قرار طرد «المتخاذلين» يثير شكوكا حول قدرات القوات العراقية بعد الانسحاب الأميركي

قائد أميركي يتهم القيادة العراقية بـ«التبجح» بالشجاعة وتنفيذ حملتها بدون تخطيط

TT

يثير قرار الحكومة العراقية طرد حوالي 1300 جندي وشرطي اتهموا بالتخاذل في مقاتلة الميليشيات الشيعية خلال الهجوم الذي شنته الحكومة مؤخرا، تساؤلات حول الأداء المحتمل للقوات العراقية فيما لو قلصت مستويات القوات الأميركية.

وفيما تضمن الاعلان العراقي أول تقرير تفصيلي عن المقاومة التي ابداها بعض الجنود والشرطة العراقيين للحملة التي بدأت في 25 مارس (آذار) الماضي في مدينة البصرة، قال ضابط رفيع في البصرة ان تشخيصا لمن يزعم بأنهم كانوا متعاطفين مع الميليشيات كان قد بدأ السبت الماضي وان «عددا كبيرا» من افراد الشرطة ألقي القبض عليهم في مواقع عملهم ووجهت اتهامات لهم بانتمائهم الى الميليشيات. وقال مسؤول عراقي تحفظ على ذكر اسمه لأنه غير مخول بالحديث «ان بينهم ضباطا كبارا ومن رتب مختلفة». ولم يحدد من هي الميليشيا التي اتهموا بدعمها.

وقال مسؤولون أميركيون وعراقيون ان معظم الشرطة تغيبوا عن الواجب بسبب الضغط الذي تعرضوا اليه في أحيائهم. وقالوا ان هذا صحيح على نحو خاص في المناطق التي تكثر فيها الميليشيات مثل مدينة الصدر التي تعتبر معقلا للزعيم الشيعي مقتدى الصدر وجيش المهدي التابع له. وعلى خلاف الجنود فان الشرطة يخدمون في المناطق التي يعيشون فيها.

وبعد ثلاثة أيام على بدء الهجوم التقى سلمان الفريجي، مسؤول تنظيم الصدر في مدينة الصدر بحوالي 40 رجلا قالوا انهم من الشرطة والجنود. وأبلغ الرجال، الذين كانوا يرتدون نظارات وأقنعة سوداء، الصحافيين الذين كانوا يرافقونهم بأنهم لن يقاتلوا أقرانهم الشيعة ويريدون تسليم أسلحتهم الى الصدر. وتظهر أشرطة الفيديو والصور أن الفريجي كان يعطي الرجال أغصان زيتون ونسخا من القرآن مقابل ذلك.

وقال مسؤول عسكري أميركي في بغداد، واصفا الأسباب المحتملة لإلقاء الشرطة أسلحتها «قد يكون الأمر بسبب الخوف أكثر منه بسبب الولاء للصدر». وقال ان التقارير الأولية كانت قد أشارت الى أن معظم القوات الأمنية التي فرت كانت من المجندين الشباب الذين تلقوا تدريباتهم مؤخرا.

وأيا كانت الأسباب، فان حالات الفرار دلالة على ما قال النقاد انه مشكلات أوسع مرتبطة بالهجوم الذي امر به رئيس الوزراء نوري المالكي بما في ذلك الانتشار السريع المفرط لقوات غير راسخة والافتقار الى التخطيط. ويقول البعض ان هذا يؤشر الى نقاط ضعف في قيادة المالكي كما يشير الى المشكلات المستمرة بينما تستمر مستويات القوات الأميركية المستقبلية على أن تكون مركز الجدال في واشنطن. وقال مسؤول عسكري أميركي، طلب عدم الكشف عن هويته بسبب انتقاده للمالكي «هناك تبجح ما لدى القيادة العراقية الحالية بالشجاعة بسبب تصورها أنها مرت بوضع صعب وأن مجرد إظهار القوة يكفي لجعل الأمور تسير بالطريقة التي ترتئيها. هناك الكثير من الخطوات المطلوبة للتخطيط إلى عملية عسكرية. والكثير منها لم يتم القيام به».

من جانبه، اعترف السفير الأميركي رايان كروكر بأنه فوجئ بحجم وسعة مبادرة المالكي في البصرة. أما الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الأميركية في العراق فإنه أثنى على تصميم المالكي حينما قدم شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، لكنه قال إن بعض الأمور في الهجوم العراقي كانت مخيبة للآمال. مع ذلك «فإن الوضع لم يحسم بعد» على حد قول بترايوس.

ويتداول أعضاء البرلمان العراقي فكرة إصدار قانون يمنع التنظيمات السياسية المصطفة مع الميليشيات أن تشارك في الانتخابات المحلية المقبلة. ومن المتوقع أن تقدم الحكومة العراقية القانون إلى البرلمان الاسبوع المقبل. وكان رد الفعل الأولي الذي واجهه أعضاء البرلمان هو تحديد ما تعنيه كلمة «ميليشيا» في بلد يعتمد كل تنظيم سياسي وإلى حد ما على مجاميع مسلحة للحماية والسلطة.

وأكثر التشكيلات المسلحة المعروفة هي جيش المهدي وفيلق بدر التابع للمجلس الإسلامي العراقي الأعلى. والمجلس هو أكبر تنظيم سياسي شيعي وهو متحالف مع حزب الدعوة الإسلامية الذي يرأسه المالكي. وقال أنصار الصدر إن جيش المهدي ليس ميليشيا. كذلك هو الحال مع المجلس الإسلامي الأعلى الذي قال بعض أعضائه إن فيلق بدر ليس ميليشيا أيضا.

وقال فلاح شنشل النائب عن كتلة الصدر: «الميليشيا هي قوة عسكرية مع ملابس عسكرية محددة ورواتب منتظمة». وأضاف شنشل أن جيش المهدي هو «جيش عقائدي».

*خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ ((خاص بـ«الشرق الأوسط»)