لبنان: بري يتهم السنيورة بالسعي إلى إطاحة الحلول وتكتل عون يشكك في جدوى الحوار

رئيس الحكومة يطلع القيادات الدينية والسياسية على نتائج جولته العربية

TT

استمر الجدل السياسي في لبنان على وتيرته المرتفعة بين اطراف الاكثرية والمعارضة التي لاح في صفوفها انقسام حول دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري لمعاودة الحوار، وتحديداً من قبل تكتل النائب ميشال عون الذي رأى انها «غير مجدية» رغم عدم رفضه الواضح المشاركة في الحوار. فيما كررت اطراف قوى «14 آذار» اعلان رفضها المبادرة وتشكيكها في دوافع بري.

ورد الرئيس بري امس على رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة الذي كان اعلن انه ليس ضد الحوار ولكن ليس بإدارة «شيخ المعارضين» (في اشارة الى بري)، فقال: «إذا كان الحوار متعذرا بإدارة شيخ المعارضين، فما بالك بما أنت فيه قائم مقاما لرئاسة الجمهورية، مغتصبا للسلطة، مسببا لتعطيل المؤسسات بما في ذلك الحوار الذي كان جاريا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2006. فهل يصح القول هنا ولا يصح هناك ونحن نحاور لأجل تنفيذ المبادرة العربية وخلاص لبنان؟ مع الإشارة الى انك لم تعترض على شيخ المعارضين في حوارين وهو يديرهما سابقا، وكان ينعم بالجلوس الى جانبك. هل شعرت بدنو الحل فأردت ترحاله؟ سامحك الله. كفى تذرعا بما أنت واجده».

هذا، وأجرى الرئيس السنيورة امس سلسلة اتصالات هاتفية شملت البطريرك الماروني نصر الله صفير ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وبطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام وقائد الجيش العماد ميشال سليمان والنائب ميشال المر ورئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، ورئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع وذلك لاطلاعهم على نتائج جولته العربية واجوائها والمواقف الداعمة للبنان والحكومة التي سمعها من المسؤولين العرب. كما أجرى اتصالا بوزير خارجية مصر احمد أبو الغيط للتداول بعض القضايا التي كانت بحثت أثناء زيارته الى القاهرة.

ووصف المفتي قباني جولة الرئيس السنيورة بـ«الحضور اللبناني الرسمي في وقت اصبح فيه لبنان على مفترق بالنسبة الى مصيره ومستقبله السياسي». وطالب، في تصريح ادلى به امس، بضرورة «حسم انتخاب الرئيس التوافقي للجمهورية العماد ميشال سليمان فوراً ليكون نقطة الانطلاق للحوار بين كل الفرقاء على الساحة اللبنانية». ودعا اللبنانيين إلى «الاستفادة من الدعم العربي، وخاصة السعودي والمصري، لحل الأزمة اللبنانية والمساعي التي تبذل في هذا الإطار» مشددا على «أهمية المبادرة العربية لأنها الحل الأخير والوحيد لإنقاذ لبنان من محنته».

ورأى وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون ان جولة الرئيس السنيورة العربية والقمة المصغرة في شرم الشيخ «جاءتا في اطار تفعيل التشاور لتنفيذ بنود المبادرة العربية انطلاقا من البند الأول القاضي بانتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان. وتأتي الزيارة بعد قمة دمشق، وبعد استمرار التعطيل المبرمج من الخارج وانعكاساته على الصعيدين اللبناني والعربي».

وقال: «هناك علامات استفهام كثيرة حول مبادرة الرئيس بري التي لم تجمع عليها اصلاً كل اطراف المعارضة، قبل ان نطلب تفاصيل هذه المبادرة وعناوينها والضمانات حولها، بعدما تم الانقلاب على كثير من بنود طاولة الحوار الوطني». وتساءل: «هل يعني ان البعض يريد نقل التفاوض مجدداً من العماد عون الى الرئيس بري، وشل مساعي الامين العام عمرو موسى».

