علماء دين يعتبرون فتوى مفتي سورية محاولة لاستخدام الدين في غرض سياسي

وكيل الأزهر السابق: فتوى حسون «فتوى ملاكي» *عضو في هيئة كبار علماء: هذه الفتوى أمليت على الشيخ حسون * مفتي البقاع : أمروه بالافتاء لمصالحهم الخاصة فأفتى * الشيخ المعاودة: أتمنى ألا تخدم هذه الفتاوى أطرافا غير عربية

TT

اعتبر علماء دين، أن فتوى الشيخ أحمد بدر الدين حسون مفتي سورية، «أن حضور القمة العربية في دمشق واجب شرعي، لأنها فرض عين على القادة العرب، ومن يتخلف عنها من دون عذر إلا من مرض أو خوف أن يقتل فهو آثم»، محاولة لاستخدام الدين لتحقيق أغراض سياسية.

وكان مفتي سورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون، قال في خطبة الجمعة أمس في جامع الروضة بمدينة حلب شمال سورية حضرها مراسل وكالة الأنباء الألمانية ما ذكره سابقا من «أن حضور القمة العربية في دمشق واجب شرعي لأنها فرض عين على القادة العرب، ومن يتخلف عنها دون عذر إلا من مرض أو خوف أن يقتل فهو آثم».

وأضاف مفتي سورية «أنه تم عرض تقسيم لبنان علينا مناصفة مع اسرائيل قبل 20 عاما فرفضت سورية ذلك، مؤكدا أن لدى بلاده اثباتات على ذلك ووثائق.

وأكد الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن فتوى الشيخ حسونة «فتوى ملاكي»، مضيفا «لا نرى بأساً في أن يعتذر بعض الحكام أو أحدهم عن عدم حضور اجتماعات القمة، ويرسل من ينيب عنه، وهذه مسألة مقبولة». وقال عضو بهيئة كبار علماء المسلمين، وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن الفتوى التي أفتى بها أحمد حسون، مفتي سورية «أمليت عليه»، وأضاف طالباً من «الشرق الأوسط» إغفال ذكر اسمه، بالنظر إلى العلاقة الوثيقة التي تربطه بالشيخ حسون، بقوله «أنا متأكد أن هذه الفتوى أمليت على الشيخ حسون، فبحكم معرفتي به، لا يمكن أن يقول بذلك بمحض إرادته».

وأضاف عضو هيئة كبار علماء المسلمين قائلاً: «يوجد خلاف بين الدول العربية، وبعضها البعض فلا يليق بالشيخ حسون، وهو أحد رموز المسلمين، وهو عالم جليل أعرفه جيداً، إصدار مثل هذه الفتوى، وإذا كان الدين يدخل في كل شيء فإنه لا علاقة للدين بهذا الاجتماع (القمة العربية) لأن مضار هذا الاجتماع أكثر من نفعه».

وأوضح الشيخ عادل المعاودة، عضو مجلس النواب البحريني والقيادي في جمعية الأصالة السلفية لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الفتوى لا تخلو من السياسة في الوقت، الذي يجب ألا تكون الفتاوئ موجهة سياسيا». مبينا ان الفتوى السورية تأتي في وقت تشهد فيه المشاركة العربية ضعفا «بسبب المواقف السورية غير المنسجمة مع الوضع العربي العام، حيث ان السياسة السورية للأسف، هي أقرب للمواقف الايرانية منها للاجماع العربي».

وأوضح الشيخ خليل الميس، مفتي البقاع لـ«الشرق الأوسط» أن ما قاله المفتي حسون هو «جنون لا يرد عليه. ومفتي سورية هو مفتي البعث وليس مفتي الاسلام. فمنصب الافتاء الذي يتحكم فيه النظام لا يؤدي رسالته ويجب الغاؤه».

وأضاف الميس «نحن نطالب بوحدة العرب. وهي ضرورة لما فيه المصلحة العليا للامة الاسلامية والعربية. لكن هل يحافظ النظام السوري على هذه الوحدة ام يقضي عليها؟ وفي ضوء ما يقوم به هذا النظام يصبح من يحضر مثل هذا الاجتماع هو الآثم. وما افتى به المفتي السوري هو العيب بعينه. أمروه بالافتاء لمصالحهم الخاصة فأفتى». وأشار الى «أن هناك الكثير من المآخذ على النظام السوري، لكننا لا نستخدم الدين أو الافتاء في مثل هذه الامور. نحن نتعامل معها في السياسة. وكان على النظام السوري ان يكتفي بالسياسة، فيمهد لانجاح القمة بعدم عرقلة الحل في لبنان. ثم ما هذه الفتاوى؟ متى أذن الله سبحانه وتعالى ان عدم حضور قمة دمشق في مثل هذه الظروف هو حكم شرعي يؤثم صاحبه؟».

