كتاب عرب يحتفلون بعالميتهم وناشرون خائفون من سوق تبتلعهم

افتتاح معرض لندن للكتاب

عمرو موسى يقص شريط المعرض، ويبدو على يساره الأمير محمد بن نواف بن عبد العزيز سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المملكة المتحدة وآيرلندا
TT

وصل العرب باكراً، يوم أمس، إلى معرض لندن للكتاب الذي يستقبلهم كضيف شرف هذه السنة. فيوم الافتتاح كان استكشافياً بامتياز. الندوات التي تحتفي بالأدب العربي بدأت منذ الصباح، والناشرون في أجنحتهم يتأهبون لثلاثة أيام قد لا تكون سهلة على كثيرين.

صحيح انه من المفرح ان ترى يافطات كبيرة تعلن عن وجود استثنائي للعرب هذه السنة وعن اسماء لكبار في الأدب مثل بهاء طاهر وعلاء الأسواني في ضيافة المعرض، لكن السؤال الذي كان يؤرق الناشرين العرب هذا الصباح هو عن حصتهم، التي لا تكاد تذكر، من صفقات ضخمة يخرج بها الناشرون في مثل هذه المناسبات العالمية.

القراء ليسوا في المعرض، وانما هو لأصحاب مهنة الكتاب على اختلاف اختصاصاتهم في عيد تجاري يشارك فيه حوالي 24 ألف شخص هذه السنة يأتون من حوالي 70 دولة، وبينما كان الناشرون العرب في المعرض يجاهدون بحثاً عن دور لهم في سوق عملاقة للكتب، كان أدباء عرب يتحدثون عن تجاربهم في قاعة جانبية انشغلت طوال النهار بندوات للتعريف بالتنوع العربي.

الروائية السعودية رجاء الصانع مع الأديب المصري احمد العايدي واللبناني حسن داوود والجزائري عزيز شواكي افتتحوا ندوات اليوم الأول. رجاء الصانع تحدثت عن روايتها «بنات الرياض» والنجاح غير المنتظر الذي حققته. قالت انها لا تحمل رسالة سياسية لأحد، وهي حزينة لأن العالم لا يهتم بالأدب السعودي، وتشعر بالرضى لأنها تمكنت من إغراء الكثيرين بالقراءة والكتابة بعد صدور كتابها. أحمد العايدي مثل أيضاً جيل الشباب في هذه الندوة شارحاً انه لا يطمح إلى ترجمة روايته إلى أي لغة أجنبية وإنما إلى العربية لأن الكثيرين لا يفهمون لغته التي اختلط فيها الكثير من الكلام العامي بالفصحى. الروائي حسن داوود اختار أن يتحدث عن ذكرى الحرب اللبنانية الأهلية التي صادفت أول من أمس تلك الحرب التي جعلت الرواية مكاناً للقبض على الزمن والذكريات التي ينسفها الدمار. أما الشاعر عزيز شواكي فأدهش الحضور حين قال انه يكتب بالفرنسية ولذلك ربما لا يعرفه العرب، ولم يترجم أي من كتبه إلى العربية.

الحضور العربي هذه السنة يثير أسئلة كثيرة. ففي مؤتمر صحافي عقد على هامش المعرض، سألت صحافية غربية: «هل العرب نائمون؟ أين هي كتبهم المترجمة إلى لغات أجنبية، كي نقرأهم ونفهمهم؟ نذهب إلى أجنحتهم في المعرض، فلا نفهم شيئاً! صحافي آخر سأل إن كانت الكتب عن الإسلام قد اعطيت أهمية خاصة وتم توفيرها. فالجميع يريد ان يعرف مزيداً عن أسباب التطرف والإرهاب. ثمة أيضاً من تساءل عن توقيت اختيار العرب هذه السنة، ولماذا هذا الاهتمام البريطاني المفاجئ بهم.

