اشتعلت أمس شرارة نقاش وبحث قضايا عالقة في سوق المقاولات السعودي، في مقدمتها ارتفاع اسعار مواد البناء وتعثر المقاولين في اتمام عقود سابقة، اضافة الى بحث التحديات التي تواجه سوق المقاولات في السعودية والمخاوف من نشوب خلافات مع اصحاب المشاريع والعقود.
وكان اللقاء الذي اطلق اعماله عشية امس، برعاية وزير التجارة والصناعة السعودي عبد الله بن أحمد زينل في الغرفة التجارية في جدة، ويستمر حتى عشية يوم غد، قد قرر منظموه بحث كافة القضايا المتعلقة بالمقاولات بحضور عدد كبير من المهتمين والخبراء والمتضررين ايضا.
وأوضح عبد الله رضوان رئيس الملتقى وعضو غرفة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن الملتقى يأتي في توقيت مهم حيث تعيش سوق المقاولات موجة ارتفاع في أسعار مواد البناء، خاصة الإسمنت والحديد اللذين يعدان عنصرين أساسيين في استكمال المشاريع الإنشائية. وأضاف «أن الملتقى تشارك فيه خمس شركات، ويهدف الى حل كل ما يواجه قطاع المقاولين في السعودية من مشاكل، خصوصا في ظل التغيرات الأخيرة في أسعار مواد البناء التي وصلت الارتفاعات فيها الى نسب تفوق 200 في المائة بسبب ارتفاع الطلب على المعروض في الأسواق، إضافة لارتفاع أسعار المواد الأولية على المصانع في داخل وخارج المملكة، والاستعداد للمرحلة القادمة التي ستشهد ارتفاعات كبيرة بسبب الطفرة تتجاوز أسعارها الطفرة الأولى، كما سنحاول من خلال الملتقى إيجاد السبل التي من شأنها إعادة الثقة للمقاول، وإيجاد بيئة عمل صحية». وأضاف «أن الهدف الأساسي وراء إقامة الملتقى، هو التصدي للتحديات التي تواجه القطاع والبحث عن حلول واقتراحات تساهم في تحقيق الاستقرار له»، مشيرا إلى أن مخاوف المقاولين تتلخص من نشوب خلافات مع أصحاب المشاريع في العقود التي تم إبرامها قبل حدوث الأزمة الجديدة التي ما زالت في بدايتها.
وقال «ان ابرز ما سيتم نقاشه هذا اليوم من محاور، هو ما يتعلق بتذليل المعوقات والسلبيات التي يواجهها هذا القطاع، ومن أهمها عمليات الاتحاد والاندماج بين المقاولين الوطنيين لتكوين كيانات ذات إمكانيات وقدرات عالية من النواحي القانونية والفنية والإدارية، حتى يتمكن هذا القطاع من زيادة إسهامه في الناتج الوطني وتوظيف الشباب السعودي الطموح، ليكون في وضع تنافسي قوي مع المقاولين الأجانب، ويتمكن من تصدير صناعة المقاولات السعودية إلى الخارج. وبين أن الملتقى الذي افتتحه وزير التجارة أمس، شهد عرض مشروع تحويل صيغة عقد المشتريات الذي يتم تطبيقه حاليا في السعودية إلى عقد دولي بنظام «فديك»، مشيرا إلى أن عقد «فيديك» هو نظام متكامل وعالمي ومعمول به في معظم الدول، وهذا النظام يتضمن فقرة عن تعويض المقاولين في حال ارتفاع الأسعار وبشكل فوري، إضافة إلى وضع قواعد تنظيمية لذلك.
وتطرق الرضوان الى ان محاور جلسات اليوم الاربعاء ستبحث نقطة مهمة، وهي أساليب ترسية المشاريع ونوعية العقود والتزام الحكومة بصرف حقوق المقاولين وفق برنامج زمني محدد، ونسبة السعودة ومنح التأشيرات لاستقدام العمالة الوافدة لتنفيذ المشاريع، مبينا أن تأخر التأشيرات يعد من أكبر التحديات التي تدفع المقاولين إلى الإحجام عن تنفيذ المشاريع.
وذهب عبد الله العمار رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين الى ان هناك عددا كبيرا من شركات المقاولات أوقفت العمل في عديد من المشاريع سواء الحكومية أو الخاصة بالأفراد والشركات، بسبب عدم قدرتهم على العمل في ظل ارتفاع الأسعار ووفق العقود التي تم توقيعها قبل أكثر من عامين، مشيراً إلى أن البعض منها فضل الانسحاب. وعاد العمار ليؤكد بأنه أصبح من الضرورة تطبيق عقد «فيدك» في المناقصات والمقاولات بالمملكة، حيث انه سوف يحل جميع المشاكل التي يعيشها القطاع حالياً، موضحاً أن عقد «فديك» نظام متكامل وعالمي ومعمول به في معظم الدول، يطالب المقاولون بتطبيقه لما يتضمن من فقرات تنص على تعويض المقاولين، في حال ارتفاع الأسعار وبشكل فوري، إضافة إلى وضع قواعد تنظيمية لذلك.
يشار إلى أن الأزمة التي عاشتها سوق المقاولات في العام الماضي، دفعت أصحاب المشاريع المتوقفة إلى رفع شكوى للجهات الأمنية، ودعاوى قضائية للمحاكم الشرعية ضد شركات المقاولات، بعد توقف الأخيرة عن إكمال المشاريع بحجة خسائرها الواضحة في العقد المبرم بعد الارتفاع الأخير في أسعار الإسمنت، زادت في جدة وحدها عن 500 قضية.
وكانت أسعار الحديد بشكل خاص قد شهدت ارتفاعاً ملحوظاً منذ مطلع العام، كما شهدت مواد أخرى مستخدمة في البناء الزيادة ذاتها، حيث ارتفعت أسعار النحاس المستخدم في الأسلاك، وكابلات الكهرباء، والمواد العازلة، والأنابيب البلاستيكية.