السعودية تجري عمليات استمطار للسحاب تحسبا لتكرار فترات القحط

تلقيح سحب سبق هطول أمطار على الرياض

TT

أكد أكاديمي سعودي في مجال الأرصاد الجوية أنه ليس من السهل إثبات أن الأمطار التي تهطل تعود إلى عمليات تلقيح السحاب التي تشهدها بلاده أخيراً، ولإثبات ذلك، قال إنه يجب عمل دراسات لنتائج تجارب أي مشاريع استمطار.

وتجري في السعودية أعمال مسوحات جوية وأبحاث، للتحقق من مدى إسهام عملية استمطار تمت خلال الأيام الماضية، في الأمطار التي شهدتها العاصمة السعودية الرياض والمناطق المجاورة قبل أيام، وتعمل جهات حكومية على الاستعانة بخبراء سعوديين وأجانب لإجراء تحقيق علمي حول مدى فعالية تجربة المطر الاصطناعي بالسعودية. وأوضح لـ «الشرق الأوسط» الدكتور ناصر سرحان، أستاذ الأرصاد الجوية المساعد بكلية الملك فيصل الجوية أن الموسم الحالي جاء جافاً، بخلاف المواسم السابقة التي كانت تشهد تكون أنظمة سحابية في فصلي الشتاء والربيع ينتج عنها هطول أمطار، لافتاً إلى أن هناك توقعات باستمرار تكوين السحب الركامية على الرياض التي بدأت تتكون خلال اليومين الماضيين.

وذكر سرحان بأن فصلي الشتاء والربيع، يعتبران موسم الأمطار في الرياض وشمال السعودية، ومع انتهاء هذين الفصلين، تتوقف عملية تكون السحب، مما يوقف عمليات الاستمطار حتى دخول فصل الشتاء المقبل، بينما يبدأ ويستمر موسم تكون السحب الركامية والخلايا الرعدية الممطرة، مع بداية فصل الصيف، في المناطق الجنوبية الغربية من السعودية بسبب طبيعتها الجغرافية والتأثير المحلي للمرتفعات الجنوبية الغربية وتأثير وضعيات الطقس السائدة.

وبحسب سرحان، تتم عملية الاستمطار بشكل عام على مراحل عدة، تبدأ برصد «النظام السحابي»، وتحدد أماكن السحب الركامية عن طريق شبكة رادار مدعمة بمعلومات من الأقمار الاصطناعية، وفريق عمل أرضي يقوم برصد النتائج اليومية لطلعات الاستمطار الجوية، هذا بالإضافة لمتابعة التوقعات الجوية على المناطق التي تتم عن طريق النماذج العددية ومعلومات الطقس السائدة.

ويضيف أنه يتم بعد ذلك التعرف على المحتوى المائي في السحب عن طريق الأقمار الاصطناعية والصور الحية لرادار الطقس dbz، الذي يعطي إشارة عن حجم المستوى المائي في السحاب عن طريق الانعكاسية لمكونات السحاب المائية، ومن ثم تحديد ارتفاع قمة السحب لإعطاء مؤشر عن سمك السحابة الذي يتعلق بعملية الطيران وحركة النظام وسرعته، وتستمر متابعة المحتوى المائي وتطوره داخل النظام السحابي الى أن يصل الى مرحلة يتأكد فيها الفريق العلمي أن السحاب أصبح جاهزاً لعملية التلقيح.

وواصل أنه في المرحلة الأخيرة يتم توجيه الطائرات للتحليق فوق السحب المستهدفة، وتكون مزودة بأجهزة خاصة لمواد الاستمطار الأساسية، حيث يتم إطلاق هذه المواد المحفزة التي تعمل على تكبير حجم جزيئات الماء الصغيرة لتصبح قطرات مطر يصعب على التيارات الهوائية حملها، لتتساقط على هيئة أمطار وكذلك لتهيئ السحاب بالتنامي، مبيناً أنه عندما تنطلق تلك المواد من الطائرة، فإنها تنتشر بسرعة عالية، وتقوم الرياح بتوزيع تلك المواد داخل السحاب، إلا أنه لا يمكن التحكم بحركة السحب وسرعتها مما يجعل هناك احتمالية كبيرة لنزول الأمطار في أماكن غير مستهدفة.

وقال سرحان إن عمليات تلقيح السحاب أو بذره تعتبر من التعديلات الجوية وتهدف بشكل عام إلى إيجاد مصدر مائي بديل عن استخدام الطاقة في التحلية، ولعدم استنزاف مخزون المياه الجوفية في كثير من بلاد العالم، وتهدف أيضا إلى إجراء دراسات نوعية لفيزياء تكون السحب.

وعن تجربة السعودية في هذا المجال ومدى نجاحها، قال سرحان إن النجاح يعتمد على استمرار التجربة عدة مواسم، وإدخال نتائجها في نماذج عددية لدراستها وتحليلها، فمثل هذه المشاريع العلمية تحتاج الى وقت «مناخي» يعتمد على فترات طويلة، وكل خطوة يقوم بها خبراء الأرصاد الجوية تخضع للدراسة والتحليل ومقارنتها بالوضعيات المناخية.

وأشار الدكتور ناصر سرحان، إلى أنه في بداية أية تجربة للاستمطار تكون التكاليف أعلى من المردود، ولكن مع امتداد المشروع لسنين طويلة، سيكون هناك نوع من المعادلة وستقل التكاليف ويكون المردود المائي مناسباً، مقارنة بالتكاليف هذا ما أثبتته تجارب كثيرة عبر العالم وأكثرها نموذجية تجربة جنوب أفريقيا. يذكر أن فكرة فيزياء تحويل بخار الماء إلى ماء أو التكثيف تعود إلى عام 1900 حيث كانت روسيا والصين أول الشعوب التي بدأت بهذه التقنية ثم الألمان سنة 1934م ثم الأمريكان، الذين يرجع لهم تطوير هذه الفيزياء عام 1946م، وكانت أول طرق الاستمطار تقوم على فكرة إمكانية إيجاد نوويات تكثف داخل نظام الضباب أو السحاب لتغير بخار الماء إلى ماء وتغير حجم القطرات المائية.

وبعد ذلك، بدأ الاهتمام بطرق استمطار السحب، فاستحدثت أكثر من طريقة للاستمطار، إطلاق صواريخ حاملة للأملاح و لاحقاً رش السحب الركامية بالمحفزات مثل رذاذ الماء ونشارة الثلج بواسطة الطائرات للمساعدة على تشبع الهواء ببخار الماء ومن ثم تكثيف بخار الماء وتكبير حجم القطرات المائية لإسقاط المطر.