علاوي لـ«الشرق الاوسط» : أميركا لا تعرف ماذا تريد وارتكبت 3 أخطاء قاتلة في العراق

رئيس أول حكومة بعد سقوط صدام: الأوضاع تسير من سيئ إلى أسوأ * قال إنه لم يؤيد قرار الحرب بل مبادرة الشيخ زايد

اياد علاوي
TT

يشخص الدكتور اياد علاوي رئيس القائمة العراقية وأول رئيس حكومة عراقية بعد سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، الأوضاع في العراق بعين وفكر سياسي خبر الأوضاع السياسية في العراق منذ ان كان في الثامنة عشر من عمره، ومن ثم معاصرة الاحداث من مواقع مختلفة حتى اختلافه مع صدام حسين وهروبه الى لبنان لتأسيس حركة سياسية وطنية «الوفاق الوطني العراقي» والاعلان في لندن عن قيادته لهذه الحركة المعارضة للنظام السابق.

علاوي العائد من العراق، حيث كان قد التقى عددا من القادة والشخصيات السياسية العراقية، في مقدمتهم الرئيس جلال طالباني، ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، ونائبا الرئيس عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي، وقادة كتل سياسية أخرى، تحدث لـ«الشرق الاوسط» في لندن بمناسبة مرور خمس سنوات على الحرب التي قادتها الولايات المتحدة على العراق تحت ذريعة تحرير البلد من نظام صدام حسين.

الأمين العام لحركة الوفاق الوطني، أكد أنه وحركته «لم نكن مع قرار الحرب، بل نحن أيدنا وعملنا من أجل إنجاح مبادرة الشيخ زايد (رحمه الله)».

وفيما يلي نص الحديث:

* أنت العائد توا من العراق، كيف تلخص لنا الأوضاع هناك بصورة مختصرة؟

ـ للأسف اقول إن الوضع في العراق يسير من سيئ الى أسوأ، من حيث الأمن، ليس هناك أي تقدم يذكر ولا استقرار أمني، ومن ناحية الخدمات فهي متوقفة، اما الحالة الاقتصادية فوضعها مزر وليس هناك أي نمو او بناء ولا يوجد تقدم في الحالة الاقتصادية للمواطن العراقي.. والأخطر من هذا هو ان النظام يبتعد بخطى ثابتة عن المصالحة الوطنية.

* هل ترون في الأفق ثمة ما يدل على تقدم الاوضاع في المستقبل القريب؟

ـ دعني أستعين بما قاله المرشح للرئاسة الاميركية جون ماكين وهو قريب من دائرة القرار الاميركي، فهو يؤكد ان انسحاب القوات الاميركية والبريطانية من العراق سوف يسبب كارثة حقيقية للعراق، علما ان القوات البريطانية في البصرة، وهي واحدة من أهم واكبر مدن العراق، قد انسحبت الى المطار، هذا ما قاله ماكين، او الراعي الاميركي للبلد، والشيء المؤسف ان هذا الكلام يأتي بعد مرور 5 سنوات على الحرب ودخول العراق السنة السادسة. وهذا يعني ان المستوى بلغ تحت الصفر، وليس صفرا. ويعني ان العراق غير مؤهل لأن يستقر أمنيا. هذا يدفعنا لأن نتساءل الى متى ستبقى الاوضاع هكذا؟ ومتى سيحصل العراق على سيادته الناجزة ويبني نفسه. دخلنا السنة السادسة والعراق في تراجع ويواجه التحديات الامنية والاقتصادية. متى ستتحسن الأمور في البلد، بعد 50 سنة أخرى مثلا متى يحصل العراق على حكم وطني واستقلال كامل؟ وما هي استراتيجية او خطة القوات الاميركية، هذا غير واضح حتى اليوم.

* إذن كيف تفسرون بقاء الحكومة العراقية على سدة الحكم اذا كانت الاوضاع سيئة الى هذا الحد؟

ـ الحكومة باقية لأسباب قسم منها منطقي وأخرى خارجية، بعض الاطراف الاقليمية تقول ان هذه الحكومة تعبر عن الوضع الذي يجب ان يكون عليه العراق اليوم، اما الاطراف الدولية فهي تفكر بالاوضاع الراهنة وليس في مستقبل العراق، وأبرز هذه الاطراف هي أميركا المنشغلة اليوم بانتخابات الرئاسة وبرامج الدعاية لهذه الانتخابات. الادارة الاميركية ستتغير وهي غير مهتمة اليوم بالوضع العراقي بسبب التزاماتها داخليا، لهذا من الافضل بالنسبة لاميركا ان تبقى الاوضاع في العراق على حالها الآن. أما ايران فهي راضية عن الاوضاع بدليل زيارة الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد. ثم ان القيادة الايرانية تدعم هذه الحكومة.

الوزارة العراقية مشلولة بعد ان تركتها العراقية والصدريون والتوافق، وليس هناك جهود حقيقية لترميم الوضع. هناك أزمة فعلية في الحكومة وهذا يسبب وضعا مرتبكا وفوضى عارمة يدفع ثمنها الشعب العراقي ومستقبله، وثمن ذلك هو دماء العراقيين.

