السعودية: «دعوة» إلى وضع خطط استراتيجية لمعالجة مياه الصرف الصحي

وسط تحذيرات من الآثار السلبية للاستخدام الجائر للخزن الجوفي من المياه

تحذير من هدر المياه والاستخدام الجائر لها («الشرق الأوسط»)
TT

دعا أمس خبراء بيئيون الى تبني خطط استراتيجية لمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استعمال المياه المعالجة ووضع سياسات وبرامج تنفيذية واضحة وتشجيع ذلك، خاصة في ظل مشاكل المياه المتزايدة والمتوقع زيادتها مع مرور الايام محذرين من التأثيرات السلبية من الاستخدام الجائر للخزان الجوفي بالدول العربية. وقال الدكتور فرج المبروك أستاذ هندسة البيئة والصحة العامة «ان الأساليب القديمة في التخلص من مياه الصرف الصحي باستخدام الآبار السوداء أو صرفها عبر قنوات مفتوحة إلى أقرب مجرى مائي أو منخفض في الأرض هي أحد المشاكل الرئيسية وأهم مشاكل البيئة المعاصرة وتعتبر عاملاً أساسياً لانتشار الأمراض المُعدية المنتقلة عبر مياه الشرب الملوثة وبعد عصر النهضة الصناعية واتضاح مدى خطورة تلوث مصادر مياه الشرب وأثر ذلك في الصحة العامة، ظهرت للوجود البرامج الخاصة بمعالجة مياه الصرف الصحي بطرق أكثر أمانا».

وأضاف أن أساليب التخلص من مياه الصرف الصحي للمباني منذ القدم اعتمدت على استخدام الآبار السوداء، كما وجدت بعض أنظمة الصرف الصحي المصغرة التي تصرف مجاريها إلى البحر بالمناطق الساحلية.

ودعا لأهمية تشخيص الوضع القائم لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي الحضري وعمل خطط استراتيجية لإدارة الموارد المائية ترتكز على مبدأ جوهري هو محدودية الموارد المائية الطبيعية نتيجة للظروف المناخية السائدة وعدم وجود (مجاري مائية) قادمة من وراء الحدود والدعوة لتبني أية جهة عملية للخطط الإستراتيجية لمعالجة مياه الصرف الصحي وإعادة استعمال المياه المعالجة ووضع سياسات وبرامج تنفيذية واضحة.

واعتبر المبروك أن الاستثمار الأمثل لمياه الصرف الصحي المعالجة هو الهدف الرئيسي للاستراتيجية لتتوافق مع مبدأ اعتبار مياه الصرف الصحي مورداً مائياً ثانويا يجب المحافظة عليه وإعادة استعماله بما يتوافق مع خصائص المياه المعالجة ونوعية إعادة الاستعمال.

من جهته أوضح أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية المصري «أن المياه في الوطن العربي تكتسب أهمية خاصة نظراً لطبيعة الموقع الاستراتيجي للأمة العربية حيث تقع منابع حوالي 60 في المائة من الموارد المائية خارج الأراضي العربية، مما يجعلها خاضعة لسيطرة دول غير عربية تستطيع أن تستخدم المياه كأداة ضغط سياسي أو اقتصادي وهو الأمر الذي يزيد المسألة تعقيداً نتيجة لما يعانيه الوطن العربي من فقر مائي قد يصل في وقت قريب إلى حد الخطر مع تزايد الكثافة السكانية وعمليات التنمية المتواصلة.

وأكد النجار أن الشراكة المائية وخبرة الدول العربية في دراسة الخزان المشترك قضية مهمة ولا بد من العمل على وضع استراتيجية عربية للمياه أو إستراتيجية إقليمية لاستخدام المياه المشترك سواء في الأنهار أو الخزانات المشتركة وكذلك تبادل المعلومات الخاصة بالمياه.

وحذر من التأثيرات السلبية من الاستخدام الجائر للخزن الجوفي بالدول العربية وأهمية التعاون وتبادل الخبراء بين الدول العربية ودول أمريكا الشمالية والجنوبية في مجال الموارد المائية والزراعة وخاصة في مجال زيادة قاعدة الري وحصاد المياه والتنبؤ بالأمطار ومعالجة واستخدام المياه المالحة وتحلية مياه البحر. وفي سياق بيئي آخر قال المهندس عبد الهادي النجار رئيس منتدى البيئة الإلكتروني «إن المفهوم الاقتصادي لاستغلال الموارد الطبيعية لا يأخذ بالاعتبار الخسائر البيئية والتكاليف الاجتماعية في النشاط الاقتصادي، أي التكاليف على مستوى المجتمع وعلى مستوى الاقتصاد ككل والتي تسمى بالتكاليف الخارجية فعند إنتاج أي منتج صناعي مثلاً لا يحسب ضمن التكلفة سوى التكلفة داخل المجمع الصناعي ولا يحسب كم طناً من الأسماك قد دمر في البحيرة أو في البحر المجاور مقابل إنتاج هذا المنتج أم كم شخصاً قد تضرر أو مرض نتيجة الغازات أو الغبار المنطلق وكم سيكلف علاجهم وما هي خسائر الإنتاج الناجمة عن التوقف عن العمل بسبب المرض وكم هو حجم الضرر الحاصل في المزروعات والغابات والهواء في المنطقة المحيطة بالمجمع الصناعي».

وأضاف «ولا تحسب أيضاً التكاليف الإقليمية أو العالمية الناجمة عن المصانع الأخرى للدول الواقعة والقريبة من تلك المجمعات الصناعية والتي تؤثر على اقتصاديات وموارد وسكان هذه المناطق سواء بموت الأحياء البحرية أو بتلويث الهواء أو غير ذلك كما أنه لا تحسب تكلفة زيادة غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي يتسبب بارتفاع درجة حرارة الأرض ولا تحسب أيضاً تكلفة زيادة غازات الكلورفلور كربونات وأول أوكسيد الكلور التي تسبب تمزيق طبقة الأوزون فهذه التكاليف الاجتماعية والتي تعتبر خارجية بالنسبة للمنشأة سواء كانت على مستوى بلد معين أو إقليم معين أو على المستوى العالمي، لا تزال خارج الحسابات الاقتصادية.