الفيصل: لا نحتاج لوساطة مع سورية.. ولم أسمع بزيارة محتملة للأسد إلى الرياض

قال إن تدويل الأزمة اللبنانية ليس خطرا.. وإن بلاده تدرس عرضا من الناتو للانضمام إلى مبادرة اسطنبول

TT

رأى الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية السعودي، أن لا خطر في تدويل الأزمة اللبنانية، لافتا إلى أن التدويل ينصب في نفس التوجه العربي الرامي لإيجاد حل لأزمة الفراغ الرئاسي عبر المبادرة التي تقودها الجامعة العربية.

وقال الفيصل بعد لقائه نظيره النرويجي، يوناس جاهرستروه، عن اجتماع لبنان الذي عقد على هامش مؤتمر جوار العراق في الكويت، إنه جاء «في إطار مجهودات الأمم المتحدة، وواجبات كل الأطراف لمساعدة لبنان على تخطي أزمته». وأمل وزير الخارجية السعودي، الذي تحدث في مؤتمر صحافي مشترك مع الوزير جاهرستروه في العاصمة السعودية، أن يشهد تاريخ 13 مايو (أيار) المقبل، انتخاب العماد ميشيل سليمان رئيسا للبنان.

وأضاف «نأمل أن يكون الموعد المحدد في الثالث عشر من مايو المقبل موعدا نهائيا لفتح أبواب البرلمان وانتخاب الرئيس التوافقي العماد ميشال سليمان، تمهيدا لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، والشروع في مراجعة قانون الانتخابات النيابية بين كافة الأطراف. ووضع حد للأزمة على مبدأ تغليب مصلحة لبنان الوطنية، والنأي به عن أي تدخلات خارجية تهدف إلى زعزعة أمنه واستقراره وجعله ساحة للنزاعات الإقليمية والدولية».

وكان الأمير الفيصل ونظيره النرويجي، قد تباحثا في جلسة مباحثات وصفت بـ«المطولة والشاملة»، حول الأزمة اللبنانية، حيث أكدا أهمية حلها على ضوء مبادرة الجامعة العربية القائمة على مبدأ التوافق بين الأطراف اللبنانية وفق الأطر الدستورية، وعلى ضوء استحقاقات الانتخابات النيــابيــة بين الأغلبيــة والأقلية. وأعلن الوزيران السعودي والنرويجي، تطابق وجهات نظر بلديهما حول مجمل القضايا الإقليمية والدولية، وخاصة المتعلقة بمستقبل العملية السلمية، والأزمة اللبنانية، والوضع في العراق ودارفور. وعلَق الفيصل على ما تردد حول زيارة محتملة للرئيس السوري بشار الأسد إلى السعودية بقوله «لم أسمع بهذا الخبر»، واستدرك قائلا «لم نتلق أي طلب بخصوص هذه الزيارة».

ويرى وزير الخارجية السعودي، عدم وجود حاجة للتوسط بين بلاده وسورية، اللتين تمر علاقاتهما ببعض التوتر، حيث كان يشير بذلك إلى إعلان طهران استعدادها للتوسط بين الرياض ودمشق، وقال «أعتقد أنه لا توجد هناك ضرورة لوساطة بين سورية والمملكة العربية السعودية. نحن علاقاتنا قائمة والاتصالات مباشرة ولم تنقطع العلاقات. وبالتالي أستغرب أن تكون هناك ضرورة للوساطة الخارجية بين البلدين».

وأكد سعود الفيصل أن بلاده تدرس عرض حلف «الناتو» الخاص بانضمام الرياض لمبادرة اسطنبول، وقال «كانت هناك زيارة من حلف النــاتو إلى المملكة، كما كانت هناك زيــارة من المملكة إلى الناتو. ونحن ندرس بطبيعة الحال هذا العرض»، في إشارة لمبادرة اســطنبول.

