إطلاق برنامج إماراتي نووي سلمي يتضمن «إقامة منشآت نووية»

الإمارات أجرت مشاورات مع ثماني دول لمساعدتها في دخول النادي النووي

الحكومة الاماراتية خلال جلستها أمس التي أطلقت فيها برنامجها النووي («الشرق الأوسط»)
TT

باتت دولة الإمارات العربية المتحدة أول دولة خليجية تعلن رسميا إطلاق برنامج نووي للأغراض السلمية، حيث أعلنت الحكومة أمس عن البدء بالعمل على تطوير برنامجها النووي للأغراض المدنية، في حين سيتم إنشاء مؤسسة تتبنى مهمة تقييم وتطوير هذا البرنامج برأس مال أولي يقدر بـ100 مليون دولار أميركي، كما تسعى الامارات لتأسيس هيئة للطاقة النووية لهذا الغرض.

وبررت الحكومة الإماراتية قرارها بالدخول في النادي النووي، وفقا للمذكرة التي عرضها الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية على مجلس الوزراء، بأن التحليلات التي أجريت مؤخرا من قبل جهات رسمية في دولة الامارات بشأن الطلب والعرض على الكهرباء المحلية في المستقبل «توصلت الى الاستنتاج بأن توليد الكهرباء باستخدام الطاقة النووية يمثل خيارا منافسا من الناحية التجارية، وواعدا من الناحية البيئية الامر الذي سيؤدي الى تحقيق اسهامات كبرى في اقتصاد الدولة وأمن طاقتها مستقبلا».

وأكد الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الاماراتي أن بلاده ستنشر قريبا التفاصيل الكاملة المتعلقة بهذا المشروع «وذلك حرصا من دولة الامارات على التعامل معه بشفافية تامة أمام المجتمع الدولي»، مضيفا انه سيتم وضع برامج تثقيفية للمواطنين الاماراتيين بشأن هذا المشروع.

وقالت مصادر أن الإمارات أجرت مشاورات عامة مع حكومات ثماني دول هي فرنسا والولايات المتحدة وألمانيا وروسيا والصين والمملكة المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، فيما يتعلق بصياغة مسودة وثيقة سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن تقييم وإمكانية تنفيذ برنامجها النووي.

ويرجع المسؤولون الإماراتيون حماسهم بالاتجاه للطاقة النووية بسبب الزيادة الكبرى في استهلاك الطاقة، ورغبتهم في التحول نحو الطاقة المتجددة أو النووية. ويؤكد خبراء الطاقة ان دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة لمضاعفة طاقتها الانتاجية من الكهرباء والمياه لمواجهة تحديات الطلب المتنامي على الكهرباء والموارد المائية في المنطقة. وبحسب تقارير شبه رسمية فان دول الخليج ستحتاج إلى 100 الف ميغاواط من الطاقة الإضافية خلال السنوات العشر القادمة لمقابلة متطلباتها، بحسب مجلس الطاقة العالمي. وسعت الحكومة الاماراتية خلال إطلاق برنامجها النووي للكشف عن ما أسمته بـ«نواياها بشأن الطاقة النووية»، حيث أكدت على التزاماتها بالشفافية التامة في مجال تشغيل المحطات النووية، وبتحقيق أعلى معايير حظر الانتشار النووي، وبتحقيق أعلى معايير السلامة والأمان، كما أكدت على حرصها على العمل بشكل مباشر مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والالتزام بالمعايير التي حددتها الوكالة لتقييم امكانية انشاء برنامج للطاقة النووية السلمية.

وتركت الحكومة الإماراتية الباب مواربا أمام أي تعاون مع «مؤسسات وحكومات الدول الصديقة وبمساعدة المنظمات العالمية ذات الخبرة في هذا المجال»، بهدف تطوير برنامج محلي للطاقة النووية للأغراض السلمية بمشاركة.

وكان لافتا أن الإعلان الإماراتي أشار إلى أن البرنامج النووي المرتقب، سيكون مفتوحا للاستفادة منه سواء في جانب الطاقة النووية، أو حتى إقامة منشآت نووية داخل الدولة «في حال قررت ذلك».

وفيما يتعلق بالالتزامات المرتبطة بالتقييم الجاري للطاقة النووية، فقد قالت الحكومة الإماراتية أنها لن تتردد في طلب المساعدة على مستوى الحكومات، وطلب التعاون التقني من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن هيئات دولية أخرى ذات خبرة في هذا المجال. وستقوم السلطات الإماراتية بتشكيل مجلس استشاري يتكون من خبراء دوليين معترف بهم في مختلف المجالات المرتبطة بقطاع الطاقة النووية، بالإضافة إلى وضع آليات فعالة لاعلام ومشاركة المجتمع. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قد تبنت في ديسمبر 2006 في قمة الرياض الخليجية، برنامج مشترك لدول مجلس التعاون للاستخدامات السلمية للطاقة النووية، ليمهد لنوايا هذه الدولة في امتلاك تقنية الطاقة النووية في توليد الطاقة الكهربائية وتحلية المياه وذلك تحت الإشراف المباشر للوكالة الدولية للطاقة الذرية. وشددت الحكومة الإماراتية على أن برنامجها النووي سيكون ضمن مبادرة مجلس التعاون الخليجي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وبحسب توقعات الخبراء فإن توجه دول الخليج نحو الطاقة النووية، سينحصر في إنشاء مفاعلات صغيرة للبحث العلمي، وربما لتحلية المياه وللاستخدامات الطبية على مستوى محدود. وذلك من أجل إنشاء قاعدة علمية وطنية من الخبراء والمهندسين والتقنين النوويين، الذين يمكن أن يطوروا هذا المجال بشكل أكبر في المستقبل. ويتضمن البرنامج النووي الأماراتي عرضا لإقامة مشاريع مشتركة لإنشاء وتشغيل منشآت الطاقة النووية مستقبلا على المستثمرين الأجانب. في حين سيتم اعتماد مفاعلات الجيل الثالث المتقدمة فقط التي تعمل بالمياه الخفيفة والتي تمنح ضمانات سلامة إضافية.

وكانت الامارات وفرنسا قد أبرمتا مطلع هذا العام، اتفاقية للتعاون الثنائي يؤسس لإنشاء أول مفاعل خليجي سلمي في دول الخليج. وأعلنت شركات فرنسية عن رغبتها في المنافسة على حصة من هذا المفاعل النووي الذي قدرت تكاليفه بنحو 5.5 مليار دولار أميركي. بهذا المشروع، لكن مصادر أكدت أن الاتفاقية لا تتضمن حصر تنفيذ المفاعل النووي المرتقب في الشركات الفرنسية فقط.