عمر بكري: نصف طلبتي في السجون.. والنصف الآخر ملاحق

قال لـ«الشرق الأوسط» إن دليل إدانة زعيم حركة الغرباء لم يخرج من منزله

عمر بكري
TT

أثار حكم الإدانة الصادر ضد الناشط أبو عز الدين، زعيم حركة الغرباء الأصولية وخليفة عمر بكري الاسلامي اللبناني، بأربع سنوات ونصف السنة سجنا لجمعه الأموال لمن وصفوا بـ«الإرهابيين» و«المحرضين على الإرهاب» في دول أخرى الأسبوع الماضي، ردود فعل بين التيارات الاصولية في بريطانيا، وحكم على أبو عز الدين، وهو كهربائي يبلغ من العمر 32 عاماً (ولد في بريطانيا وأصبح مسلماً لاحقاً)، بالإضافة لخمسة رجال آخرين، بعد إدانتهم من قبل هيئة محلفين الجمعة الماضية. وربط كثير من الإسلاميين الحكم ضد أبو عز الدين بمواجهته لوزير الداخلية البريطاني في حينها، جون ريد، في مركز مجتمع بشرق لندن عام 2006، حين حث ريد العائلات المسلمة على التدخل إذا شعروا بأن أطفالهم يتطرفون، فقاطعه عز الدين واتهم بريطانيا بأنها دولة إرهاب.

ولكن إدانة عز الدين نبعت من خطابات ملتهبة ألقاها عام 2004، بينما كانت القوات الأميركية تواجه مسلحين في مدينة الفلوجة العراقية، وتعليقات قالها بعد تفجيرات يوليو (تموز) 2005 في شبكة مواصلات لندن كانت قد أودت بحياة 52 راكباً. كذلك صدر حكم بالسجن لمدة مساوية على زميله بريطاني المولد الذي تحوّل للإسلام، سيمون كييلر، لتهم مماثلة.

عمر بكري الذي خرج من لندن الى بيروت بعد هجمات لندن عام 2005، قال لـ«الشرق الأوسط تعقيبا على الحكم على خليفته ان «لندنستان» لم تغلق ابوابها بعد، لان «البذور» موجودة وهم «طلبة العلم» الذين تخرجوا على يديه بالمئات من «كلية الشريعة» التي كان يشرف عليها قبل رحيله الى بيروت. واضاف ان عددا كبيرا ممن سماهم طلبته، استقروا في السجون البريطانية بسبب ما سماه حمل لواء الدعوة، وقال ان النصف الآخر بات ملاحقا امنيا.

* بماذا تصفون الحكم ضد أبو عز الدين بعد اشهر طويلة من المحاكمة ؟ ـ الحكم جائر وهو خير دليل على ازدواجية في المعايير، وظلم فادح في حق المسلمين المسالمين الذين يرفضون الغزو الأميركي ـ البريطاني لأفغانستان والعراق. وهو نابع عن قضاء وضعي من صنع البشر سواء أكان تحت سلطة ديمقراطية أو دكتاتورية، فهما وجهان لعملة واحدة. والمعلوم بداهة أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ولكن عندما تنعدم الأدلة والقرائن، ويصبح الأمر متروكا لعامة الناس، أي لهيئة مكونة من عامة الناس، يطلق عليها «الهيئة المحلفة»، وهي هيئة متأثرة بالرأي العام المنبثق عن إعلام غربي يسيطر عليه الكثير من اليهود، إلى جانب التدخل السافر والتحدث إلى أعضاء هذه اللجنة من قبل بعض عناصر الأجهزة الأمنية، لا شك بأن الحكم الذي سيصدر سيكون جائرا وبعيدا كل البعد عن أدنى درجة من النزاهة.

* هل تعرف أحدا من الذين تمت محاكمتهم في لندن، وما هي أسباب ربطكم بالمحاكمات مع أن وجودكم في بريطانيا يعود إلى 1985؟

ـ إن فشل الشرطة البريطانية والأجهزة الأمنية في منع وقوع ضربات تنظيم «القاعدة» بعد أن تشدقت كثيرا بأنها تملك أحدث أجهزة المراقبة والتنصت، وجاءت هجمات السابع من يوليو 2005 في قطارات لندن والتي أطلق عليها تنظيم «القاعدة» اسم غزوة لندن، لتكون الضربة القاصمة للشرطة والأجهزة الأمنية البريطانية. ولذلك صبت جام غضبها على العلماء والدعاة الذين ينتمون إلى فرقة أهل السنة والجماعة، أو المدرسة السلفية، كأنصار الشريعة، وحركة «المهاجرون» و«حركة الغرباء»، ورابطة «أتباع أهل السنة والجماعة» واستخدمت بعض السذج والمنتفعين من أجل الإيقاع بي أو بالشباب المسلم. وأكثر من يتم اعتقاله كانوا من طلبة العلم في كلية الشريعة التي كنت عميدها ما بين 1993 ـ 2005 ومن هؤلاء الإخوة كل من: الداعية عمر برووكس (أبو عزالدين) – بريطاني كان اسمه تريفور بروكس، اعتنق الإسلام وتخرج من كلية الشريعة لتعليم أصول الدين في لندن والتي كانت تابعة لحركة «المهاجرون» و«جماعة الغرباء.

