رهبان بوذيون يتظاهرون أمام الصحافيين ويؤكدون أن الدالاي لاما لا علاقة له بأعمال الشغب

الحكومة الصينية تنظم زيارة للصحافيين إلى لاسا لتظهر عودة الهدوء إلى التبت

TT

استغلت مجموعة من الرهبان البوذيين في التبت زيارة عدد من الصحافيين للاقليم، للتجمع واطلاق هتافات وشكاوى حول غياب الحرية الدينية والكبت الذي تمارسه عليهم السلطات الصينية. وأربك الموقف الحكومة الصينية، التي نظمت جولة لعدد من الصحافيين في لاسا عاصمة التبت، لتُظهر عودة الهدوء الى الاقليم بعد أحداث العنف الذي نشبت أخيرا. وظهرت فجأة امام الصحافيين مجموعة من 30 راهبا يرتدون ثيابا حمراء، في الوقت الذي كان مسؤولون حكوميون يصطحبون الصحافيين، الى معبد جوخانج، أحد المزارات المقدسة في التبت. وهتف أحد الرهبان: «التبت ليست حرة! التبت ليست حرة!». ونقل مراسل وكالة الاسوشييتد برس عن رهبان قولهم، إن زعيمهم الروحي في المنفى الدالاي لاما لا علاقة له بأحداث الشغب، التي قام بها بعض سكان التبت ضد الحكومة. الا ان المشهد لم يرق للمسؤولين المرافقين، الذين حاولوا دفع الصحافيين مغادرة المكان. وقال أحد الرهبان خلال المظاهرة التي استمرت لمدة 15 دقيقة: «يريدون أن نضغط على الدالاي لاما وهذا ليس صحيحا». وأضاف آخر: «هذا لا علاقة له بالدالاي لاما»، في إشارة إلى أعمال الشغب التي وقعت في 14 مارس (آذار). وقال الرهبان الذين تحدثوا في بادئ الأمر بلغة أهل التبت، ثم تحدثوا بعد ذلك بلغة الماندرين حتى يتمكن الصحافيون من فهمهم، إنهم يدركون امكانية أن يُقبض عليهم بسبب هذه الأفعال وأنهم يقبلون ذلك. وركض الرهبان إلى امام المعبد ليمنعوا الصحافيين من دخوله، وقالوا إنهم يشعرون بالغضب بسبب قول أحد المسؤولين الحكوميين للصحافيين إن التبت هي جزء من الصين منذ قرون. وقال أحد الرهبان إن الحكومة وضعت بعض الرهبان في الدير ليتحدثوا للصحافيين، ووصفهم بأنهم «مؤمنون غير صادقين... وأنهم أعضاء في الحزب الشيوعي». وأضاف راهب آخر «كلهم مسؤولون، وأنها (الحكومة) رتبت لهم الدخول، بينما لم يسمح لنا بالدخول لأنهم يقولون إننا من الممكن أن نحطم بعض الأشياء ولكننا لم نفعل شيئا».

وأغلق رجال الشرطة المنطقة المحيطة بالمعبد وهم يرتدون الخوذ ويمسكون بحواجز واقية. ورفضوا أن يجيبوا على اسئلتنا ويقولون لماذا يوجدون في المكان. وسمح فقط للمواطنين الذين يعيشون في الشوارع الضيقة حول المعبد بالدخول. كذلك أغلقت معظم المحلات التجارية حول المعبد. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جين جانج في مؤتمر صحافي: «أريد أن أؤكد أن مواطني التبت الذين ينتمون إلى مجموعات عرقية مختلفة، بمن فيهم الرهبان، يصرون على حماية الوحدة الوطنية ويرفضون أية أنشطة انفصالية». وأضاف «تشهد التبت تطورا مطردا، ويتمتع الرهبان وغيرهم من المواطنين الذين ينتمون إلى مجموعات عرقية أخرى بحقوقهم القانونية وحرياتهم، فهم يتمتعون بمعيشتهم. التبت اليوم ليست مثل أوروبا في العصور الوسطى».