أما الشيخ ماهر حمود، إمام مسجد القدس في مدينة صيدا بجنوب لبنان فقال «مع الاحترام الكبير لدور المفتي حسون، ومع تأكيدنا ان انجاح القمة العربية أمر ايجابي بل ضروري من الناحية الدينية والوطنية، لكننا لسنا مع ادخال الفتاوى المجتزأة في الحياة السياسية. وذلك لعدة أسباب، أهمها ان المفتين في دولنا العربية يصلون الى مناصبهم بقرار سياسي وليس بقرار ديني. وبالتالي فإن فتاويهم تمثل السلطة أكثر مما تمثل الدين». وأضاف «الحكام بشكل عام، الا قلة منهم، ليسوا في وارد الالتزام بالفتاوى الدينية، الا عندما يحتاجونها لتأكيد القرار السياسي المتخذ أصلا. فيصبح الدين والمنصب الديني مجرد مساعد للقرار السياسي».

من جهته، قال الشيخ يوسف البدري، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة «إذا ما كان هناك آلية لتنفيذ ما اتفق عليه القادة والزعماء العرب في القمم السابقة، فإن التخلف عن حضور القمة الجديدة في دمشق يكون إثماً، وإذا لم يكن هناك آلية قوية لتنفيذ ما يصدر من توصيات وقرارات، فإن فتوى مفتي سورية تذهب في غير محلها، وتكون تأثيم على غير إثم وإلزام لما يجب ألا يُلزم به».

ويرى الدكتور عمر القاضي أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو الأمانة العامة لرابطة الجامعات الإسلامية إنه «لا يجوز شرعاً أن يرمي مسلم مسلماً بالإثم من دون ذنب يقترفه، خاصة حين تكون المسائل مرتبطة بظروف سياسية تجعل الحكم على السلوك بأنه إثم أو غير إثم غير منطبق على الواقع».

بينما أوضح الدكتور محمد السيد المسير أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر، أن عدم حضور رؤساء عرب إلى القمة العربية ليس حراماً.. «الحرام هو الاختلاف.. أما عدم حضور هذا الرئيس أو ذاك، فإن هذا أمر ينبغي أن يُترك لظروف كل رئيس دولة على حدة، لا أستطيع أن أحكم دينيا على رئيس دولة إن حضر أو لم يحضر»، قائلاً إن قضية حضور القمة من عدمه ليست قضية دينية، بقدر ما هي قضية سياسية تحكمها الظروف التي يمر بها العالم العربي اليوم.

وأضاف الدكتور المسير، أن حضور القمة أو عدم حضورها ليس القضية.. «يمكن ألا يعقد مؤتمر قمة ويكون هناك اتفاق داخل الجامعة العربية.. ثم إن مؤتمرات القمة تحولت لنوع من الديكور»، مشيراً إلى أن الخلافات العربية العَربية الآن.. «تُعد من أهم مشكلات العرب في مواجهة الاستعمار الأميركي والصهيوني».

أما الدكتور محمد الدسوقي أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، فقال «إذا كانت هناك ظروف ملحّة لبعض القادة تحول دون حضورهم، فيجوز أن يمثلهم بعض رجالات الدولة التي يرأسها، لأن الإنابة في القضايا الكبرى والصغرى جائزة في الفقه الإسلامي».

وذكر حسين إبراهيم نائب رئيس كتلة الإخوان المسلمين في البرلمان المصري، «أنا أرفض إدخال الفتاوى في القضايا السياسية». فيما شددت الدكتورة آمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية بالقاهرة على ضرورة جمع شمل العرب والاعتصام بحبل الله جميعاً، في هذه الظروف العصيبة، قالت «أنا أكره أن نساند، كل فعل نفعله، بالفتوى.. المفروض أن تكون المساندة بالرأي والفكر، لا الفتوى».