ان رئيس الوزراء مطالب باتخاذ حل سريع؛ فالوزارة أصبحت معلقة والبلد معلق، ومفاتيح البلد بأيدي من يحكم. البقاء بهذه الفوضى يأتي على حساب الشعب العراقي، الحكومة مطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة لوضع الامور بنصابها الصحيح وبخلافها سيزداد الوضع سوءا. هناك أزمات في القوانين، النفط والمحافظات، والحكومة مطالبة بحلها، البلد باقي معلق ولا بد من الوصول الى نتيجة.

* كيف تنظرون لزيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد الى العراق؟

ـ زيارة نجاد من وجهة نظري، هي رسالة الى عموم المنطقة والأميركان والعالم وتتعلق بالوضع الداخلي العراقي، هذه الرسالة تقول في جوانبها الخفية للعالم كله، واميركا خاصة، انه تعالوا وابحثوا الامور معنا ونحن الطرف القوي في المعادلة.

* تردد أن السفير الايراني في بغداد طلب منكم مقابلة الرئيس نجاد خلال وجوده في بغداد، ما هي صحة ذلك؟

ـ السلطات العراقية هي التي طلبت مني ذلك، وقالوا إن نجاد يريد مقابلتي، ثم جاء السفير الايراني الى مكتبي وطلب مقابلتي للرئيس نجاد، وقلت له ان ما يعنيني في الامر هو ان تكون هناك حالة من الاستقرار والتوازن وعدم التدخل في شؤون الآخرين، وان يكون حوار حقيقي لبحث سلة المشاكل بين العراق وايران، ثم بحث مشاكل المنطقة في الامارات والبحرين ولبنان وفلسطين وسورية وأينما توجد ايدي ايرانية فيها. وتفهم السفير الايراني الموقف، وأبلغته بأننا جاهزون للحوار مع الرئيس الايراني وفق هذه الرؤية سواء في بغداد او طهران. ونحن ننتظر الجواب. إذا كان عندهم استعداد للحوار فنحن له. نحن نتفهم ان ايران دولة جارة وتربطنا بها علاقات تاريخية وجغرافية، لكننا حريصون على سيادة ووحدة العراق وعدم تدخلها في الشأن العراقي كما عدم تدخل العراق في الشأن الايراني.

نعم زيارة الرئيس الايراني وفي هذا الوقت بالذات هي رسالة الى السلطة في العراق تقول نحن معكم والى دول الخليج المجاورة واميركا، هي رسالة اننا الطرف الرئيس في المعادلة العراقية وعليكم الحوار معنا.

* إذن كيف تنظرون الى موقف ايران من الجزر العربية، خاصة وان انشقاقا حصل في موقف الوفد العراقي الى مؤتمر البرلمانيين العرب الذي عقد في أربيل مؤخرا حول موقف العراق من هذه الجزر؟ ـ أنا اطلعت للأسف على موقف البعض في وفد العراق الى مؤتمر البرلمانيين العرب، حيث وقف قسم منهم الى جانب ايران في مسألة عائدية الجزر والقسم الآخر وقف ضد إيران، هذا شيء محزن للغاية ويدعو للأسف. نعم هناك أزمة الجزر التابعة لدولة الامارات العربية، ويجب ان نكون طرفا مهما في اعادة الحق لأهله وهذا واجبنا كدولة عربية وإسلامية، وكدولة يجب ان تكون ممتنة لمواقف الامارات العربية وأبرزها موقف الشيخ زايد (رحمه الله) بمبادرته التي دعت صدام حسين الى التنحي عن السلطة وتجنيب العراق والمنطقة ويلات الحرب وكأنه كان يرى بوضوح نتائج هذه الحرب. ولا اريد ان أعدد هنا ما عملته الامارات للعراق لتغيير نظام الحكم. وسأكشف للمرة الاولى سرا هو اننا عندما كنا في المعارضة كنا نجتمع بشيوخ عشائر عراقية يأتون من بغداد الى الامارات سرا وفي عهد صدام حسين، وهذا سر أكشفه للمرة الاولى، كنت اجتمع مع شيوخ عشائر وشخصيات سياسية عراقية في الامارات من اجل تغيير نظام صدام حسين، ناهيك من انها دولة شقيقة.