وقلل وزير الخارجية السعودي، من أهمية النداءات التي تتحدث عن ضرورة استغناء العالم عن البترول، والذي تشهد أسعاره ارتفاعات كبيرة. وقال «مسألة عدم استخدام البترول، هي نداءات محدودة» وأضــاف معلقا حول ارتفاع أسعار البترول «أعتقد أن المشكلة هي أن نجد نوعا من التوازن في مجال الطــاقة. فسوف نحتاج البترول في المستقبل القريب، وسوف تكون هناك بدائل نحتاج إليها أيضا على المستوى العالمي». ولم يخف الفيصل قلق بلاده بشأن الدول المستهلكة في ظل ارتفاع أسعار البترول، وقال «نحن قلقون في ما يتعلق بالدول المستهلكة، لأنهم هم زبائننا، ولن نقوم بأي شيء من أجل تدمير اقتصاد أي دولة، وكلنا أمل بأن التطورات في ما يتعلق بمصادر الطاقة البديلة ستساعد، وسيكون هناك مزيد من التعاون في ما يتعلق باحتياجات المستهلكين في هذا المجال».

وأكد الأمير الفيصل ونظيره النرويجي حرص بلديهما لاستقرار سوق البترول العالمي، وقال «باعتبار النفط أحد المجالات المهمة للبلدين، فإن التعاون القائم بيننا يكتسب أهمية خاصة في إطار أهداف استقرار سوق البترول العالمي بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين والصناعة البترولية والاقتصاد العالمي عموما، وتشهد بداية هذا العام تطورا نوعيا في التعاون بيننا في مجال النفط من خلال التركيز على قضايا البترول والبيئة، وعمليات تجميع وحقن الكربون على وجه الخصوص، وهو ما ينسجم مع الجهود الدولية في هذا الخصوص، ومبادرة المملكة في قمة الأوبك الأخيرة في الرياض بإنشاء صندوق لأبحاث الطاقة والبيئة والتغير المناخي ودعمه بمبلغ ثلاثمائة مليون دولار».

وتطلع الوزيران السعودي والنرويجي إلى التوقيع النهائي على اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون ودول رابطة التجارة الحرة الأوروبية (الإفتا) التي من شأنها، تعزيز العلاقات الاقتصادية والإسهام في زيادة التبادل التجاري وتشجيع الاستثمارات المتبادلة للسلع والخدمات بين دول المجلس و«الإفتا» بما يعود بالفائدة على البلدين.

وبحث الفيصل وجاهرستروه عملية السلام في الشرق الأوسط والجهود القائمة للدفع بها. وقال وزير الخارجية السعودي «نحن ننظر بكل تقدير إلى مساهمة النرويج الإيجابية في العملية السلمية، وهي الراعية لاتفاق أوسلو الذي نجم عنه قيام سلطة الحكم الذاتية الفلسطينية في الأراضي المحتلة». وأضاف «نتطلع إلى استمرار هذه الجهود، كما نتطلع إلى استجابة المجتمع الدولي لها، مع أهمية مطالبة إسرائيل برفع الحصار الجائر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة لتسهيل إيصال المساعدات له».

وتطــرقت المحــادثات السعودية – النرويجية، لبحث المشكلات الدولية. حيث ذكر الأمير الفيصل أنه جرى بحث «أزمة دارفور، والمؤتمر الدولي لمساعدة السودان المقرر استضافته في أوسلو في مايو المقبل». وتطلع في الوقت نفسه إلى أن يحقق المؤتمر أهدافه في دعم السودان لإنهاء المعاناة لسكان دارفور، فيما أمل أن يشكل المؤتمر فرصة لتوحيد الرؤى والسياسات الدولية لحل الأزمة بعيدا عن لغة التوتر والتصعيد التي من شأنها إضفاء المزيد من التعقيدات عليها.

وتطابقت وجهات نظر الرياض وأوسلو، حيال أهداف الحفاظ على العراق آمنا موحدا ومزدهرا، في ظل سيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية ووحدته الوطنية والحفاظ على هويته الوطنية، والنأي به عن أي تدخلات خارجية تهدف إلى مصادرة قراره السياسي، وإرادته الحرة. فيما أكد الوزيران على أهمية التوصيات الصادرة عن المؤتمر الثالث الموسع للدول المجاورة في هذا الخصوص، والعمل على دعم تحقيقها في إطار الجهود الدولية والإقليمية.

