محاكمة مخططي مؤامرة «الإرهاب السائل» تبدأ في لندن الاثنين

TT

تبدأ هذا الأسبوع في قاعة محكمة وولش للتاج محاكمة ثمانية مسلمين بريطانيين، بتهمة الضلوع في مخطط إرهابي تسبب في تغييرات دائمة في السفر الجوي طالت الملايين من المسافرين. ويواجه المتهمون، ومعظمهم في العشرينات من عمرهم، ومن أصول باكستانية، تهماً بالمؤامرة أو القتل، وذلك لضلوعهم المزعوم في التخطيط لاستخدام متفجرات سائلة لتفجير عشر طائرات نفاثة تجارية في طريقها من لندن إلى الولايات المتحدة. وفي إطار تحقيقات مكافحة الإرهاب، وهي الأوسع من نوعها في تاريخ بريطانيا، تتهم السلطات هؤلاء، الذين تم القبض عليهم في أغسطس (آب) 2006، بالتخطيط لقتل آلاف الأشخاص، في ما كان سيعد أكبر الهجمات الإرهابية منذ الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). ونفى المشبوهون التهم الموجهة إليهم. ومن المقرر أن تبدأ محاكمتهم باختيار هيئة المحلفين، ومن المقرر ان تبدأ المحاكمة الفعلية بقاعة وولش للتاج يوم الاثنين، كما يتوقع أن تستمر المحاكمة لمدة عام. ونظراً للقيود الشديدة التي يضعها القانون البريطاني على نشر المعلومات المتعلقة بالقضايا الجنائية، فإن التفاصيل الكاملة للقضية لن يتم الإعلان عنها قبل بدء المحاكمة. وبدأت حالة الذعر الأمني في الساعات الأولى من صباح العاشر من أغسطس (آب) 2006، عندما قامت السلطات البريطانية بعمليات دهم متزامنة على عشرات المنازل والمنشآت التجارية في نواح متفرقة من إنجلترا. وعلى الفور، أعلن مسؤولون أمنيون عن اعتقادهم بأن المخطط قد اشتمل على أسلوب هجوم مبتكر يتمثل في تهريب مواد متفجرة سائلة داخل زجاجات مرطبات بلاستيكية وفتائل تفجير منفصلة، ثم تركيب هذه الأجزاء على متن الطائرة. وقال مسؤول أمني بريطاني كبير، رفض ذكر اسمه، الأسبوع الماضي: «كان من الممكن أن يقع الهجوم خلال أسابيع. فعندهم من يقوم بالهجوم وكانوا في المراحل الأخيرة من إعداد أجهزة التفجير. أجل، لقد أوشكوا على القيام بالأمر». في أثناء التحقيقات، قال البوليس البريطاني إنه فتش 69 موقعاً واعتقل 21 شخصاً (أطلق سراح معظمهم بدون تهمة)، كما صادر 400 جهاز كومبيوتر و200 جوال و8000 مفردة إلكترونية، مثل بطاقات الذاكرة، وأقراص مضغوطة وأقراص فيديو رقمية (DVDs)، علاوة على عدة شرائط فيديو تحتوى على رسائل انتحارية، فيما يعرف بشرائط الاستشهاد. وأعلن البوليس أنه قام بمراقبة شقة في لندن، معروفة بين رجال البوليس باسم مصنع القنابل، بالصوت والصورة لمدة شهور. وطبقاً للبوليس، فإن هذه الشقة كانت المكان الذي قام فيه مخططو التفجيرات بإجراء اختباراتهم التفجيرية. وفي أوراق الاتهام الصادرة على خلفية التحقيقات، قالت السلطات الأمنية إنها صادرت مجموعة من الأدلة كانت معدة للاستخدام في صنع القنابل، وتشمل الأدلة المصادرة زجاجات مرطبات فارغة وبطاريات وحقنا وجهازا لقياس شدة التيار الكهربي وجهازا لقياس التوازن الحامضي-القاعدي وموازين إلكترونية، وترمومترا رقميا ومصابيح كهربية وأسلاكا وماء الأوكسجين (فوق اكسيد الهيدروجين) وحامض الستريك. وفي أثناء الاعتقالات، قالت السلطات إن عملية القبض على المتهمين استغرقت أقل من المطلوب، وذلك لأن عملية القبض المفاجئة على رشيد رؤوف، 25 عاماً، وهو متهم رئيسي، قد تكون كشفت تحقيقاتهم. وفي ما بعد، أسقط البوليس الباكستاني تهم الإرهاب الموجهة ضد رؤوف، إلا أن السلطات البريطانية طالبت بتسليمه بتهمة تتعلق بمقتل عمه في إبريل (نيسان) 2002.

وفي ديسمبر (كانون الاول) 2007، هرب رؤوف من الحبس، وتم القبض على ثلاثة ضباط بوليس كما تم فصل تسعة آخرين على خلفية هروبه. ولا يزال مكان رؤوف غير معلوم. وتسببت الأخبار عن المداهمات، التي قامت بها السلطات البريطانية في عام 2006، في توقف تام للحركة الجوية في الولايات المتحدة امتد لأيام، علاوة على تأثيرات اقتصادية باقية. وطبقاً لجمعية الخطوط الجوية الأوروبية، تم إلغاء أكثر من 2300 رحلة طيران بريطانية في خلال أسبوع واحد، بالإضافة إلى أكثر من 300000 مسافر تأخروا عن رحلاتهم. وخسرت الخطوط الجوية البريطانية ما يزيد على 200 مليار دولار أميركي نتيجة لذلك، حسبما أعلنه مسؤولوها. وقال مسؤولون إن الفزع الأمني قد تسبب في خسائر تقدر بما يزيد على 20 مليون دولار لقاء ساعات العمل الإضافية، علاوة على التكاليف التي تكبدها البوليس في الأسابيع الستة بعد المداهمات.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ « الشرق الاوسط»