مباحثات «سرية» بين دبلوماسيين أميركيين وإيرانيين خلال الـ5 سنوات الماضية

الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»: المباحثات لم تكن رسمية ولا تعكس تغييرا في سياسات بوش

لاعبتان من فريق «استقلال» الإيراني و «بوشار» العماني خلال مباراة فريقهما أمس في بطولة العالم لكرة القدم النسائية المقامة في الاردن (رويترز)
TT

قالت وزارة الخارجية الاميركية إن مباحثات جرت بين دبلوماسيين سابقين وخبراء اميركيين وبين مستشارين سياسيين وأكاديميين إيرانيين خلال الفترة الثانية من ولاية الرئيس الاميركي جورج بوش، موضحة في الوقت نفسه ان المباحثات لم تجر في اطار رسمي، وانها بالتالي لا تعكس تغييرا في مسار السياسة الخارجية الاميركية حيال إيران. وقالت مسؤولة بوزارة الخارجية الاميركية لـ«الشرق الأوسط» تعليقا على تصريحات مساعد وزير الخارجية الاميركي السابق توماس بيكرينغ والتي قال فيها إن هذه المباحثات جرت خلال السنوات الخمس الماضية في عدد من العواصم، وإنه لم يشارك فيها اي مسؤول رسمي من الطرفين، الا انها تطرقت الى القضية النووية: «لقد التقى بيكرينغ، وهو مسؤول سابق في الخارجية الاميركية، مع مستشارين سياسيين واكاديميين إيرانيين، لكن هذه اللقاءات لم تكن رسمية، ولم يشارك فيها اي مسؤول رسمي اميركي، وجاءت في اطار عمل مجموعات خاصة ضمن مراكز الابحاث».

وأكدت المسؤولة الاميركية، التي لا تود الكشف عن هويتها، ان هذه المباحثات تطرقت الى عدد من القضايا، موضحة في الوقت ذاته ان تصريحات بيكرينغ لصحيفة «اندبندنت» البريطانية امس «مبالغ فيها جدا»، وأنه لا مجال للتفكير في هذه المباحثات على أنها رسمية او على أنها تعكس تغييرا في النهج الاميركي حيال إيران. وكان بيكرينغ قد قال في مقابلة مع «اندبندنت» أمس ان مجموعة من الدبلوماسيين الاميركيين السابقين والخبراء في السياسة الخارجية التقوا مع اكاديمين ومستشارين سياسيين ايرانيين «في كثير من الاماكن المختلفة لكن ليس في الولايات المتحدة او ايران» خلال السنوات الخميس الاخيرة. وأوضح بيكرينغ للصحيفة ان «بعض الايرانيين كانوا مقربين من المؤسسات الرسمية في ايران»، وان ايا من الاميركيين او الايرانيين الذين شاركوا في تلك اللقاءات لم يكونوا اعضاء في حكومتي البلدين لكن «كل طرف ابلغ سلطاته». وتابع: «ادارة بوش لم تتخذ اي خطوات لاثنائنا عن المشاركة»، موضحا ان نحو 10 ايرانيين واميركيين شاركوا في اللقاءات.

ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه اللقاءات قد ادت الى تغييرات في السياسة الاميركية حيال طهران، اذ تعذر حصول «الشرق الأوسط» على رد فعل من الخارجية الإيرانية او معهد استوكهولم لأبحاث السلام الذي سهل اللقاءات، غير ان واشنطن فتحت العام الماضي قناة اتصال مع طهران حول العراق، وذلك لأول مرة منذ الثورة الإيرانية عام 1979، وجرت عدة جولات من الحوار بين السفير الإيراني في العراق ونظيره الأميركي لتهدئة الأوضاع الامنية في العراق. وطبقا لما قاله بيكرينغ فإن «معهد استوكهولم الدولي لدراسات السلام»، وهو مؤسسة بحثية حكومية، تعطي توصيات حول السياسة الخارجية ويرأسها رئيس لجنة التفتيش على أسلحة الدمار الشامل التابعة للأمم المتحدة رولف ايكيوس، قامت بتسهيل اللقاءات بين الإيرانيين والاميركيين. وقال بيكرينغ انه بالرغم من أن الموضوع النووي كان الموضوع الرئيسي في اللقاءات، فإن الطرفين تطرقا ايضا الى قضايا محلية تتعلق بالتطورات الداخلية في كل من إيران واميركا، وعدد آخر من القضايا التي تؤثر على العلاقات الاميركية ـ الإيرانية.

يذكر ان حديث بيكرينغ عن محادثات من وراء الستار بين الاميركيين والإيرانيين تأتي بعد نشره مع ويليام لويرس وهو دبلوماسي سابق، وجيم ويلش وهو خبير نووي في معهد «ماساشوسيتس» (كلاهما شارك في المحادثات مع الايرانيين) دراسة تتضمن مقترحات لحل الازمة النووية بين طهران وواشنطن تسمح لإيران بالتخصيب على أراضيها، وهو مطلب إيران الاصلي، مقابل حصول اميركا على ضمانات من طهران تتعلق بعدم تطوير التخصيب من الاستخدام المدني الى العسكري. وقال بيكرينغ في دراسته التي نشرت نهاية فبراير (شباط) الماضي في «نيويورك ريفيو اوف بوكس» ان من ضمن هذه الضمانات ان يقوم «الكونسوتيوم» بالاشراف على ومراقبة الأنشطة النووية الإيرانية.

وذكر بيكرينغ ان من ضمن المقترحات التي تمت مناقشتها خلال الاجتماعات ان تمنع إيران من إنتاج اي يورانيوم عالي التخصيب، وأن تقوم فقط ببناء «مفاعلات للمياه الخفيفة» وليس للمياه الثقيلة، وان تلتزم بتطبيق صارم للبرتوكول الاضافي الملحق بمعاهدة منع الانتشار النووي، والذي يتضمن زيادة زيارات مفتشي وكالة الطاقة الذرية للمواقع النووية الإيرانية. وتحدث بيكرنغ عن رد فعل ايجابي على المقترحات، التي تتضمن ايضا ان يقوم «كونسوتيوم» دولي بتخصيب اليورانيوم على الاراضي الإيرانية. وكان فكرة «كونسورتيوم دولي يقوم بتخصيب اليورانيوم» قد راجت في الفترة الأخيرة لحل الخلافات بين طهران والغرب، ففيما قال وزير الخارجية السعودي من قبل ان هذه الفكرة يمكن ان تلبي حاجات دول المنطقة من اليورانيوم المخصب للأغراض المدنية، قالت موسكو إنها لا تمانع في ان يكون مقر «الكونسورتيوم» على أراضيها. لكن وبعدما أعربت إيران عن موافقة مبدئية عادت وأكدت أنها لن تتنازل عن تخصيب اليورانيوم على أراضيها. وفيما رفض بيكرينغ الافصاح عن المزيد من التفاصيل بخصوص اللقاءات وذلك من اجل عدم افساد امكانية عقد مباحثات مستقبلية بين الطرفين، أوضح انه قرر ان يتكلم الان لان السياسة الاميركية «ترواح مكانها»، فيما تصر إيران على رفض تجميد تخصيب اليورانيوم.