فشل إضراب 4 مايو في القاهرة.. والمحلة تعج برجال الأمن وبعض منازلها تتشح بالسواد

بعض نواب جماعة «الإخوان» المشاركة في الدعوة يحضرون جلسة للبرلمان

رجال شرطة مصريون يشترون عصيرا باردا من بائع متجول وهم في شاحنتهم أثناء مظاهرة احتجاج أمس قرب نقابة المحامين في القاهرة (أ. ب)
TT

كلمات بسيطة من فلاح مصري لخصت ما حدث أمس في مصر عندما قال «ما يصحش نزعل الريّس بالإضراب في يوم عيد ميلاده» ليدل على فشل إضراب، 4 مايو (ايار) الجاري، الذي دعا اليه عدد من القوى السياسية المعارضة، في الذكرى الثمانين لميلاد الرئيس المصري حسني مبارك، والذي قضاه في جولة استمرت بضع ساعات افتتح خلالها عددا من المشروعات في مدينة السادات بمحافظة المنوفية (93 كيلومتراً شمال القاهرة).

فعلى غير أيام الآحاد التي تتسم عادة بالانسياب المروري في شوارع القاهرة باعتبارها عطلة المحلات التجارية، ازدحمت شوارع العاصمة المصرية أمس، وهو ما فسره البعض بنجاح مبادرة علاوة الـ30% التي أعلنها مبارك، في خطابه بمناسبة عيد العمال يوم الأربعاء الماضي، في وأد دعاوى الإضراب في مهدها. وبعض آخر فسرها بأنها حالة من مراجعة النفس بعد أحداث الشغب التي سادت إضراب السادس من أبريل (نيسان) الماضي.

ولم يبد أي مظهر للإضراب في شوارع القاهرة، سوى الوجود الأمني المكثف في بعض أماكن التظاهر المعتادة وسط القاهرة، مثل ميدان التحرير، أكبر ميادين التحرير وسط القاهرة ورمسيس قرب نقابتي المحامين والصحافيين، وطلعت حرب الذي يضم مقري حزبي الغد والتجمع المعارضين.

ولكن رغم ازدحام شوارع القاهرة، خلت شوارع مدينة المحلة الكبرى الصناعية من المارة، ومنع المراسلون الصحافيون والإعلاميون من دخول المدينة، بينما انتشرت سيارات الأمن المركزي في شوارع المدينة لمنع تكرار أحداث الشغب يومي 6 و7 أبريل. وانتظم العمل في مصانع الغزل والنسيج بالمدينة التي أطلق عمالها شرارة إضراب (6 ابريل).

وكان اللافت للنظر في المحلة بخلاف التعزيزات الأمنية، انتشار اللافتات السوداء في شرفات بعض منازل المدينة، وهو المظهر الوحيد للإضراب الذي شهدته المدينة، التي تشتهر بصناعة الغزل والنسيج.

ولم تعتقل الشرطة المصرية سوى شخص واحد على خلفية الإضراب، عندما كان يقوم بتعليق منشورات مكتوبة بخط اليد تحمل شعار «خليك بالبيت يوم 4 مايو» في حي الزيتون شرق القاهرة. ورغم أن جماعة الإخوان المسلمين كانت إحدى الجهات التي دعت للإضراب، إلا أن عددا من أعضاء كتلتها النيابية شاركوا في جلسات البرلمان أمس. وهو ما فسره أحد نواب الإخوان المسلمين، بقوله لـ«الشرق الأوسط» إن «الدعوة للإضراب عامة، وتستثني المصالح والأماكن الحيوية، والبرلمان هو أحد هذه الأماكن الحيوية، لذلك لا يمكن للنواب أن يشاركوا في الإضراب».

الاختلاف حول نجاح الدعوة لإضراب أمس، كان السمة الرئيسية بين الناشطين السياسيين باختلاف توجهاتهم. فمن جانبه، اعتبر الدكتور محمد حبيب النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان المسلمين أن الإضراب نجح في دفع الحكومة إلى الإعلان عن العلاوة في الأجور بنسبة 30%، إضافة إلى التراجع النسبي في أزمة الخبز، والإفراج عن بعض المعتقلين على خلفية إضراب 6 أبريل والوعود الأمنية عن الإفراج عن بقية المعتقلين قريباً.

وقال حبيب لـ«الشرق الأوسط» «أضف إلى هذا كله، تعامل وزارة الداخلية بشيء من النضج مع الحدث، فلم تحدث أي اعتقالات على خلفية الإضراب، بين صفوف أعضاء الجماعة أو غيرهم من المعارضين».

وشن الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري المعارض الذي قاطع الإضراب هجوما حادا على القوى السياسية التي أعلنت مشاركتها في الإضراب، متهما إياها بـ«عدم قراءة الخريطة السياسية والواقع المصري».

وقال السعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «فشل إضراب 4 مايو كان متوقعا لأن الشعب المصري غير ساذج حتى يستجيب لدعوة من مجهول»، مضيفا أن «الدعوة للإضراب جاءت متضاربة وسارت في اتجاهات متعددة ما بين البقاء في المنزل والنزول للاحتجاج أو ارتداء الملابس السوداء أو تعليق الرايات السوداء على شرفات المنازل».

الدكتور عمرو الشوبكي، الباحث بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بمؤسسة «الأهرام» كان له نفس الرأي، وقال لـ«الشرق الأوسط» «إن إضراب أمس لم يحدث ولم يلق أي تجاوب جماهيري».

واعتبر الشوبكى أن فشل إضراب أمس «دليل على أن قوى المعارضة بما فيها جماعة الإخوان المسلمين ليست لديها القدرة على حشد الجماهير وإقناعها بالمشاركة»، واصفا الإضراب بأنه «كان افتراضيا».

وقال «من المهم أن نفرق بين إضراب 6 أبريل الماضي وإضراب أمس لان إضراب أبريل كان واقعيا استند إلى قوى اجتماعية حقيقية هي عمال المحلة، بينما دعوة أمس هي مجرد دعوة على شبكة الانترنت وبعيدة عن الواقع الاجتماعي»، معتبراً أن غالبية الجماهير المصرية ما زالت غير مستعدة وغير مهتمة بدعوات الاحتجاج، طالما ليست لها مصلحة شخصية مباشرة في الدعوة.