العملية العسكرية في البصرة تتعثر.. وقائد عسكري يشكو: هم أحسن تسليحا

تنظيمات سياسية منافسة للتيار الصدري تتيح لقوات الحكومة «عبورا آمنا»

مسلحان من «جيش المهدي» يتخذان وضعا قتاليا في البصرة أمس (إ.ب.أ)
TT

تعثر الهجوم الذي شنته الاف من قوات الجيش والشرطة العراقية لاستعادة السيطرة على مدينة البصرة أول من أمس، بعدما دخلت ميليشيات جيش المهدي الشيعية في حرب عصابات طوال اليوم، ورفضت الانسحاب من الاحياء التي تشكل مركز القوة لها هناك.

واعتبر المسؤولون الاميركيون محاولات الجيش العراقي استعادة السيطرة على البصرة اختبارا لقدرتها على تنفيذ عمليات واسعة النطاق ضد المتمردين بنفسها. وفشلها في تحقيق ذلك يمثل حرجا للحكومة العراقية وللجيش، بالاضافة الى القوات الاميركية الراغبة في تأكيد قدرة وحدات الجيش العراقي التي دربتها على القتال بفاعلية بنفسها وبلا مساعدة.

وخلال مؤتمر صحافي في بغداد اول من امس ذكر مسؤول عسكري بريطاني انه من بين 30 الفا من قوات الامن العراقية المشاركة في الحملة يوجد 16 الف جندي من شرطة البصرة، التي يشك منذ زمن طويل في اختراق الميليشيات الشيعية التي من المفروض القضاء عليها لها. وتعتبر العملية اختبارا سياسيا مهما لرئيس الوزراء نوري المالكي، الذي سافر الى البصرة للاشراف على انطلاق الحملة. كما انها مقامرة بالنسبة للحكومتين العراقية والاميركية. الحكومة العراقية لا تثق بمقتدى الصدر ولا بميليشيات جيش المهدي، التي يقودها مقتدى الصدر الذي ينظر للاميركيين على انهم قوات احتلال. وتجدر الاشارة الى ان الجماعات الشيعية المسيطرة في حكومة المالكي تنافس، سياسيا وعسكريا الصدر، ويشعر المالكي بالحرية الان للتحرك ضدهم لأن حزب الصدر لم يعد جزء مهما في تحالفه. ولكن اذا ما تراجع جيش المهدي تماما عن قراره بوقف اطلاق النار، الذي ساهم في تخفيض الهجمات في العراق خلال العام الماضي، فهناك مخاطرة من تكرار ما حدث عام 2004، عندما دخلت الميليشيا في معارك كثيفة مع القوات الاميركية، ادت الى عدم الاستقرار في البلاد بأكملها وبداية سنوات من تصاعد اعمال العنف. كما ان تجدد الهجمات سيجعل من الصعب اعادة اعداد كبيرة من القوات الاميركية الى الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من ان المسؤولين الاميركيين والعراقيين اصروا على ان العمليات لم تركز على جماعة بعينها، يبدو ان المعارك تركزت على الاحياء التي يسيطر عليها جيش المهدي. وفي الواقع يبدو ان الاحياء التي تسيطر عليها الجماعات السياسية المنافسة تسمح لقوات الجيش بمرور آمن، كما ذكر بعض الشهود، كما لو انهم يساعدونهم على ضرب جيش المهدي.

وقال محرر في صحيفة تصدر في البصرة ان غالبية سكان المدينة تشعر بالاستياء إزاء جيش المهدي ورحبت بالهجوم، وأضاف قائلا ان الحكومة المركزية لم تستشر فيما يبدو القادة المحليين فيما يتعلق بالتخطيط للهجوم. إلا ان تأييد الهجوم بدأ يتراجع مسبقا في العديد من الأحياء باستعادة أفراد الميليشيات السيطرة على معاقلها. وقال الصحافي ان جيش المهدي لا يزال مسيطرا على غالبية هذه المواقع. وقال سكان محليون ان الأجزاء الجنوبية من البصرة، حيث الفقر والأحياء المزدحمة، كانت تحت سيطرة أفراد ميليشيات الصدر حتى ليل الأربعاء. وقال قائد في جيش المهدي ان وحدات تابعة للجيش العراقي فرت من المنطقة بعد ان فشلت مركبات مدرعة في دخول الحي الذي يسيطر عليها مقاتلوه. وقال أفراد في الجيش العراقي وميليشيات جيش المهدي إن اعنف قتال دار في حي الحيانية غرب البصرة، حيث هاجم أفراد الميليشيات قوات الجيش العراقي ثم تراجعوا الى داخل الحي. وقال العقيد عباس التميمي، ضابط الإعلام بالفرقة 14 التابعة للجيش العراقي في المدينة انه يتوقع تصعيد القتال، وأضاف قائلا ان المسلحين لديهم اسلحة اكثر تطورا من أسلحة الجيش. وعلى الرغم من غلبة الأحزاب الشيعية وميليشياتها في البصرة، فإن واقع المدينة يتسم بتعقيد هائل. فحزب الفضيلة، الذي انشق عن حزب مقتدى الصدر قبل سنوات، يهيمن على المجلس البلدي، إلا ان هناك تمثيلا بنسبة كبيرة لحزب الدعوة والمجلس الأعلى الاسلامي في العراق. اما التيار الصدري فليست لديه مقاعد في المجلس بسبب مقاطعته للانتخابات، إلا ان جيش المهدي يعتبر المجموعة الأكثر إثارة للخوف في الشوارع. تقاسم النفوذ بين الجماعات المسلحة مثير للاهتمام في الكثير من الأحيان. فحزب الفضيلة يسيطر على قطاع الكهرباء وله نصيب في السيطرة مع جيش المهدي على الموانئ، فيما يحتفظ كل من حزبي الفضيلة والدعوة بقبضة قوية على عمليات النفط في الجنوب، ويسيطر فرع من حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه المالكي، على مطار البصرة. ويمكن القول ان النفوذ المتزايد والتكتيكات المتشددة أدت بصورة عامة الى وقوف حزب الفضيلة ضد جيش المهدي، وهذا أمر له اهميته لدى المالكي الذي يعتمد ائتلافه الحاكم بصورة رئيسية على المجلس الأعلى للثورة الاسلامية في العراق.

*خدمة «نيويورك تايمز» شارك في إعداد هذا التقرير أحمد فدام وايريكا غود وكريم الحلمي من بغداد وقيس مظهر من الناصرية وموظفون عراقيون يعملون مع «نيويورك تايمز» من كل من البصرة والكوت والحلة وبغداد والديوانية.