أشقاء زهير الصديق يحملون الحكومة الفرنسية مسؤولية اختفائه أو قتله

الخارجية السورية: تصريحات رايس تستبق التحقيق في اغتيال الحريري * باريس تنفي بشدة اتهامات شقيق «الشاهد السوري»

TT

بعد لقائهم السفير الفرنسي في دمشق صباح أمس، قال أشقاء زهير الصديق الشاهد الرئيسي في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري، إنهم قدموا للسفير الفرنسي «مجموعة من الطلبات التي تتعلق بمصير شقيقهم والاستفسار عنه إذا كان حياً أو مقتولاً».

وقال عماد الصديق شقيق زهير، إن الطلب الذي تقدموا به إلى السفارة الفرنسية هو «طلب إنساني ومفاده استرداد زهير وأبنائه أو معلومات عنه وعن أبنائه وزوجته وكيفية اختفائهم».

وفي تصريحات للصحافيين أمام مقر السفارة، حمّل عماد الصديق الحكومة الفرنسية مسؤولية «إخفاء» شقيقه زهير «رغم الحماية الأمنية المشددة». قائلا إن «زهير كان قد أخبرهم بذلك». ومضيفا «في حال لم يظهر زهير وتبينت وفاته فإننا نحمل السلطات الفرنسية مسؤولية تسهيل قتله». وعن الطريقة التي علموا من خلالها باختفاء شقيقهم، قال عماد: «لقد علمنا في البداية من وسائل الإعلام، وبعدها من رد وزير الخارجية الفرنسي وتأكيده لذلك». وكشف عماد عن «أن آخر اتصال هاتفي للعائلة مع زهير الصديق كان منذ سبعة أشهر، أما آخر اتصال عبر شبكة الانترنت فكان منذ حوالي الشهرين، وكان وقتها موجودا في باريس».

واتهم عماد الصديق صراحة «الحكومة الفرنسية والسلطات الفرنسية بالتعاون مع العصابات الإجرامية، التي يرأسها مروان حمادة» وزير الاتصالات اللبناني. وركز عماد الصديق اتهامه على مروان حمادة بالوقوف وراء كل ما يجري، معتبرا أنه المسؤول عن اختفاء زهير وقتله إن ثبت ذلك. وقال إن «مروان حمادة جنده لفعل كل ذلك». مشيرا إلى صلة قرابة حيث ان حمادة خال زوجته.

وفي رده على سؤال يتعلق بمعلومات عن نية زهير العودة الى سورية أكد عماد الصديق صحة تلك المعلومات، وقال «اتصل بنا زهير وأبلغنا أنه يريد التوجه إلى السفارة السورية في باريس، ونحن شجعناه على ذلك، وبالفعل توجه إلى هناك ولم يبق بينه وبينها سوى عدة أمتار، ولكنه عاد عن قراره وأخبرنا بذلك، ونتوقع أن يكون سبب عودته خوفه على زوجته وأولاده». كما قال إن شقيقه زهير «لا يملك أي معلومة» حول عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، «ولو أنه كان يملكها لما انتظر الإعلام ليتحدث بها»، وأن زهير كان في طريقه إلى «الحديث عن الحقائق والجهات التي تموله ليفعل ذلك»، مضيفاً «أن شقيقه زهير كان يطلب من مروان حمادة وشركائه مبالغ كبيرة لتغطية حجم إنفاقه الكبير على المكالمات الهاتفية ومعيشته، التي لا يقدر على سدادها أكبر مسؤول فرنسي»، على حد قوله. كذلك، كذّب عماد الصديق تصريحات السلطات الفرنسية الأخيرة بأن زهير «لم يكن تحت إشراف القضاء الفرنسي ولم يتعرض لأي ضغوط». وقال «هذا الكلام كاذب بدليل ما تناقلته وسائل الإعلام التي زارته وأكدت وجود مرافقة وحراسة قوية والبعض شاهده في أماكن التسوق وبصحبته المرافقة، وحتى زهير أثناء اتصالاته معنا كان يؤكد أنه موضوع تحت حراسة أمنية مشددة».

الى ذلك ، أكدت باريس رسميا بلسان الناطقة باسم وزارة الخارجية أن الصديق «غادر الأراضي الفرنسية» في الثالث عشر من مارس الماضي فيما كانت قد اكتفت أول من أمس بالقول إنه «غادر منزله» في مدينة شاتو، إحدى الضواحي الواقعة غرب باريس في التاريخ المذكور.

