خالد الحبيشي نموذج لاستغلال الشباب في القضايا الدينية

بن لادن قال له: «لا تخوننا ولا نخونك».. ثم عرض عليه قطعة أرض لإغرائه بالالتحاق بـ«القاعدة»

خالد الحبيشي (واشنطن بوست)
TT

الدعوة الى الدفاع عن القرآن والمسلمين وشيء من غياب الهدف أفضيا بخالد الحبيشي الى معسكر تدريب للانفصاليين في جنوب الفلبين والى جبال أفغانستان حيث أجريت مقابلة معه بهدف حصوله على عمل مع إسامة بن لادن.

والحبيشي، 32 عاما، وهو مواطن سعودي، كان من بين المقاتلين العرب مع بن لادن في جبال تورا بورا خلال القصف الأميركي لأفغانستان عام 2001. وفي ما بعد قضى وقتا في السجن العسكري بخليج غوانتانامو وفي سجن سعودي. وأطلق سراحه عام 2006 في عالم تغير جذريا جراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. فلم يعد المقاتلون المسلمون يصورون في البلاد العربية باعتبارهم أبطالا كبارا، وتوقف رجال الدين عن تحفيز المسلمين الشباب على اداء واجباتهم الدينية عبر القتال نيابة عن اشقائهم.

كما أن الحبيشي تغير. فقد خاب أمله في بن لادن الذي قال عنه إن مثاليته السابقة تحولت الى إرهاب، مضيفا أن عائلته، وليس بن لادن، كانت قد عانت عندما كان سجينا في غوانتانامو.

وتوفر الوثائق الحكومية الأميركية وسلسلة المقابلات التي أجريت مع الحبيشي نظرة نادرة الى عقل ودافع رجل تدرب لخوض حرب دينية ولم يشارك في معركة، وهو يقول الآن انه يؤمن بالعملية السياسية. وحياته اليوم في مدينة جدة روتينية ومريحة. وفي معظم الأيام يستيقظ قبل الفجر ويتناول القهوة السريعة التي تعدها زوجته ويركب الباص لمدة 90 دقيقة ليصل الى مقر عمله كموظف سيطرة في شركة. وقال انه «لولا أن الحكومة ساعدتني على الزواج والحصول على وظيفة ربما كنت في العراق الآن». وفي عام 1995 كان الحبيشي طالبا في الكلية في التاسعة عشرة من عمره يبحث عن معنى لحياته. وكان بن لادن بطلا بالنسبة للكثير من المسلمين. وكانت المواعظ المسجلة على اشرطة الفيديو حول ما كان يجري في البوسنة مثيرة وملهمة له ولغيره لخوض الحرب ضد أعداء الإسلام.

وقال «لم أكن استطيع النوم ليلة واحدة وأنا أعلن ان النساء يغتصبن والأطفال يذبحون لا لشيء سوى كونهم مسلمين. وكان علي أن افعل شيئا». وبحلول الوقت الذي اتصل فيه بالعرب في البوسنة كانت الحرب قد وضعت أوزارها. ولهذا أخذ الحبيشي عطلة من عمله في الشركة لمدة خمسة أسابيع واتجه الى جنوب الفلبين حيث عاش في معسكر للمقاتلين العرب. وقال انه نام بصورة هادئة للمرة الأولى منذ أن رأى أشرطة البوسنة ولكن وضع الانفصاليين الفلبينيين لم يرق له فشعر بالحاجة الى تدريب أفضل. ورتبت صلاته توجهه الى أفغانستان، وفي عام 1997 ذهب الى معسكر في مدينة خوست الجنوبية. وتدرب على اطلاق الصواريخ والمدافع المضادة للطائرات والأسلحة المضادة للدبابات وصواريخ «الآر بي جي» وأصبح خبيرا في المتفجرات.

وقبل انتهاء عام 1999 أصبح القتال في أفغانستان ذا طابع إثني. فبادر إلى حزم حقائبه والعودة إلى السعودية، وقال«لم أكن في أفغانستان لمساعدة الأفغان يقاتلون أفغانا لمكاسب سياسية. إذا كان علي أن أقتل فيجب أن أقتل لأمر ذي معنى».

وحالما توجه صوب بلده جرى اعتقاله في باكستان بمطار بيشاور وأرسل إلى السجن.

وقال الحبيشي إنه أطلق سراحه بعد شهرين، لكن الباكستانيين احتفظوا بجواز سفره. فسافر بجواز سفر مزور إلى اليمن، وهناك تم تهريبه إلى السعودية حيث عاد إلى عمله في شركة للخدمات البيتية.

وعلم بعد عامين أنه كان مطلوبا لإجراء تحقيق معه من قبل السلطات السعودية. وخوفا من الوقوع في السجن هرب من بلده بواسطة جواز سفر مزور وعاد إلى أفغانستان في مايو (أيار)2001 حسبما قال.

وخلال سنوات مغادرته لأفغانستان تحولت «القاعدة» إلى جسم شبيه بالشركة، إذ توسعت كثيرا وأصبح في حوزتها الكثير من السيارات والبيوت الآمنة، كما تنامت قوة طالبان التي تسلمت السلطة عام 1996 حيث تمكنت من السيطرة على معظم أجزاء أفغانستان وأصبحت أكثر قوة.

وأصبح الحبيشي خبيرا في شد المتفجرات بواسطة جهاز سيطرة عن بعد من خلال استخدام هاتف جوال ومفاتيح خفيفة. وتحت شعور بالإعجاب بمهارته طلب منه أحد مساعدي بن لادن الانضمام الى «القاعدة» أو على الأقل الالتقاء ببن لادن.

ويتذكر الحبيشي أنه قضى نصف ساعة مع أسامة بن لادن في مدينة قندهار في صيف 2001. وحينما سأله عن واجباته في حال التحاقه بـ«القاعدة»، قال بن لادن: «ألا تخوننا ولا نخونك». ثم عرض عليه قطعة أرض.

وفي السنوات التي قضاها وهو يساعد المسلمين قال الحبيشي إنه يندم على عدم قيامه بالمزيد. وأضاف «كان حلمي أن أحارب حينما يكون هناك قتال، وأعلّم الأطفال حينما يكون هناك سلام. أنا متأسف لما تركناه من حروب وموت في أفغانستان. أتمنى لو اننا بنينا مستشفيات أو مدارس».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»