*هناك من يلاحظ انحسار العراق كدولة عربية عن المواقف العربية؟ ـ هذا ما أريد أن ألقي عليه الضوء. الغريب أن أميركا تقول اليوم ان على العرب ان يبعثوا بسفرائهم الى العراق. أنا استغرب هذه الدعوات، ذلك ان الدول العربية كانت سباقة لدعم الموقف العراقي، فالسعودية والكويت والإمارات وسورية انطلقت منها قوى المعارضة في بداية العمل على تغيير النظام، والدول العربية اول من ارسلت سفراءها الى العراق قبل الكثير من الدول الغربية، والدول العربية لم تتدخل في الشأن العراقي بناء على نصيحة اميركية. السفارات الوحيدة التي انتهكت وقتل سفراؤها او موظفوها هي السفارات العربية، واليوم من الغريب ان توجه التهم بواسطة الاعلام الى الدول العربية باعتبارها مصدرا من مصادر الارهاب وهذا فيه تجن، هناك منهجية لإبعاد العراق عن الدول العربية وهذا لم ينجح لأن الشعب العراقي واع وينتمي للأمة العربية، وعلى ايران ان تعمل على تقوية علاقات العراق بأشقائه العرب لأننا يجب ان نحمي المنطقة وليس اميركا او بريطانيا، وأفترض ان ايران يجب ان تكون لها مصلحة بقوة الدول العربية في المنطقة، وبعكسه فان طريقة إضعاف علاقات العراق بجيرانه العرب خاطئة.

* بعد 5 سنوات على الحرب كيف تنظرون الى الأمور اليوم؟

ـ نحن كنا مع تغيير النظام من داخل العراق ومع قوى التغيير، وهي القوى المدنية والعسكرية وشيوخ العشائر والبعثيون، ونحن في الوفاق تبنينا مبادرة الشيخ زايد. هناك 3 أخطاء استراتيجية قاتلة اقترفتها الادارة الاميركية، وهي تفكيك الدولة العراقية، ووضع العراق على طريق المحاصصة الطائفية والسياسية، والسكوت على تدخل دول الجوار التي قوت نفوذها، وصارت هذه الدول هي التي تتحكم بالوضع العراقي اليوم.

كان همنا ان النظام الدكتاتوري ينتهي وان تبقى الدولة العراقية. ولم يكن في حساباتنا ان تتفكك الدولة بهذه الطريقة، وأنا تصديت لهذا قبل وأثناء وبعد الحرب وحتى اليوم.

كل النتائج التي نعيشها اليوم هي بسبب السياسات الخاطئة سواء قبل او بعد الحرب، حل الجيش واجتثاث البعث حصل قبل الحرب وتبنته مجموعة من العراقيين. الكارثة الحقيقية هي ان اميركا لا تعرف ماذا تفعل وعلينا تنبيهها الى الطريق الصحيح.

* قمتم بزيارة الى اقليم كردستان واجتمعتم مع مسعود بارزاني رئيس الاقليم، كيف تقيمون علاقتكم بالأكراد اليوم؟

ـ علاقتنا مع الاكراد تنبع مما هو سياسي وشخصي واجتماعي. الاكراد لعبوا دورا مهما عبر الثورة الكردية سواء بقيادة الزعيم ملا مصطفى بارزاني او بعده. وهم استضافوا قوى سياسية وتحملوا مخاطر وجود هذه القوى. الشعب الكردي شعب مسالم وطيب وقد احتضننا. نحن ننظر الى الاكراد باعتبارهم جزءا لا يتجزأ من الشعب العراقي، فهناك اكراد في كل مكان من العراق، وربما عدد الاكراد الذين يعيشون في جنوب العراق هو نصف من يعيش اليوم في اقليم كردستان. أنا شخصيا تربطني مع الأخ مسعود بارزاني علاقات وتقارب شخصي حتى عندما نختلف نختلف كاخوة ورجال ونتفق كاخوة ورجال وضمن مواقف مبدئية والموقف لا يحتاج الى توثيق..

* لماذا لم تتحالفوا كقائمة عراقية مع الاكراد إذن؟

ـ لقد حاولنا ان نرشح للانتخابات بقائمة واحدة مع الاكراد وحصل ما حصل، حيث فضلوا هم الترشيح بقائمة كردية مستقلة، لكن الاخوة الاكراد اكتشفوا، ان الحقيقة هي حيثما انطلقت العراقية التي تصر على الابتعاد ونبذ المحاصصات السياسية والطائفية، وان العراق للعراقيين بغض النظر عن القومية والمذهب، وهذا سيفتح الابواب على تحالفات عراقية أساسها الولاء للعراق.

* هل عندكم مشروع سياسي جديد؟

ـ ليس جديدا، بل نحن نعمل على مشروعنا الذي بدأناه قبل اقل من سنة وعلى تشكيل تكتل وطني يعمل من خلال العملية السياسية، تحالف على الصعيد النيابي والشعبي، شعاره هو ان العراق للعراقيين وان يكون عراقا مستقلا ملتزما بوجود الأكراد والتركمان وإلغاء الميليشيات وإجراء انتخابات نزيهة وحقيقية. وقد بدأنا بتشكيل لجان إعداد لمؤتمر وطني لهذا الآن المشروع الذي نتحرك باتجاهه وهو امتداد لما كنا نعمل من أجله وهو قيام جبهة اتخذت اميركا موقفا ضده معتقدة أننا كنا نريد تغيير الوضع بواسطة القوة العسكرية واليوم فهمت انها جبهة سياسية واكتشف الآخرون أن هدفنا ضد التقوقع الطائفي والقومي وهذه هي خطط العراقية ونحن فخورون بطروحاتنا هذه.