو زهري إن الحركة شددت على أن يتضمن النص معالجة الأوضاع في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، إذ تشكو حماس من استهداف واعتقال وإقالة وقطع رواتب قياديين وناشطين في الحركة.

وكانت هذه النقطة، كما قال أبو زهري قد عطلت التوصل الى اتفاق في الأيام الماضية. وتدعو المبادرة اليمنية أيضا إلى إجراء انتخابات فلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية أخرى، وإصلاح قوات الأمن الفلسطينية على أساس وطني لا على أساس فصائلي. ولم يبحث الفصيلان أيا من التفاصيل، وقال أبو زهري «كلها مؤجلة على طاولة الحوار». وهذه هي المرة الأولى التي يلتقي فيها محاورون من حماس وفتح بشكل مباشر من اجل التوصل الى اتفاق لإنهاء حالة الانقسام. ومن غير المعروف ما إذا كان الحوار الذي سينطلق الشهر القادم سيفضي الى اتفاق نهائي بين الفصيلين المتناحرين. وقال أبو زهري انه لا ضمانات قدمت أثناء حوارات اليمن، إلا أن حماس جادة في التوصل الى اتفاق.

ورفضت حماس إجراء حوار مع وفد منظمة التحرير الفلسطينية، وحاور أبو مرزوق الأحمد مباشرة كونه ممثلا لحركة فتح فقط. ولا تعترف حماس بمنظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني. من جانبه هنأ الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حركتي فتح وحماس والشعب الفلسطيني بالتوقيع على إعلان صنعاء بالموافقة على المبادة اليمنية كإطار لرأب الصدع بين الطرفين.

وقال عقب التوقيع على الاتفاقية «نهنئ شعبنا الفلسطيني على التوقيع على المبادرة، وأعتقد أنها ستحدث انفراجا كاملا وتبدأ بتعزيز الثقة بين كل من فتح وحماس وبقية الفصائل الفلسطينية». وطلب الرئيس اليمني من فتح وحماس «التهدئة وعدم التصعيد الإعلامي»، كما دعا إلى بداية الحوار مطلع الشهر القادم. وقال «سوف يستضيفكم اليمن لاستئناف الحوار». وأضاف «خففوا من معانات الشعب الفلسطيني باتفاقكما كونكما الفصيلين الرئيسيين، وأنا متأكد أن بقية الفصائل الفلسطينية ستكون داعمة لما تتوصلون إليه في فتح وحماس».

وأكد الرئيس صالح أن «هذه الاتفاقية أو ما تم الاتفاق عليه سوف يدرس ضمن جدول مؤتمر القمة القادم الذي سينعقد في دمشق، وإنشاء الله لن تكون مبادرة يمنية فقط ولكن ستكون مبادرة عربية وباسم الأشقاء في القمة العربية القادمة في دمشق».

الى ذلك رحب مسؤول في حركة فتح بالتوقيع على «إعلان صنعاء». وقال الدكتور عبد الله عبد الله، رئيس اللجنة السياسية في المجلس التشريعي والقيادي البارز في حركة فتح، إن التوقيع على الاتفاق «يجب أن يشكل انطلاقة لوضع حد للنزاع الفلسطيني الداخلي». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أكد عبد الله أن الخلافات بين حركتي فتح وحماس شكلية، منوهاً الى أن الطرفين كانا يدركان الشروط اللازمة لإنجاح الحوار الوطني. واعتبر عبد الله أن موافقة كل من حماس وفتح على التوقيع على هذا الاتفاق جاءت في إعقاب إدراك كل من الحركتين أن إسرائيل هي المستفيدة الوحيدة من حالة الانقسام. وأضاف قائلاً «هناك حاجة ماسة لإعادة اللحمة للصف الفلسطيني في ظل استغلال إسرائيل لحالة الانقسام في مواصلة الاستيطان وتشديد اجراءاتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني». ونفى عبد الله أن يكون الرئيس عباس متأثراً بـ«فيتو» إسرائيلي أميركي يرفض استئناف الحوار مع حركة حماس. وأضاف أنه لو كان هناك مثل هذا الفيتو لما وافقت حركة فتح على المبادرة اليمنية. ورحب أيمن طه القيادي البارز في حركة حماس بالتوقيع على «إعلان صنعاء»، مشدداً على أنه يشكل «إطاراً للحوار بين الحركتين». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال طه إن الانطلاقة التي سمحت للحركتين بالتوقيع على الإعلان بعد ان وافق اليمن على تضمين المبادرة، إشارة الى التزام الحركتين بوحدة الضفة الغربية وقطاع ووحدة النظام السياسي الفلسطيني. ورفض طه الخوض في تفسير حركته للبند القائل بوجوب عودة الأوضاع الى ما كانت عليه قبل الحسم العسكري، قائلاً إنه يفضل أن حركته ستقول ما لديها عند التئام الحوار بين الحركتين. من ناحيته اعتبر طلال أبو ظريفة، عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أن موافقة حركتي فتح وحماس على المبادرة اليمنية تشكل فرصة لوضع حد لحالة الانقسام الفلسطيني واستعادة وحدة الوطن والمؤسسات الفلسطينية. واعتبر أبو ظريفة في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن الحوار الوطني الشامل وليس حوار المحاصصة الثنائية، هو طريق الخروج من كارثة الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.