وهناك العشرات من الإخوة تم سجنهم لأسباب هشة كالمشاركة في مظاهرة لنصرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم أمام السفارة الدنماركية في لندن أو لإلقائهم بعض الكلمات هنا وهناك، وهذه الأحكام الجائرة تدل على الحقد الصليبي المبطن ضد الإسلام وأهله من قبل الأجهزة الأمنية البريطانية.

* ما رأيكم في الدليل المادي بمحاكمة أبو عز الدين الذي يقول إنه أخذ من منزلكم، ذكره الادعاء وهو عبارة عن «سي دي» عليه خطب تحريضية؟ ـ هذا كذب وافتراء من قبل الأجهزة الأمنية البريطانية التي كانت ولاتزال تسعى جاهدة للنيل من الإسلاميين عامة ومني ومن أنصاري خاصة، ولذلك دأبت سياسة الترغيب مع الإخوة من طلبتي لشراء ذممهم، ولما فشلت دأبت سياسة الترهيب والتهديد والسجن وترويع الإخوة وذويهم، بل حتى سجنهم بحسب القانون الجديد لمكافحة الإرهاب الذي يعطي الشرطة الحق في اعتقال وسجن كل من يريدون لمدة 28 يوما من دون توجيه أي تهمة أو حتى الحق في توكيل محام إلا بعد نهاية المدة المتاحة.

ولكن الشرطة البريطانية كانت تحاول جاهدة تأليب بعض طلابي ضدي ولكنها فشلت، وكانت قد عرضت عليهم إبان المحاكمات التخفيف عنهم مقابل توريط حركة «المهاجرون» التي قمت بحلها بنفسي عام 2004 ـ أي قبل عام من خطاب توني بلير الذي دعا فيه إلى تجميد نشاط حركة قد حلت نفسها، ولا شك بأن حلي للحركة اعتبر بمثابة صدمة للشرطة البريطانية.

* بعد تلك الأحكام ماذا سيكون موقف الاصوليين في لندن.. هل سيتجهون الى العمل السري مثلا، أم سيكونون أكثر حيطة وحذرا؟ ـ إن هذه الأحكام الجائرة ستزيد بإذن الله من صلابة الدعوة الى الله، ومن ثبات حملة الدعوة من الإخوة، ولقد تربى عندنا في معاهدنا الآلاف من الطلبة في فترة ما يقارب ثلاثة أجيال من أبناء الجالية المسلمة وممن اعتنقوا الإسلام على منابرنا الكثير من المسلمين الجدد، وقد درسوا معي سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وما تعرض له هو وأصحابه رضوان الله عليهم من حكومة قريش من تشويه لصورتهم، واتهامهم بالتطرف تارة، وبالجنون تارة أخرى.

* هل يمكن القول إن «لندنستان» انتهت الى الأبد بعد سفركم الى بيروت وسجن الدعاة أمثال أبو حمزة وأبو قتادة؟

ـ بالعكس أنا أعتقد بأن دور الدعوة في الغرب عامة وفي بريطانيا خاصة قد بدأ الآن، لأن بذور الدعوة الى الله في بريطانيا، التي قمنا بزرعها وسقايتها ورعايتها، قد أثمرت الكثير بفضل الله تعالى ومنته علينا، أثمرت تقديم الإسلام الصحيح للناس في المجتمع وبيان أحكامه الصحيحة من دون تحريف أدعياء الوسطية والاعتدال، وأنتجت مئات الآلاف ممن اعتنقوا الإسلام وهداهم الله تعالى على منابرنا، وخرجت كلية الشريعة الآلاف من طلبة العلم وحملة الدعوة وأنصار الجهاد والمجاهدين في سبيل الله، وكل هؤلاء قد هداهم الله تعالى على منابر دعوتنا الصافية الخاصة لوجه الله تعالى، والبعيدة عن النفاق والقوميات والعصبيات، والتي تميزت باتباع الحق، أي الوحي المنزل في الكتاب والسنة الشريفة بفهم سلف هذه الأمة وهم أصحاب النبي الكريم وآل بيته المطهرون رضوان الله عليهم أجمعين.