واعتبر النائب سمير فرنجية ان سبب رفض بعض قوى «14 آذار» مبادرة الرئيس بري هو ان «الحوار الذي يطالبون به غير محدد. اولاً، جرى حوار في السابق ولم تطبق قرارات هذا الحوار. وثانياً، ان العودة الى السجالات القديمة لم تعد تنفع، فالمشكلة ليست بين اللبنانيين، بل هي بين لبنان وسورية. والمطلوب بالتالي من الاطراف الذين ينفذون السياسة السورية الكف عن التضحية بهذا البلد دفاعاً عن مصلحة هذا النظام».

وسئل اذا كانت لدى قوى «14 آذار» خطوات عملية لملء الفراغ الرئاسي، فأجاب: «ليست هناك خطوات سريعة، لكننا نعمل لخطوات تؤدي الى حماية هذا البلد، لان المنطقة بأكملها دخلت في وضع خطير وخطير جداً. والأمر الآخر وفي ضوء هذه التطورات، ستبحث قوى 14 آذار في معلومات لديها تشير الى ان هذا الفراغ أصبح يشكل تهديداً على مستقبلنا الوطني، والتالي هناك بحث جدي في كيفية انهاء هذا الوضع الشاذ».

في المقابل، قال الوزير المستقيل محمد فنيش (حزب الله): «ان المطلوب ان نبحث كلبنانيين عما يجمعنا وان نبلور ارادة وطنية لايجاد الحل، لانه في النهاية نحن محكومون بالوصول الى توافق. وطريق التوافق لن يكون الا من خلال اقرار مبدأ الشراكة والالتزام بهذا المبدأ، لان التوافق على شخص رئيس الجمهورية لم يعد محل نقاش. اصبح هناك وفاق وطني على شخص الرئيس. ويبقى ما تم ادراجه في مبادرة الجامعة العربية لجهة حكومة شراكة وقانون انتخابي».

وأمل عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب سليم سلهب ان «تكون زيارة الرئيس نبيه بري الى الخليج مثمرة ونتمكن من التوصل الى انتخابات (رئاسية) في الثاني والعشرين من الشهر الحالي».

ورداً على سؤال حول رفض العماد ميشال عون دعوة الرئيس بري الى معاودة الحوار وقوله ان لا جدوى منه وانه سيوفد ممثلاً عنه ليكون مستمعاً اجاب: «صحيح، نحن نرى ان الحوارات الثنائية او الحوارات المصغرة كانت تعطي نتائج اكثر من الحوارات الموسعة. وفي الوقت الحاضر اخذنا موقفاً. والعماد عون اخذ موقفاً هو انه اذا حصل حوار في 18 الشهر الجاري بالطريقة التي حصلت مبدئياً في العام 2006 يمكن ان لا يقاطعه لأننا لا يمكن ان نقاطع كل ما يحصل من حوارات مجدية توصل الى نتيجة». من جهته، قلل النائب نبيل نقولا (كتلة عون) من الاهمية السياسية لخطاب النائب ميشال المر اول من امس. واعتبر انه «لا يتضمن اي شيء مغاير لخطابنا». وقال: «هناك طريقة تعبير لكل انسان مختلفة. ولكن ما حصل امس (الاول) هو من ضمن عمل المعارضة. ودولة الرئيس ميشال المر اعتقد انه صرح بكل هذه الامور وهو ما زال داخل المعارضة، ولا توجد اي مشكلة».

وأوضح ان «التيار الوطني الحر» لم يرفض الذهاب الى طاولة الحوار «انما قلنا انه اذا كانت طاولة الحوار فقط للحوار ومضيعة الوقت، فلا جدوى من هذا الموضوع، لان هناك اموراً محددة وهي رئاسة الجمهورية وحكومة الوحدة الوطنية وقانون الانتخاب. واذا كان هذا الحوار على اساس هذه النقاط الثلاث وبشكل متزامن، فنحن مستعدون للحوار. ولكن اذا كان لبحث امور اخرى، فهذا مضيعة للوقت».

وقال عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب علي خريس: «ان بعض الاطراف، وخصوصاً في فريق السلطة، يسعون دائماً الى تعطيل كل الحلول التي تنتج على المستوى الوطني والعربي، وكأن المطلوب ان يبقى لبنان يعيش الازمة السياسية الحالية».