بوش في قمة الناتو: إما البقاء في أفغانستان أو تركها للقاعدة لتشن عمليات منها على الغرب

الرئيس الأميركي يدعو إلى ضم أوكرانيا وجورجيا إلى الحلف.. وروسيا تحذر من تطور دراماتيكي في العلاقات الثنائية

بوش والرئيس الروماني تراين باسيسكو خلال مؤتمر صحافي مشترك عقداه قبل بداية القمة على شاطئ البحر الاسود في بوخارست أمس (رويترز)
TT

دعا الرئيس الأميركي جورج بوش حلف شمال الاطلسي (الناتو) الى البقاء في أفغانستان حتى الحاق الهزيمة بـ«الارهابيين» وزيادة عديد القوات هناك، وأعلن دعمه لتوسيع الحلف بضم دول من اوروبا الشرقية اليه وسط انقسام حاد في صفوف الحلف بشأن هذا التوسيع الذي ينبئ بتأزم العلاقات الاميركية ـ الروسية في حال تحقيقه. وقال بوش في كلمة ألقاها في العاصمة الرومانية بوخارست أمس قبيل افتتاح قمة حلف الناتو، ان هزيمة طالبان يجب أن تكون «في صدارة أولويات حلف الناتو»، ولكنه اعترف بأنه لا يمكن الانتصار في الصراع بأفغانستان «بقوة الأسلحة وحدها». وذكر بتهديدات زعيم القاعدة اسامة بن لادن لاوروبا، وقال انه اذا لم تبق قوات الناتو في افغانستان فان طالبان والقاعدة ستستعملان افغانستان لإطلاق اعتداءات على الغرب كام حصل في 11 سبتمبر (أيلول).

وأضاف: «كما قال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في لندن الاسبوع الماضي ينبغي ألا نخسر أفغانستان. وأيا كان الثمن ومهما كان صعبا فلا يمكن ان نخسر بل لا بد ان نفوز. اني اتفق معه تمام الاتفاق». وكرر طلبه الى الدول الاعضاء في الحلف بارسال المزيد من القوات الى افغانستان.

ودافع الرئيس الأميركي عن خطة بلاده لبناء نظام دفاع صاروخي في تشيكيا وبولندا وأعاد التأكيد على ان الحاجة لوجود هكذا نظام هو أمر «حقيقي» و«ملح». وقال ان «تقييم أجهزة مخابراتنا يشير إلى أنه بمساعدة أجنبية مستمرة فقد يمكن أن تقوم إيران باختبار صاروخ باليستي عابر للقارات قادر على الوصول إلى الولايات المتحدة وجميع أوروبا إذا ما اختارت القيام بذلك».

إلا أنه حاول طمانة روسيا وقال انه يعتزم نقل التعاون الاستراتيجي بين روسيا والحلف الاطلسي «الى مستوى غير مسبوق» من خلال اشراك مواقع في الاتحاد السوفياتي السابق في نظام الدفاع المضاد للصواريخ في اوروبا. ودعا روسيا الى الانضمام الى «الجهد الجماعي» في اطار الدفاع المضاد للصواريخ في أوروبا. وتحدث عن اقتراح نظيره الروسي فلاديمير بوتين لوضع موقع رادار في اذربيجان في التصرف. وقال: «نعتبر ان هذه المواقع يمكن ان يتم اشراكها في نظام اوسع لرصد التهديدات» الامر «الذي يمكن ان يفضي الى مستوى تعاون استراتيجي لا سابق له بين روسيا وحلف شمال الاطلسي».

ودعا بوش أيضا الى مكافأة جورجيا وأوكرانيا لانهما «حفزا العالم» بثورتيهما المؤيدتين للديمقراطية، عبر ضمهما رسميا إلى خطة عمل العضوية استعدادا للانضمام إلى الناتو. لكن سفير روسيا لدى الناتو دميتري روجوزين رفض الفكرة قائلا إن موسكو تنظر إلى «خطة عمل العضوية» على أنها «نقطة لا عودة». ونقلت وسائل الإعلام الروسية عنه قوله أمس: «إنه في حالة منح أوكرانيا وجورجيا خطة عمل العضوية خلال القمة في بوخارست فإن ذلك سيؤدي إلى تطور دراماتيكي في علاقاتنا».

ورد أيضا من موسكو وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف على كلام بوش، وقال في كلمة ألقاها أمام مجلس الدوما الروسي «ان روسيا تعتزم الرد بشكل مناسب ولن تكون أشبه بالصبي الذي أهانوه في المدرسة فاضطر الى صفق الباب والانزواء في احد الاركان ليجهش في البكاء». وأكد ان الرد سيكون عبر دعم قدراتها الاقتصادية وتأمين مواقعها الدفاعية مشيرا الى احتمالات ان تنظر موسكو في مسألة الاعتراف باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية اللتين أعلنتا انفصالهما عن جورجيا في مطلع تسعينات القرن الماضي. الا ان مطلب بوش بتوسيع حلف شمالي الاطلسي ليضم بلدان اوروبا الشرقية، يواجه انقساما حادا داخل دول الاتحاد. ففي حين توقع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي جاب دي هوب شيفر أن ترحب قمة الاتحاد «بالعديد من الاعضاء الجدد من دول جنوب شرقي أوروبا» واكد ان القمة «ستثبت أن اتحاد أوروبا سيظل الهدف الاكبر بالنسبة للناتو»، يبدو ان المانيا تتجه لعرقلة الخطط الجديدة.

وقالت المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل لدى وصولها إلى بوخارست للمشاركة في قمة الحلف إن بلادها تعتقد بأن من «السابق لأوانه» إدراج الدولتين ضمن «خطة عمل العضوية» في الحلف. ويتضمن جدول أعمال مناقشات القمة التي افتتحت مساء امس إطلاق «بيان رؤية» وهو عبارة عن وثيقة توضح سبب وجود الناتو في أفغانستان وما يأمل أن يحققه هناك. وستكون أحد القرارات الحاسمة التي ستتخذ في قمة بوخارست، مسألة دعوة كرواتيا وألبانيا ومقدونيا إلى الانضمام للحلف المؤلف من 26 دولة.

وبينما ينظر إلى انضمام كرواتيا للحلف على أنه نتيجة متفق عليها في السابق لكن خبراء الناتو لديهم تحفظات قوية حول ألبانيا ومقدونيا. وتخوض مقدونيا نزاعا مع اليونان وهي دولة عضو في الناتو وتهدد بالتصويت ضد انضمامها للحلف. ويتباحث بعض الدبلوماسيين بشأن ألبانيا، التي يرون أنه يتعين عليها تحديث جيشها والقيام بالمزيد من الاصلاحات قبل السماح لها بالانضمام إلى الحزب. وفي موضوع افغانستان، أعرب رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر عن ثقة بلاده في ان يتعهد حلفاؤها في حلف شمال الاطلسي بتقديم التعزيزات المطلوبة حتى تبقي على قواتها في افغانستان رغم الشكوك التي تحيط بالتعهد الفرنسي بإرسال قوات اضافية. وأقر هاربر بأن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي لم يقدم تعهدا اكيدا للحلف بشأن حجم القوات الاضافية المنتظر نشرها في أفغانستان وانه لم يتضح متى سيقدم هذا التأكيد. وبعد انتهاء القمة ظهر اليوم، يشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غدا في مجلس الحلف الاطلسي ـ روسيا قبل ان يستقبل بوش في نهاية الاسبوع في سوتشي على البحر الاسود لإجراء آخر محادثات بينهما قبل انتهاء ولايتيهما الرئاسيتين.