وفي هذه الاثناء، قال الدالاي لاما من نيودلهي، إنه كان على اتصال بـ«أصدقاء» بغية الوصول إلى حوار مع مسؤولين صينيين. وأضاف: «أعتقد أن هذا هو الوقت الذي يجب فيه على الحكومة الصينية والمسؤولين الصينيين، أن يقبلوا الواقع. أعتقد أن هذا شيء مهم. بأي حال من الأحوال، نحن الآن في القرن الواحد والعشرين والتظاهر والأكاذيب لن تنطلي على أحد».

ولم يسمح للصحافيين بالتوجه الى أي منطقة يحتمل أن تشهد أحداثا ساخنة، بما في ذلك دير راموتش، الذي يقع في جنوب معبد جوخانج. وأغلقت شرطة مكافحة الشغب كل الطرق المؤدية إلى هذا الدير. وقال المسؤولون الحكوميون للمراسلين إنهم لن يستطيعوا الذهاب إلى دير دريبنج ودير سرا، حيث بدأت الاحتجاجات. وتم تعقب الصحافيين الذين حاولوا أن ينفصلوا عن المجموعة. وتم اصطحاب الصحافيين إلى بعض الأماكن التي قام تلفزيون الحكومة بتغطيتها، مثل المناطق التي قام المشاركون في أحداث الشغب بمهاجمتها. وكان من بين هذه المناطق مدرسة في لاسا بالقرب من رموتش، حيث قام المشاركون في أحداث الشغب بإلقاء أشياء محترقة عليها مما تسبب في إشعال النار في مبنى مكون من طابقين، ولم يصب أحد في المدرسة. وقال مدير المدرسة دجي زهوج، إنه لا يعرف لماذا تم الهجوم على المدرسة. وأضاف: «لا نعرف ماذا حدث. اتسم الوضع بالفوضى الشديدة هذا الصباح». وأشار إلى أن 85 في المائة من طلاب المدرسة البالغ عددهم 620 طالبا هم من التبت «نحن عبارة عن عائلة واحدة كبيرة».

كما زار الصحافيون مركز اعتقال كان فيه بعض المشاركين في أحداث الشغب ومركزا لتقديم المساعدة للذين فقدوا منازلهم أو أنشطتهم التجارية خلال أحداث العنف. وقابل المراسلون في مركز المساعدة لي كونجيان، وهو من صغار رجال الأعمال من خارج تشونغ تشينغ، وسط الصين، وكان قد حصل على 120.000 يوان (17.200 دولار أميركي) قرضا بنكيا العام الماضي حتى يتسنى له الانتقال إلى لاسا مع زوجته لافتتاح مخزن. وقال إنه ليلة 15 مارس (آذار) قامت مجموعة تضم نحو 200 رجل وامرأة بالتحرك بعنف في المنطقة المحيطة به وقاموا بإشعال النيران في محله التجاري. واضطر لي وزوجته للقفز من الطابق الثاني. وأضاف: «لم نكن نعتقد أن شيئا مثل هذا سوف يحدث وأن نُترك بلا شيء». وكانت هناك رقابة لصيقة على المقابلات الشخصية التي أُجريت في مركز الاعتقال، حيث كان رجال الشرطة يقومون بالترجمة الفورية للسجناء من مواطني التبت، الذين يعرفون القليل عن لغة الماندرين. واعترف ليوا البالغ من العمر 25 عاما بحرق محل لبيع الدراجات البخارية، شرق لاسا. وقال: «كل أصدقائي كان يقومون بعمليات الإحراق ولذلك انضممت إليهم». تم القبض على ليوا بعد أحداث الشغب بخمسة أيام ولكنه لم يقل كيف تم القبض عليه. وقال إنه يأمل في أن يكون هناك تساهل أكثر في الحديث إلى الصحافيين. تحدث الصحافيون إلى ليوا من خلال قضبان الحديد الموجودة في زنزانته، في الوقت الذي كان أحد رجال الشرطة يقف وراءه، كما كان نائب رئيس مكتب الأمن العام في لاسا موجودا في الحجرة. وعندما سئل عن العلاقة بين أهل التبت والصينيين في لاسا، قال ليوا: «لا توجد أية علاقة».