إجابات دبلوماسية من مديرة المعرض، إما هاوس التي شرحت ان التحضير لاستقبال العرب بدأ منذ ثلاث سنوات، ولا علاقة للأمر باختيار اسرائيل ضيف شرف لمعرض باريس للكتاب هذه السنة.

أما عن نوم العرب عن ترجمة أنفسهم ليتواصلوا مع العالم، فذلك يعود ربما لاحساسهم بأن الغرب ليس مهتما بهم كما قالت مديرة المركز الثقافي البريطاني سارة يونز، «لكننا منذ ثلاث سنوات نشجعهم، ونظهر لهم أننا معنيون بالتعرف عليهم، وبريطانيا ستكون ضيف شرف معرض القاهرة للكتاب العام المقبل، مما يؤكد ان التواصل قد بدأ، ونحن على الطريق الصحيح».

ليس المعرض عبوسا ولا متجهما، وكل دار أو مؤسسة تحاول ان تلفت نظر الزوار على طريقتها. ثمة مؤسسة انجليزية استخدمت الحافلة الانجليزية ذات اللون الأحمر التقليدي بطابقيها وجعلتها مكتبا لها. وهناك من أتى بسيارات أو ألعاب أو استخدم ألبسة تنكرية. وفي الجناح السعودي الذي ازدحم في اليوم الأول وقف الزوار أمام مجسمين أحدهما للحرم الشريف في مكة وآخر للحرم في المدينة. وحين نسأل عن أهم ما يريد معرفته الزوار عن السعودية يقال لنا ان الاسئلة تتركز منذ الصباح على المجسمين اللذين يمثلان الحرمين في مكة والمدينة، وثمة كثيرون يريدون كتبا حول النفط وصناعته. أما الموضوع الثالث الذي قصد الزائرون لأجله الجناح السعودي فهو الأسرة والمرأة والحياة اليومية واذا ما كان ثمة كتب حول هذه الأمور، بالامكان الاستفادة منها.

منظمو المعرض هذه السنة فخورون ليس فقط بعدد الدول التي استقطبوها، وحجم الصفقات التي يتوقعون ان تتم خلال الايام الثلاثة للمعرض وانما أيضا بالتنوع الشديد للموضوعات التي يتناولها المعرض، فثمة ستون طباخا عالميا جاءوا بكتبهم ووصفاتهم. والأمل ان يعثر الناشرون وصناع الكتاب على الأفضل لترجمتهم الى الانجليزية وغيرها. ومن العالم العربي جاء «الشيف رمزي» بكتابه ووصفاته، وهو يستقبل كل من يرغب، ولعلها فرصته الذهبية ليوصل الأطباق العربية الى كل بيت على الكوكب».

النهار الأول كان طويلا بالنسبة للمشاركين العرب بسبب كثافة الندوات وتداخل المواعيد. ففي المساء، وفي مكانين متباعدين أقامت «دار الساقي» احتفالية خاصة وأحيت الذكرى الـ 125 لجبران خليل جبران، بقراءات وموسيقى عزفها شربل روحانا مع فرقته، بينما كان الأدباء علاء الأسواني، خالد المطاوع، هشام مطر، يتحدثون مع جمهور جاء للقائهم في «مكتبة فوليز».

على برنامج معرض لندن للكتاب لهذا اليوم كتابات المرأة العربية و«الكتاب الشباب» و«جائزة بوكر العربية»، حيث ستتم استضافة الكتاب الذين ربحوا في التصفية ما قبل النهائية للجائزة في محاولة للتعريف بهم قد يكون لها الفضل في نقلهم من حيزهم العربي الى فضاء أوسع. وثمة رأي عند منظمي المعرض يقول ان التماع نجم وأدباء عرب في السنوات الأخيرة مثل علاء الأسواني وبهاء طاهر وغيرهما، جعل هذا الأدب موضع اهتمام كبير لم يكن موجودا من قبل.