مشاريع «النزل البيئية».. تغيب عن خريطة الأحساء «السياحية»

دراسة توصي بدعمها اقتصاديا.. وتطالب بالاستفادة من مهرجانات «التمور» المجاورة

مطالبة أكاديمية باستثمار الطبيعة الأحسائية في إقامة «النزل البيئية»
TT

طرقت دراسة حديثة باب الاستثمار السياحي في إقامة النزل البيئية والريفية، حيث أوصت بدعم هذه المشروعات وإيجاد منتجات سياحية تقوم على عناصر الطبيعة، لكون النزل الريفية أصبحت تعتبر نوعاً من النزل السياحية التي تعتمد على البيئة وتعكس فلسفة وأسس السياحة البيئية، وتقدم السياحة كعملية تثقيفية، تعليمية وتشاركية مع المجتمع المحلي.

وطالبت الدراسة التي أعدها الدكتور أحمد عبد الفتاح ندا، من كلية التربية للبنات بحفر الباطن، وتحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، بتنمية وإدارة النزل بشكل يتناسب مع مقومات البيئة في الأحساء، كي يستفيد زائرو النزل من معايشة التجربة البيئية المستمدة من المقومات الطبيعة للمنطقة، وذلك بالاعتماد على أن السكان المحليين يمثلون أهم مكونات البيئة، كما أن خصائصهم وعاداتهم وتقاليدهم وأسلوب حياتهم تعتبر من أهم مقومات السياحة البيئية الريفية.

ودعت الدراسة التي جاءت بعنوان «محافظة الأحساء بين مقومات التنمية السياحية والحفاظ على البيئة»، إلى دعم التوجه الإيجابي للتعامل مع البيئة في المناطق السياحية المختلفة بمنطقة الأحساء، تعريف الزائر بمقومات السياحة البيئية في المنطقة، تنمية الوعي العام بأساليب التعامل الأمثل مع عناصر البيئة الطبيعية والتراثية والأثرية في الأحساء إلى جانب الاهتمام بنشر الوعي بأساليب الاستخدام الأمثل للمنتجات السياحية سواء بالنسبة للسياح القاصدين للمنطقة أو السكان المحليين في الأحساء.

وأوضحت الدراسة أن الدعم الاقتصادي للمناطق الريفية بمختلف قرى وهجر الأحساء، يتمحور عن طريق السياحة البيئية حول عدد من العوامل، منها إزالة المعوقات التي تعتري الفعالية السياحية لهذه المناطق، إبراز المقومات الطبيعية وعوامل الجذب السياحي، تكامل المنتج السياحي بحيث يكون متناسباً مع المواصفات المطلوبة، إلى جانب تناسب أسعار المرافق السياحية ومنافستها للمرافق الأخرى داخلياً وخارجياً، الاهتمام بتوفير وتطوير مقومات السياحة الراقية التي تتمثل في البنية الأساسية من طرق، ماء، كهرباء وصرف صحي في مناطق الجذب السياحي والاهتمام بإنجاز التجهيزات الضرورية ومرافق كفيلة بضمان سلامة البيئة وجمالية المناطق السياحية ومحيطها. وشددت الدراسة على ضرورة تشجيع وتحفيز القطاع الخاص للاستثمار في مشاريع السياحة البيئية، وإتاحة الفرص أمامه للاستثمار في هذا المجال، وتنوع المنتج السياحي وتوجيه الاستثمارات السياحية نحو المناطق الجبلية، الساحلية، الصحراوية ومناطق الحياة الفطرية، إضافة إلى التركيز على توعية المواطنين بمختلف المناطق السعودية بأهمية السياحة البيئية وتوضيح حجم الفوائد من وراء هذا النشاط، وضرورة دعم الحرف اليدوية السياحية والتذكارية بما يخدم البيئة السياحية وينشط الموارد المالية لسكان المناطق، كما ركزت الدراسة على أهمية التوسع في المحميات الطبيعية ومساحاتها، والتشدد في حمايتها، خاصة النادرة منها والمهددة بالانقراض، والاهتمام بإنشاء المشاريع السياحية حولها بما يخدم سكان المنطقة وزيادة مواردهم المالية. من جهة أخرى، أوصت الدراسة بتنويع منتج العرض السياحي للأحساء كي يشتمل على الاستفادة من أنماط السياحة، سواء من السياحة الثقافية التاريخية، السياحة الجبلية، سياحة الرياضات المختلفة وسياحة الترويحية والمهرجانات المختلفة، بالإضافة إلى المطالبة بالاستفادة من التجارب السابقة للمهرجانات الصيفية التي تقام في بعض المناطق السعودية، ومن أبرزها مهرجان التمور الذي يقام بشكل سنوي ويركز في كل عام على مواضيع محددة (آفات التمور، الإصابات الحشرية والمرضية للتمور، تغذية النخيل، تسويق التمور، معوقات إنتاج التمور)، بحيث يكون هذا المهرجان شاملاً، ويتضمن إقامة محاضرات توعوية وتثقيفية، وكذلك فعاليات ومعارض مصاحبة، تركز على التمور بأنواعها.

تجدر الإشارة إلى أن الهيئة العليا للسياحة دعمت إقامة مشاريع النزل البيئية، حيث قام جهازها السياحي في منطقة القصيم في وقت سابق بتدشين أول مشروع نموذجي لاستراحة ريفية في أرياف بريدة الغربية، وقدمت الهيئة الدعم الفني الكامل للمشروع من خلال إدارة تطوير المواقع السياحية والدعم النظامي عبر إدارة التراخيص والجودة، فيما تكفلت الهيئة بتنظيم مجموعة من ورش العمل والاجتماعات المتعلقة بالتعريف بالاستراحات الريفية والنزل البيئية، لجذب المستثمرين والمزارعين ورجال الأعمال للاستثمار في هذه النزل.

كما أوضحت الدراسات السابقة التي أجرتها الهيئة أن نوعية هذه المشاريع مجدية اقتصادياً، وتتحمل المخاطر التي قد تتعرض لها أثناء التشغيل، وأن عائداتها تعتبر عالية نسبياً، حيث تم تقديرها بحيث تصبح منافسة للفنادق ووحدات الإقامة التقليدية، وجاذبة للسائح المحلي السعودي والمقيم، على الرغم من ندرة المنافس في هذه النوعية من خدمات الإقامة المرتبطة بالسياحة الريفية. فيما أكدت هذه الدراسات أن التنمية السياحية في أي منطقة لا تعتبر هدفا في حد ذاته، وإنما هي وسيلة لتحسين وضع المجتمعات في هذه المناطق، بما يعود بالنفع على المجتمع كله بصفة عامة بعد ذلك، من خلال الاستفادة من الموارد المتاحة، وتختلف أساليب الاستفادة من الموارد تبعا لأسلوب التنمية المتبع.