تعثر المؤتمر الرابع لحزب «حركة مجتمع السلم» الاسلامي الجزائري، لليوم الثاني، بسبب خلاف حاد بين فريقي المرشحين لرئاسة الحزب حول من له الحق في إدارة الجلسات. وتردد عشية المؤتمر، بأن علماء دين جاؤوا من الخارج للوساطة بين الطرفين المتنازعين، لكن المرشحين نفسيهما يرفضان الاحتكام إلى وساطة.
ولم تنطلق أشغال مؤتمر «مجتمع السلم»، الذي يعد أكبر حزب إسلامي بالجزائر، مساء أول من أمس، ولا صباح أمس، كما أعلن عنه في مراسم الافتتاح، حيث نشب نزاع كبير بين «المكتب التنفيذي» للحزب الموالي للرئيس أبو جرة سلطاني و«لجنة تحضير المؤتمر» الموالية لمنافسه على الرئاسة عبد المجيد مناصرة، بشأن من يملك الحق في توزيع المندوبين بقاعة المؤتمر، وفي التأكد من هوياتهم ومن استيفائهم شروط المشاركة في الجلسات التي يفترض أن تنتهي مساء غد، لكن المعارك الإجرائية التي ظهرت في البداية تفيد بأن الاختتام قد يتأخر إلى مساء السبت القادم.
وتوافد المؤتمرون صباح أمس، بكثرة على «القاعة البيضاوية» بالملعب الأولمبي بالعاصمة، تحسبا للخضوع لعملية فرز المندوبين. وفوجئ غالبيتهم بأن مندوبي بعض الولايات لم يحصلوا على شارات المندوب، خاصة ولايتي الجزائر العاصمة وبومرداس (شرق) وهما مواليتان لمناصرة.
وقد ظهرت مساء أول من أمس، بوادر تعثر انطلاق المؤتمر عندما تجمعت أعداد كبيرة من أعضاء الحركة أمام «القاعة البيضاوية» احتجاجات على ما سموه «تجاهل» الطعون التي رفعوها للجنة تحضير المؤتمر تشكك في مصداقية انتخاب المندوبين في الولايات. وبما أن اللجنة تساند ترشح مناصرة، فقد اتهمتها جماعة سلطاني «بفرز المندوبين على مقاس الخصوم».
وسادت الظروف المحيطة بالمؤتمر، أجواء مشحونة شعر بها المدعوون لحضور الافتتاح من خارج الحزب، فقرر بعضهم مغادرة المكان وأغلبهم أعضاء في السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر. وخلافا لما أعلن عنه قبل أيام، بدا الحضور الأجنبي ضعيفاً، إذ دعي مسؤولون من حركة الاخوان المسلمين من مصر، التي تتبعها «حركة مجتمع السلم» فكرياً، ولم يحضروا. واقتصرت المشاركة الأجنبية على إسلاميي المغرب، إذ حضر سعد الدين العثماني أمين عام حزب «حركة العدالة والتنمية»، وعضو في «حركة العدل والاحسان» شبه المحظورة في المغرب.
وقال العثماني في كلمة قصيرة دعاه سلطاني لإلقائها إن «حركة مجتمع السلم» تمثل الاسلام الوسطي والمعتدل في منطقة المغرب العربي. وتحدث عن «فضائل التداول على السلطة، وإتاحة الفرصة للأكفأ ليقود بلداننا».
وقدم سلطاني في خطاب طويل، ما يشبه حصيلة خمس سنوات عن ولايته (2003 ـ 2008)، إذ قال إن عهده تميز برفع وعاء الحزب الانتخابي من 700 ألف إلى قرابة المليون، وزيادة عدد النواب من 38 بموجب انتخابات 2002 إلى 54 نائبا بعد انتخابات البرلمان التي جرت العام الماضي. واعتذر سلطاني عن «أخطائي وزلاتي التي ارتكبتها خلال سنوات ولايتي». وعلق سالم شريف رئيس لجنة المؤتمر على ما ذكره سلطاني، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «كان يفترض من رئيس الحركة أن يعطينا حصيلة موضوعية عما أنجزه من مكاسب، وما لم ينجزه من وعود، لا أن يستجدي المؤتمرين بكلامه عن الاعتذار والأخطاء حتى نجدد له الرئاسة».
وتداول صحافيون وبعض مناضلي «حركة مجتمع السلم» عشية المؤتمر، أخبارا عن وساطة يقوم بها علماء دين ومسؤولون من حركة الاخوان بمصر، بين الطرفين المتنازعين، بغرض إجراء الجلسات في جو هادئ. وقال مناصرة لـ«الشرق الأوسط»: «نحن لم نطلب وساطة من أي أحد، ولسنا أصلا في حاجة إلى وسطاء، لأن الطرفين يحضران المؤتمر بالتنسيق مع بعضهما، ويجري الأمر في إطار احترام اللوائح. ولدينا ضيوف من الخارج يشاركوننا عرسنا، لكنهم غير مدعويين للتوسط بين أي من الطرفين».
من جهته ذكر نور الدين آيت مسعودان مدير ديوان سلطاني، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن المنظمين كانوا يترقبون حضور شيوخ من حركة الاخوان من مصر، لكنهم تخلفوا حسبه عن الموعد. ونفى أن يكونوا على صلة بأي شيء اسمه وساطة بين مناصرة وسلطاني.