المحافظون والليبراليون الأميركيون في الحزب الجمهوري يتقاتلون على ماكين

المرشح الجمهوري يقول إنه يأخذ بنصيحة عدد كبير من المستشارين من بينهم المحافظون

TT

جعل السيناتور جون ماكين خبرته التي تمتد إلى عقود في السياسة الخارجية والأمن القومي جزءا مهما من هويته السياسية. إلا ان قسما من المؤسسة السياسية الخارجية في الحزب الجمهوري، وعلى وجه التحديد من يطلق عليهم البراغماتيون أو الليبراليون الذين يعتبر بعضهم أن حرب العراق خطأ، عبر عن مخاوف إزاء تعرض ماكين لتأثير متزايد من معسكر المحافظين المنافس، الذين هيمن تفكيرهم على الفترة الأولى لرئاسة جورج بوش ولعبوا دورا رئيسيا في دفع إدارة بوش إلى شن الحرب على العراق. وكانت هذه المخاوف قد ظهرت منذ الأسابيع الاولى التي اصبح خلالها ماكين مرشحا للحزب الجمهوري وشروعه في إعداد قائمة بمستشارين في مجال السياسة الخارجية. وتضم هذه القائمة عدة شخصيات بارزة غير محافظة مثل روبرت كاغان، المؤلف الذي ساعد في صياغة جزء كبير من خطابات السياسة الخارجية التي ألقاها ماكين في لوس انجليس في 26 مارس (آذار) ووصف فيها نفسه بأنه «مثالي واقعي»، بالإضافة الى شخصيات أخرى مثل محلل الشؤون الأمنية ماكس بوت والسفير السابق لواشنطن لدى الأمم المتحدة جون بولتون. ويقول الأعضاء البارزون في قائمة البراغماتيين الذين دائما ما يوصفون بالواقعيين، انهم يشعرون بالقلق تجاه كبير مستشاري السياسة الخارجية في حملة ماكين الانتخابية، راندي شونيمان، الذي عمل مستشارا للشؤون الخارجية لعضوي مجلس الشيوخ ترينت لوت وبوب دول، كما انه معروف بعلاقاته الوثيقة بالمحافظين. وكان شونيمان قد أسس عام 2002 «لجنة تحرير العراق» التي تضم عناصر محسوبة على جناح الصقور في الحزب الجمهوري، ومعروف عنه أيضا تأييده المتحمس لأحمد الجلبي.

وقال لورانس ايغلبيرغر، وزير الخارجية في عهد الرئيس جورج بوش الأب، والعضو في المعسكر البراغماتي «انه قد يكون تعبيرا قويا ان نقول ان قتالا يستمر حول روح جون ماكين. ولكن إذا لم يكن قتالا فانني مقتنع بأنه ستكون هناك، على الأقل، محاولة. لا أستطيع البرهنة على ذلك ولكنني أخشى أن الأمر مستمر في الحدوث».

وأبلغ ماكين الصحافيين في طائرته في وقت مبكر من الأسبوع الحالي انه يأخذ نصيحة في قضايا السياسة الخارجية من مجموعة كبيرة من الأشخاص. وأضاف ان «بعضهم يعتبرون أكثر محافظة. ولكن لدي الكثير من الناس ممن أتحدث وأستمع اليهم وأقرأ ما يكتبون».

وقد عزز ماكين، على الدوام، سمعته عبر الابتعاد عن التشدد الآيديولوجي في السياستين الداخلية والخارجية. وظل متعاطفا مع وجهات نظر المحافظين الجدد في بعض القضايا الأخرى مثل اتخاذ موقف متشدد من روسيا واقتراح إقامة هيئة دولية جديدة تتكون من الأنظمة الديمقراطية فقط لموازنة الأمم المتحدة. وفي النواحي الأخرى من السياسة الخارجية والسياسة في مجال الأمن القومي يميل باتجاه المعسكر البراغماتي كما في وعده العمل بصورة أوثق مع الحلفاء. وواحد من مخاوف العمليين الرئيسية هي ان ماكين عرضة لتأثيرات من المحافظين الجدد لأنه ليس مطلعا في مجال السياسة الخارجية مثلما يقول مستشاروه في الحملة الانتخابية، وبينما يتحدث بطريقة رسمية فهو يتخذ قراراته بدون تخطيط وبلا دراسة عميقة مطلوبة من المرشح الرئاسي.

ففي خلال رحلة للشرق الأوسط في الشهر الماضي، ارتكب ماكين خطأ محرجا عندما كرر أكثر من مرة انه يشعر بالقلق من تدريب إيران لجماعة القاعدة في العراق. (تعتقد الولايات المتحدة ان إيران تدرب المتطرفين الشيعة في العراق وليس القاعدة، الجماعة السنية). وكرر ماكين الخطأ يوم الثلاثاء الماضي خلال جلسة استماع للجنة القوات المسلحة التابعة لمجلس الشيوخ.

ويتركز القلق بخصوص ماكين بين جماعة من الواقعيين الذين كانوا قريبين منه وفقدوا موقعهم لصالح الصقور في المعارك الأيديولوجية المكثفة في العهد الأول للبيت الأبيض الحالي. وتشمل المجموعة وزير الخارجية السابق كولن باول ونائب وزير الخارجية ريتشارد آرمتيدج وبرنت سكوكروفت مستشار الأمن القومي للرئيس بوش الأول.

وقال مستشارو ماكين انه يتحدث للواقعيين من أمثال وزير الخارجية السابق هنري كيسينجر ووزير الخارجية السابق جورج شولتز. وذكر كيسينجر في مقابلة انه تحدث مع ماكين «ما بين 15 إلى 20 مرة في العام الماضي» بما في ذلك خلال رحلة بحافلة لجمع التبرعات في لونغ آيلاند.

وأوضح كيسينجر قائلا: «ليس لدي معلومات تتعلق بخطاباته وبياناته. وعندما نلتقي للغداء أو العشاء، أو في المرتين اللتين زارني في منزلي، جرت بيننا مناقشات ثقافية. وعندما يتصل بي الآن، يكون موضوع الحديث «وقع هذا الحادث وما هو رأيك؟»

* خدمة «نيويورك تايمز»