غير أن المصادر الفرنسية التي سألتها «الشرق الأوسط» أمس نفت أن «تكون على علم بمكان وجوده» في الوقت الحاضر. والتطور الذي حصل في الموقف الفرنسي مصدره المعلومات الإضافية التي حصلت عليها الخارجية من مصادر وزارة الداخلية التي «تحققت» من مغادرة الصديق الأراضي الفرنسية. وذكرت باريس رسميا أمس أن الصديق الذي وصل الى فرنسا في العام 2005 وقبض عليه عقب وصوله بموجب مذكرة توقيف دولية «لم يكن خاضعا لرقابة قضائية وكان حرا في تحركاته». إلا أنها ذكرت أنه اشتكى من «تهديدات» استهدفته ما حملها على إنذار دائرة الشرطة في مدينة شاتو.

وبموازاة ذلك، نفت الخارجية الفرنسية «نفيا قاطعا» الاتهامات التي ساقها أول من أمس أحد أشقاء الصديق في حديث لصحيفة سورية وعاد وكررها امس ويقول فيها إن السلطات الفرنسية أخفت الصديق من أجل تسهيل اغتياله أو لإغتياله.

وبلغة ساخرة، أشارت باريس الى «ظهور» الصديق في اتصال قالت صحيفة «السياسة» الكويتية أمس إنه أجراه معها. وقالت باسكال أندرياني إنها «تعرف أن الصديق كذب شائعات موته» في اتصاله مع الصحيفة المذكورة. وبالمناسبة عينها، أكدت استقبال القنصل الفرنسي في دمشق لأشقاء الصديق الذين سلموه رسالة يطلبون فيها «توضيحات» حول اختفاء شقيقهم. وبموازاة ذلك، سعت باريس رسميا بعد أن كانت فعلت ذلك بشكل غير رسمي، الى احتواء ردود الفعل على تصريحات وزير الخارجية برنار كوشنير الثلاثاء الماضي حول إمكانية زيارة الرئيس نبيه بري الى باريس. وكان كوشنير قد قال إن بري «ليس مدعوا» الى باريس ولكن يمكنه زيارتها سائحا. وقالت الخارجية أمس إن كوشنير «لم يكن على علم بمشروع زيارة يقوم بها بري الى باريس». وأضافت أن الأخير «سيستقبل بطبيعة الحال» إذا جاء الى العاصمة الفرنسية.

وكان حزب الله الذي استهدفته تصريحات كوشنير الى جانب الرئيس بري قد انتقدا بشدة مواقف وكلام الوزير الفرنسي الذي لم يوفر سورية وإيران في انتقاداته. ولمزيد من التهدئة، حرصت باريس أمس على تأكيد أنها «ما زالت على اتصال بكافة الأطراف اللبنانية» مذكرة بأنها «وقفت باستمرار» الى جانب الحوار بين اللبنانيين الذي هو «الوسيلة الوحيدة» للتوصل الى حل سلمي وبالتفاوض بين الأطراف المتنازعة. لكنها، مع ذلك، ذكرت بالحاجة الى إعادة إطلاق عمل المؤسسات اللبنانية وأولها مجلس النواب الذي تساءل كوشنير عن «أسباب إغلاقه» منذ شهور طويلة.

على صعيد آخر، قال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية رداً على ما جاء في إفادة وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس حول التحقيق في اغتيال الحريري، إن «ما جاء في إفادة الوزيرة الأميركية هو استباق لنتائج التحقيق الدولي الجاري، الذي لم يكتمل بعد». واعتبر المصدر المسؤول في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن كلام رايس «يقدم دليلاً إضافياً على أن الولايات المتحدة تستخدم المحكمة كأداة للضغط السياسي على سورية». وكانت وزيرة الخارجية الاميركية قد قالت خلال جلسة استماع أمام إحدى لجان مجلس الشيوخ: «لا اعتقد انه سيكون من المناسب ان نفترض أن بوسعنا الحد من نطاق صلاحيات المحكمة (التي سيمثل أمامها المتهمون) باغتيال رفيق الحريري (..) لانها قد تورط بطريقة او بأخرى النظام او عائلة الأسد».

وكان ذلك في ردها على السناتور الجمهوري عن بنسلفانيا ارلن سبكتر الذي اقترح بدء مفاوضات مع دمشق حول احتمال تخفيض العقوبات في هذه القضية لقاء تحقيق تقدم سياسي في المنطقة.