قصة شريط الفيديو الذي أقنع حكومة أولمرت وإدارة بوش بقصف موقع دير الزور

أظهر تشابها بين الموقع السوري ومنشآت كورية شمالية

TT

كشف مسؤولون اميركيون ان شريط فيديو تم تصويره في منشآت سورية سرية في فصل الصيف الماضي اقنع الحكومة الاسرائيلية وادارة بوش بأن كوريا الشمالية تساعد سورية على بناء مفاعل نووي مشابه لذلك الذي أنتج بلوتونيوم لترسانة كوريا الشمالية النووية. وأوضح المسؤولون انه تم عرض تلك المعلومات على اعضاء الكونغرس امس.

وقال المسؤولون ان فيديو الموقع النائي يكشف عن وجود كوريين شماليين داخله. وقد لعب الفيديو دورا اساسيا في قرار اسرائيل قصف المنشآت في ساعة متأخرة في 6 سبتمبر الماضي، وهو تحرك أدانته دمشق علنا ولم تعلق عليه الولايات المتحدة.

وقالت مصادر اطلعت على الفيديو انه يظهر ايضا ان التصميم الاساسي للمفاعل السوري هو نفس تصميم المفاعل الخاص في كوريا الشمالية في يونغبيون، بما في ذلك التركيبات والثقوب المخصصة لقطبان الوقود. وقد اظهر «تشابها واضحا بالداخل والخارج مع يونغبيون»، كما ذكر مسؤول استخباري اميركي. بينما وصف اخصائي في الاسلحة النووية الفيديو «بأنه دامغ الى حد كبير».

وتوقع محللو الاسلحة النووية والمسؤولون الاميركيون ان كشف مدير وكالة المخابرات المركزية مايكل هايدن المزمع لتلك المعلومات للكونغرس يمكن ان يعقد جهود الولايات المتحدة لتحسين العلاقات مع كوريا الشمالية في محاولة لوقف برنامجها النووي. وقد ظهرت هذه المعلومات في وقت تتصارع اجنحة داخل الادارة والكونغرس بخصوص فوائد اتفاقية نووية مع كوريا الشمالية.

وقد ادان السفير السوري عماد مصطفى، وبغضب، التصريحات الاميركية والاسرائيلية. وقال «اذا ما عرضوا شريط فيديو، تذكروا ان الولايات المتحدة ذهبت لمجلس الامن التابع للامم المتحدة وقدمت الادلة والصور الخاصة بوجود اسلحة الدمار الشامل في العراق. آمل الا يكون الشعب الاميركي ساذجا هذه المرة ايضا».

وقال المسؤولون الاميركيون ان اسرائيل عرضت الفيديو على الولايات المتحدة قبل غارة 6 سبتمبر، بعدما عبر المسؤولون في الادارة الاميركية عن شكوكهم في الربيع الماضي من ان المنشآت، التي يمكن رؤيتها عبر الاقمار الصناعية منذ عام 2001، هي مفاعل نووي اقيم بمساعدة من كوريا الشمالية. وتجدر الاشارة الى ان اسرائيل لديها ترسانة اسلحة نووية لم تعلن عنها ابدا.

الا ان المسؤولين الاستخباريين كشفوا امس لأعضاء لجان الاستخبارات والخدمات المسلحة والعلاقات الاجنبية في مجلسي الشيوخ والنواب ان التسهيلات السورية لم تكن قد بدأت العمل بطريقة كاملة ولم يكن هناك يورانيوم للمفاعل ولا اية اشارة على قدرته الوقودية، طبقا للمسؤولين الاميركيين والمصادر الاستخبارية.

وقال دافيد اولبرايت رئيس معهد العلوم والامن الدولي ومفتش الاسلحة السابق في الامم المتحدة ان غياب مثل هذا الدليل يبرر الشكوك بأن المفاعل كان جزءا من برنامج اسلحة ناشط».

واوضح «ان الولايات المتحدة واسرائيل لم يحددا وجود منشآت سورية لفصل اليورانيوم او منشآت للاسلحة النووية. والافتقار لمثل هذه المنشآت يحد من الثقة بأن المفاعل هو جزء من برنامج اسلحة نووي ناشط. وعدم وجود وقود، سواء مستورد او منتج محليا، يقلل من الثقة بأن سورية لديها برنامج اسلحة نووية».

وسيبلغ مسؤولون الاستخبارات الاميركيين أعضاء الكونغرس بأن سورية لا تعمل على إعادة بناء مفاعل في الموقع. وقال أولبرايت ان المشاركة الناجحة لكوريا الشمالية في محادثات الدول الست تعني انها لم تكن متورطة في تزويد سورية بمثل هذه المنشآت أو المواد النووية بعد تدمير موقع المفاعل، وأضاف قائلا انه ليس هناك أدلة تذكر على وجود تعاون بين سورية وكوريا الشمالية خلال فترة ما بعد تدمير المفاعل. ويرى مراقبون ان توقيت إطلاع الكونغرس بالنسبة لإدارة بوش ليس مناسبا إذا أخذنا في الاعتبار مبادرتها الدبلوماسية لإقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن برنامجها النووي ووقف العمل بصورة دائمة في مفاعل يوغبيون. وقال مسؤولون ان وكالة الاستخبارات المركزية تعرضت لضغوط لأن نوابا متنفذين هددوا بوقف تمويل المساعي الدبلوماسية الاميركية ما لم يتلقون تقريرا كاملا حول ما تعرفه الإدارة حول هذه القضية. يضاف إلى ما سبق ان بنود الاتفاق المؤقت بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية ينصب على اعتراف مسؤولي كوريا الشمالية بمساعدة بلادهم في البرنامج السوري وبالتالي فإن كشف التفاصيل للكونغرس الغرض منها استباق ما يمكن ان تقوله كوريا الشمالية في نهاية الأمر. عقب المحادثات مع الرئيس الكوري الشمالي نهاية الأسبوع الماضي، قال الرئيس بوش انه من السابق لأوانه التوصل إلى نية كوريا الشمالية التمسك بالتزامها وكشفها علنا عن برامجها وموادها ومنشآتها النووية. وما تزال واشنطن وبيونغيانغ مختلفتين حول ما يتعين ان يتضمنه ذلك الاعلان، وفقا لما قاله مسؤول في وزارة الخارجية. ويقوم سونغ كيم مدير مكتب الشؤون الكورية في وزارة الخارجية بزيارة الى بيونغيانغ لمناقشة المحتويات. وقال مبعوث سورية الى واشنطن ان ايجازات وكالة المخابرات المركزية يقصد منها تقويض الجهود الدبلوماسية مع كوريا الشمالية وليس مواجهة سورية. وقال مصطفى «لماذا يكررون الأكاذيب والتلفيقات نفسها عندما كانوا يخططون لمهاجمة العراق ؟ السبب بسيط: انه يرتبط بكوريا الشمالية وليس بسورية. ولدى المحافظين الجدد اليد الطولى في الموضوع». وأضاف نحن لا نريد أن نخطط للحصول على تكنولوجيا نووية ذلك أننا نفهم واقع هذا العالم وشاهدنا ما فعلت الولايات المتحدة للعراق في وقت لم يكن لديه برنامج نووي. ولهذا فاننا لن نقدم لهم ذريعة لمهاجمة سورية».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»