بوش يوقف سحب القوات من العراق بعد الصيف.. ويحيل ملف الحرب إلى خلفه

استجابة لتوصية قائد القوات الاميركية الجنرال ديفيد بترايوس

TT

قرر الرئيس الاميركي جورج بوش تجميد سحب القوات الاميركية من العراق بعد يوليو (تموز) المقبل، مجدداً امس عزمه على مواصلة العمليات العسكرية في البلاد. وقال: «لن تتوقف اي من عملياتنا في العراق (...) بل سنستخدم الاشهر المقبلة لاغتنام الفرص التي اتاحتها زيادة عديد القوات. وسنواصل العمليات على كافة الجبهات».

ويأتي قرار تجميد سحب القوات بعد الصيف بمثابة استجابة لتوصية قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال ديفيد بترايوس. وقال بوش في خطاب وجهه الى الشعب الاميركي امس، إن الجنرال بترايوس «سيأخذ كل الوقت الذي يحتاجه ليقرر متى ستعود قواتنا من هناك». واضاف «كلما تحسن الوضع في العراق سنعيد قواتنا من هناك»، واصفاً هذه السياسة بانها «العودة مع النصر». وهو ما يعني عملياً ان بوش سيترك ملف حرب العراق للرئيس الذي سيخلفه في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل، مؤكداً ان الانسحاب من العراق سيكون خطأ جسيماً. واعلن بوش إن بلاده حققت نجاحات لا نظير لها في العراق، وان «العراق سيبقى حليفاً قوياً لاميركا في المنطقة... وان ما حدث هناك سيصبح شيئاً رائعاً في التاريخ الاميركي». وقال في السياق نفسه «سيأتي اليوم الذي يصبح فيه العراق شريكاً كفؤا للولايات المتحدة، سيأتي اليوم الذي يكون فيه العراق بلداً مستقراً يساعد في الحرب ضد اعدائنا المشتركين وتطوير مصالحنا المشتركة في منطقة الشرق الاوسط». وانتقد بوش دعوة الديقراطيين للانسحاب من العراق، معتبراً أن انسحاب اميركا (في عهد سلفه بيل كلينتون) من افغانستان والصومال هو الذي ادى الى الهجوم على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر (ايلول) 2001. ومن جهة أخرى، اعلن بوش عزمه على بذل جهود دبلوماسية لدعم العراق، قائلاً: «العراق يجب ان يتواصل مع العالم وعلى العالم التواصل مع العراق». وكرر بوش أمس مناشدته للدول العربية بالعمل مع العراق والتقرب منه، قائلاً: «استقرار العراق هو من المصلحة الاستراتيجية للعالم العربي وكل من يريد السلام في المنطقة». وفي اطار هذه الجهود، صرح بوش بارسال بترايوس والسفير الاميركي في العراق ريان كروكر الى السعودية، بالاضافة الى ارسال مسؤولين اميركيين الى الاردن والامارات قبل توجه وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الى الكويت لحضور اجتماع دول الجوار يوم 22 ابريل (نيسان) الجاري.

وبعد التأكيد على اهمية بناء العلاقات العربية – العراقية، انتقد بوش بشدة سياسة ايران في العراق، وقال إن عليها ان «تختار بين العيش في سلام مع جيرانها او الاستمرار في تمويل وتدريب الميليشيات التي تمارس الارهاب ضد الشعب العراقي». ومضي يقول «اذا اختارت ايران الاختيار الصحيح فإن اميركا ستشجع علاقات سلام بين ايران والعراق... وإذا اختارت ايران الاختيار الخاطئ فإن اميركا ستتصرف لحماية مصالحها وقواتها وشركائنا العراقيين».

واعتبر بوش ان الجنود الاميركيين يحققون نجاحا في العراق، فبينما كان تنظيم «القاعدة» يملك زمام المبادرة في الماضي، فان الجيش الاميركي هو الذي يملك اليوم زمام المبادرة. وقال ان العراق هو المكان الذي يلتقي فيه خطران محدقان بالولايات المتحدة: الاول هو القاعدة والثاني هو ايران، معتبرا انه لذلك فان النجاح في العراق يعني حماية الولايات المتحدة، اما الخسارة فتعني تعريض الأمن القومي للخطر ومواجهة «هجمات ارهابية جديدة على الاراضي الاميركية. وعن كلفة الحرب على الاقتصاد الاميركي، قال بوش ان ثمن الحرب الذي يتم دفعه الآن ليس باهظا مقابل الربح الذي تتقاضاه واشنطن في مجال حماية امنها القومي واراضيها. وذكر بوش حجم كلفة الحرب الباردة التي كانت باهظة على حد تعبيره. وقال بوش إن حرب العراق لا تكلف الكثير مشيراً الى ان اميركا تنفق حوالي 4 بالمائة فقط من دخلها على الحرب هناك. وطلب بوش من الكونغرس الموافقة على اعتمادات جديدة تصل الى حدود 108 مليارات دولار، شرط ان لا يرتبط ذلك بأي جدول زمني للانسحاب، وقال إنه سيستعمل الفيتو ضد اي مشروع قانون لا يلبي رغباته. وعبر بوش عن اعتقاده بان تحولاً استراتيجياً قد حدث منذ ان قرر زيادة عدد القوات في السنة الماضية الى حدود 170 الفا، وسيبقى عدد القوات في حدود 140 الفا بعد استكمال الوحدات التي تقرر عودتها قبل يوليو (تموز)، بيد ان بوش اعلن انه ما تزال هناك مشكلات خطيرة ومعقدة في العراق. واعلن بوش عن قراره بالا تتجاوز مدة عمل الجنود الاميركيين في العراق أكثر من 12 شهراً بدلاً من 15 شهراً، على الا تقل فترة بقائهم في اميركا عن 12 شهراً. وكان القادة الميدانيون قد اعلنوا ان الجنود يعانون الاجهاد بسبب طول مدة بقائهم في العراق. وقال بوش إن قراره سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من اول اغسطس (آب) المقبل. وقال بوش «لقد امرت وزير الدفاع بخفض مدة الخدمة من 15 الى 12 شهرا لكافة الجنود النظاميين المنتشرين في منطقة عمليات القيادة الوسطى، وذلك بهدف تخفيف العبء على الجنود وعائلاتهم»، ابتداء من الاول من اغسطس المقبل.