الأكثرية تحذر من «اعتياد» الفراغ في مركز رئاسة الجمهورية وترفض وساطة بري «الطرف»

دعت إلى حوار يترأسه رئيس الجمهورية الجديد ميشال سليمان بعد انتخابه

TT

يبدو ان الانقسام في مواقف الاكثرية والمعارضة في لبنان سيستمر الى امد غير محدد، بل انه يترسخ كل يوم، معمقاً الخلافات حول معظم الطروحات المتعلقة بشؤون الحكم والسياسة وابرزها الخلاف حول ترتيب الاولويات المؤدية للخروج من الازمة. وفي الوقت الذي يتابع فيه رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة امل المعارضة نبيه بري جولته العربية للبحث في مبادرة حوارية جديدة أطلقها ووصل امس الى الدوحة، يبدو أن فريق الاكثرية لن يتجاوب مع بري في مبادرته لأنه بات يعتبره طرفا وغير مؤهل لقيادة حوار موضوعي. والى جانب رفض الاكثرية التجاوب مع مبادرة بري، بدأت تعلو أصوات تحذر من استمرار الفراغ في الموقع الاول للبلاد خوفا من جعله أمرا واقعا.

واعتبر النائب عمار حوري، عضو كتلة المستقبل النيابية التي يتزعمها النائب سعد الحريري، «ان اي محاولة للتشاطر او فتح مسارات بعيدة عن المبادرة العربية هي مضيعة للوقت، لان الحل هو فقط بتنفيذ المبادرة العربية». وعلق على المبادرة الحوارية التي اطلقها الرئيس بري، قائلاً: «انها، بشكل او بآخر، التفاف على المبادرة العربية». واضاف: «نحن في تيار المستقبل نقول اهلاً وسهلاً بالحوار دائماً، ولكن الحوار الذي لا يؤدي الى تفريغ المبادرة العربية وتعويم النظام السوري، الحوار الذي لا يحتكر احد الافراد جدول اعماله، الحوار الذي يتم برعاية رئيس الجمهورية بعد انتخابه، وهو العماد ميشال سليمان الذي هو على مسافة واحدة من الجميع». ورأى ان الرئيس بري «هو طرف ولا يصلح لرعاية الحوار (...) فهو في آذار (مارس) 2006 كان رئيساً لمجلس النواب. اما اليوم فهو استقال من هذه الرئاسة ولم يعد يمارس هذا الدور، واكتفى برئاسته لتنظيم سياسي معارض. وبالتالي لا يحق له ان يرعى الحوار».

من جهته، حذر رئيس «حركة التجدد الديمقراطي» النائب السابق نسيب لحود (قوى الاكثرية) من خطر استمرار الفراغ الرئاسي على الصيغة اللبنانية. فيما اخذ النائب عبد المجيد صالح (حركة امل) على فريق الاكثرية انه يزيد التعقيدات ويضع الفيتوات على المبادرة العربية ويرفض الحوار لقطع الطريق على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وقال لحود في تصريح ادلى به: «نحن في 14 آذار مقتنعون بأنه لا يجوز ان تبقى رئاسة الجمهورية في حالة الفراغ وسط الجو الاقليمي وان يعتاد اللبنانيون الفراغ على المستوى الرئاسي الذي يمكن ان يؤدي الى وقوع فراغات مماثلة على مستويات دستورية اخرى». وأضاف: «اعتياد اللبنانيين هذا الفراغ يشكل خطراً على الصيغة اللبنانية وعلى لبنان، وخصوصاً في هذا الوضع الاقليمي الدقيق الذي يدرك الجميع خطورته. ومن هنا اجد ان الاولوية هي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون ان يعتبر ان الاستحقاقات الاخرى اقل اهمية، لكن المدخل الاول والإلزامي هو انتخاب رئيس للجمهورية».