واشتملت المباحثات، بحسب الأمير الفيصل على «الملف النووي في منطقة الشرق الأوسط والخليج، وأهمية استمرار الجهود السلمية في حل أزمة الملف النووي الإيراني، مع ضمان حق دول المنطقة في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وفق معايير وإجراءات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتحت إشرافها». وأكد الفيصل أهمية تطبيق هذه المعايير على جميع دول المنطقة بدون استثناء بما فيها إسرائيل.

وعلَق الفيصل على سؤال عن المسائل الرئيسية التي تتعلق بحقوق الإنسان في المملكة، قائلا إن لدى بلاده مجموعة من القيم التي يجب أن تتبعها، وأضاف «كما أن في المملكة منظمتين (جمعيتين) لحقوق الإنسان تستقبلان الشكاوى وتقومان بمتابعتها مع المؤسسات المعنية». وتعتبر زيارة وزير الخارجية النرويجي، أول زيارة يقوم بها إلى السعودية. وقال إنه يهدف من خلالها إلى تعميق العلاقات بين بلاده والسعودية، «والاطلاع على المملكة العربية السعودية عن قرب من الناحية الثقافية والجوانب الأخرى».

وأوضح الوزير النرويجي، أن كلا البلدين قد طورا فهمهما الخاص وتعاونهما في مجال الطاقة على سبيل المثال لسنوات عديدة، وقال «أضفنا البعد السياسي في العلاقات وهو مبني على طموحاتنا التقنية وتطوير التقنية التي تحتاجها المملكة. نحن نعمق هذا التعاون ونجدد هذا التعاون في مجال الطاقة والغاز والبترول في ما يتعلق بالوقود العضوي».

واشار إلى أنه تمت مناقشة العديد من المسائل حيث كان هناك تطابق في وجهات النظر في ما يخص لبنان والسودان والشرق الأوسط وغيرها من المسائل، مبينا أنه سيكون هناك اجتماع في لندن في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وأوضح أنه من خلال هذه الزيارات بين البلدان والدول يمكن مناقشة الأمور والنظر فيها وتحقيق التنسيق والعمل بشكل أكبر لخدمة قضايا المنطقة.

وفي سؤال لوزير الخارجية النرويجي عن دور النرويج في إنهاء المشكلة التي نجمت عن نشر الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، قال «بالنسبة للرسوم في بلدي فقد نشرت عن طريق محرر واحد فقط. أما باقي الصحف فقد رفضت نشر تلك الرسوم. نحن في النرويج أســاس ثقافتنا هو احترام الدين، ومن هنا أنا أدعو الى مزيد من الحوار الثقافي والديني حتى نتجنب الوقوع في مثل هذه الحوادث».

وعن دور أوسلو في دعم الهيئة التي تعنى بشؤون الفلسطينيين أجاب وزير الخارجية النرويجي أن النرويج ترأس مجموعة المتبرعين وقد عقد 28 اجتماعا بهذا الخصوص حيث تمكنوا من تنظيم عملية التبرع وكيفية التصرف الفلسطيني بهذه التبرعات من أجل أن يعيش قطاع غزة بسلام ومساعدة الفلسطينيين في مجال الاقتصاد وخلق الظروف المواتية للاقتصاد الفلسطيني من اجل أن ينمو.

وحول مسألة حقن الكربون قال الوزير النرويجي «نحن ثالث بلد منتج للغاز وخامس بلد منتج للبترول ونحن الآن في مرحلة التعاون النوعي في ما يتعلق بحقن الكربون وتجميعه، وخصوصا في مناطق العالم الثالث وهناك تقنية محدثة ومطورة نستطيع أن نستخدمها في هذا الخصوص».

وأضاف «بالإمكــان التعاون مع المملــكة بتطوير ثاني أوكسيد الكربون الموجود في الهواء وأن تستثمر في هذا المجال وتــوفر الكثيــر من الدعم، ويمكن أن نناقش هذا مع هولندا وبريطانيا وكذلك المملكة العربية الســعودية، فبوجود الشــمس القوية في المملكة ووجــود التقنية لدينا يمكن أن نعمق العلاقات ونخلق الكثير من التعــاون».