كوبا تشهد بداية تحرر اقتصادي.. والصين المستفيد الأكبر

راوول كاسترو يسمح للكوبيين بامتلاك أجهزة الجوال بعد أيام من رفع الحظر على أجهزة الكومبيوتر والتلفزيون

TT

بعد شهر على إعلان الزعيم الكوبي فيديل كاسترو تنحيه عن السلطة لصالح شقيقه راوول، بدأت كوبا تشهد تدريجيا تغييرات مهمة وجذرية في حياة الكوبيين الذين أصبح بإمكانهم اليوم امتلاك أبسط الاجهزة التي كانت محرمة عليهم حتى الامس القريب، مثل الهواتف الجوالة وأجهزة الكومبيوتر واجهزة التلفزيون... اما اذا ما كان باستطاعتهم عمليا تحمّل نفقات شراء هذه الاجهزة بمعدل أجر شهري لا يتجاوز ما يعادل الـ17 دولارا أميركيا، فهذا موضوع آخر! وبعد أن وعد راوول الكوبيين يوم تسلمه مهامه قبل شهر برفع الحظر عن بعض الصادرات، سمح الرئيس الكوبي الجديد أمس للكوبيين بشراء هواتف جوالة بعدما كان اقتناؤها يقتصر حتى الآن على الاجانب والموظفين الحكوميين. واعلنت الشركة الوطنية للاتصالات في بيان نشر في الجريدة الرسمية «غرانما» انه «بات بمستطاعها ان تقدم للسكان المحليين خدمة الهاتف الجوال بموجب عقد شخصي بحسب طريقة الدفع المسبق» بالعملات الاجنبية.

وجاء هذا الاعلان بعد أيام من اعلان الحكومة الكوبية رفع الحظر المفروض على الكوبيين لجهة شراء الكمبيوترات والتلفزيونات او اجهزة الفيديو، في اول اجراء يتخذه النظام لتخفيف القيود الاقتصادية. ونص القرار الموقع من وزير التجارة مارينو البرتو موريو بتاريخ 21 مارس (آذار) والذي نشر في 25 مارس، على رفع الحظر المفروض على بيع أجهزة الكمبيوتر وقطعها ومعدات كهربائية اخرى اعتبارا من الاول من ابريل (نيسان). وأوضحت الوثيقة أن رفع اجراءات الحظر المفروض منذ يونيو (حزيران) 2003 ناتج عن «تحسن انتاج وتوزيع الطاقة الكهربائية». وسيكون في وسع الكوبيين من الآن فصاعدا بحسب الوثيقة شراء «أجهزة تلفزيون بجميع أحجام الشاشات وطناجر كهربائية لطهي الأرز ودراجات كهربائية وأنظمة لحماية السيارات من السرقة».

غير ان هذه التجهيزات لن تتوافر إلا بصورة تدريجية في المتاجر العامة التي تتداول بالعملات الاجنبية (البيسو القابل للصرف). وسيفيد هذا القرار بصورة خاصة المصدرين الصينيين؛ اذ يشدد القرار على وجوب اعتماد «اقل قدرا ممكنا من التنويع» في «العلامات التجارية والقطع واللوازم» التي يجب ان تكون «مماثلة» للتجهيزات التي وزعت في السنوات الاخيرة على الاسر في اطار البرنامج الوطني لادخار الطاقة وهي تجهيزات صينية بنسبة 90% منها. إلا ان قرار السماح بشراء أجهزة كمبيوتر لا تعني انه سيكون في وسع الكوبيين الاشتراك في شبكة الانترنت التي تبقى خاضعة لسيطرة الدولة. ولا تسمح كوبا بفتح حساب لدى احدى الشركات المزودة بالانترنت سوى للشركات ولبعض فئات السكان التي تبقى أقلية مثل الكتاب والفنانين المسجلين رسميا. كما ان سعر جهاز الكمبيوتر الذي لا يقل عن الف بيسو قابل للصرف (1018 دولار)، يجعله خارج متناول غالبية الكوبيين الذين يقدر معدل اجرهم الشهري منذ ديسمبر (كانون الاول) بـ 408 بيسو عادي (17 دولارا).

وهذه «العملة المزدوجة» (البيسو القابل للصرف يوازي 24 بيسو عادي) المتداولة في كوبا هي من أصعب المشكلات التي تعهد راوول كاسترو بتسويتها من خلال «إعادة تقييم تدريجية وحذرة» للبيسو العادي. ويتقاضى الكوبيون أجورهم بالبيسو العادي في حين يشترون العديد من المواد الاساسية بالبيسو القابل للصرف.

ويعاني الكوبيون من مستوى معيشة منخفض جدا ويعتمدون على تحويلات مالية تردهم من أقربائهم في المنفى وقد حددت بـ300 دولار في الفصل. ويسمح للكوبيين العاملين في السياحة وللشركات الاجنبية بالحصول على «مكافآت» بالبيسو القابل للصرف. وكان فيدل كاسترو الذي تخلى عن السلطة بسبب تدهور وضعه الصحي، قد عارض طوال نحو نصف قرن من الحكم، أي إجراءات لتحرير الاقتصاد الكوبي.

وفي ولاية فلوريدا الاميركية التي تضم جالية كبيرة من الكوبيين، سرت موجة من الفرح العارم وسط الاميركيين من أصل كوبي حيث سيتاح لهم سماع اصوات ذويهم من الكوبيين الذين سمح لهم باستعمال الهواتف الجوالة. وذكر ان اذاعة محلية كوبية ملتقطة في فلوريدا قالت إن مدارس ليلية خاصة ستعلم الكوبيين كيفية استعمال الهواتف الجوالة، كما نبهت الاذاعة السكان الى ان وجود اشخاص في الطريق يتحدثون بصوت مرتفع مع أنفسهم لا يعني انهم يعانون اضطرابات عقلية.