وسئل عن دعوة الرئيس بري الى حوار يكون مدخلاً لانتخاب رئيس للجمهورية، فأجاب: «لا أحد يرفض الحوار من حيث المبدأ، الا ان ربط الاستحقاق الرئاسي باستحقاقات اخرى، أكانت حكومية ام انتخابية، يعقد الامور. ولكن اذا تقدم الرئيس بري بمبادرة واضحة باسم المعارضة ككل تعالج هذه المشكلات من باب اولوية انتخاب رئيس الجمهورية، فستجتمع قوى 14 آذار وستحدد موقفها من ذلك». وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الامين عيتاني إنه «من المحزن ان بعض اللبنانيين، وعلى رغم كل ويلات الحرب الاهلية التي لم تستثن فريقاً سياسياً او منطقة لبنانية او طائفة، يحاول انتزاع مكاسب سياسية من خارج الاطر الدستورية والديمقراطية دافعاً بالوطن الى سياسة حافة الهاوية التي تشل الدورة الاقتصادية وتضع اللبنانيين في حال قلق على المصير وخوف من انفلات الاشكالات الامنية المتنقلة على قاعدة ان شرارة صغيرة قد توقد ناراً كبيرة».

ودعا فريق المعارضة الى «العودة الى مفهوم الدولة وحصر الخلافات السياسية ضمن المؤسسات الدستورية ومعالجتها بالوسائل التي تكفل الاستقرار وحماية الاكثرية والأقلية». ورأى «ان ما تقوم به المعارضة من محاولة تغيير الواقع السياسي بالقوة لن يكتب له النجاح. والشاهد على ذلك مجريات الاحداث منذ 13 نيسان (ابريل) 1975. فاذا كان على الانسان ان يستفيد من تجارب الآخرين، فحري به ان لا يطمس ذاكرته عن تجاربه الدامية».

في المقابل، قال النائب عن حزب الله حسن حب الله «ان اميركا هي التي عطلت كل الحلول في لبنان وهي التي باعدت بين الاطراف اللبنانية وتسعى الى ان يبقى الوضع مأزوماً لانها تريد ان يكون لبنان بلا مستقبل، وهذا هو مشروعها الذي اطلقت عليه مشروع الفوضى البناءة». واعتبر «ان فريق الوصاية الاميركية في لبنان تحول الى يد لهذا المشروع».

الى ذلك، رد النائب بطرس حرب (أحد أركان الاكثرية) على النائب ميشال عون الحليف المسيحي لحزب الله والذي كان اتهم حرب بأنه «كاذب»، وقال ان عون «يرفض الرأي الآخر، ويناقض ما يزعمه حول ديمقراطيته». وأضاف في بيان أمس: «اتهمني (عون) بالكذب لأنني قلت انه لا يريد ان يُنتخب رئيس للجمهورية على امل ان ينتخبوه هو... كنت أتمنى لو اتسع صدر العماد عون لصوت يخالف رأيه ويناقش مواقفه بصورة موضوعية تحترم آداب المخاطبة السياسية وتقاليدنا الديمقراطية، حيث لا شتم ولا إهانة شخصية ولا اتهام ولا تخوين».

وتابع: «كما أتمنى لو أن العماد عون يتوقف في كل مرة يتناول فيها شأنا عاما عن توصيف الآخرين ويكتفي بإبداء رأيه السياسي والدفاع عن مواقفه المعلنة وغير المعلنة إذا كان مقتنعا بها، وخصوصاً التي تتناقض مع وثيقة المبادئ التي وضعها لحزبه والتي تضمنها الكتاب البرتقالي الذي أصدره. فالعماد عون يرفض الرأي الآخر إلا إذا كان مصادقا على مواقفه وسياسته. وهو يناقض ما يزعمه حول ديمقراطيته بحيث يسمح بأن يكون تلفزيونه منبرا إعلاميا، ولا يمنح ضيوفه حق الإدلاء برأيهم السياسي من دون ردع أو تهجم أو افتراء. فسامح الله العماد عون على ردة فعله غير المبررة، كما أعده بأنني لن أقبل بعد اليوم أي دعوة الى تلفزيونه لئلا أحرجه مرة أخرى وأخرجه عما يجب أن يتحلى به من روح ديموقراطية في عمله السياسي».