مسؤول سابق بإدارة كلينتون: ضيعنا فرصة ذهبية مع خاتمي.. وحل الملف الإيراني بعد بوش

عضو سابق في مجلس الأمن القومي الأميركي يؤكد فشل سياسة بلاده في التعامل مع طهران

TT

بينما تنشغل ادارة الرئيس الاميركي جورج بوش بالتطورات في ايران، تنتظر الاوساط السياسية مجيء ادارة جديدة بداية العام المقبل لتتعامل مع هذا الملف الشائك الذي يزداد تعقيداً مع ربطه بالاحداث في العراق. وعلى الرغم من ان الولايات المتحدة تلتزم بـ«مسارين» في التعامل مع ايران بين الحوافز والعقوبات، إلا ان تساؤلات كثيرة تطرح حول نجاح هذه السياسة. ويؤكد جاك كارفيلي، وهو مسؤول سابق في ادارة الرئيس الاميركي بيل كلينتون، وعضو في مجلس الامن القومي الاميركي بين عامي 1996 و2000، ان سياسة ادارة بوش «لم تنجح» في مواجهة التطور النووي الايراني الذي تخشى واشنطن من ان اهدافه نووية. ولفت كارفيلي الى انه مع تولي المتشدد محمود احمدي نجاد الرئاسة الايرانية عام 2005، اصبحت العلاقات بين واشنطن وطهران أكثر تأزماً. وأقر بأن ادارة بيل كلينتون لم تنتهز فرصة التعامل مع الرئيس الايراني السابق محمد خاتمي الاصلاحي، قائلاً: «نعم كان بالامكان عمل المزيد، وكان رأي الكثير من زملائي في الادارة انه يمكننا ان نفعل المزيد واعطاء الدبلوماسية كل فرصة ممكنة». وأضاف: «كانت فرصة ضائعة ولو كان بالامكان تغيير الماضي لفعلت ذلك». وأضاف: «كنا تحت ضغوط دولية مهولة من اسرائيل واطراف اخرى، مما جعلنا غير قادرين على طرح التفاوض مع الايرانيين بشمل معلن». ولفت كارفيلي الى ان «ادارة كلينتون كانت تشعر بأنها مقيدة من قبل الكونغرس الذي كان يسيطر عليه الجمهوريون كما ان الاوضاع السياسية قبل 10 اعوام كانت مختلفة، ولم يكن الشعب مستعداً للمقايضة» مع ايران بعد قطع العلاقات بعد ازمة اقتحام السفارة الاميركية في طهران عام 1979.

وأكد كارفيلي ان سياسة الادارة الاميركية الحالية في التعامل مع ايران «لم تنجح»، مضيفاً: «لقد شهدنا 3 جولات من العقوبات الدولية، وغرض العقوبات هو تغيير سلوك الدولة.. ومن البديهي ان ذلك لم يحصل» بايران. وأضاف: «ايران تواصل تطوير اجهزة الطرد المركزي، بالاضافة الى تطوير منشأة اراك للمياه الثقيلة وتتقدم في برنامجها الصاروخي الذي قد يؤدي الى انتاج سلاح نووي»، موضحاً: «كل هذه دلائل تتجه الى نهاية واحدة ولا نعتمد على دليل واحد فقط»، في اشارة الى احتمال تطوير طهران لبرنامج نووي عسكري. وتابع: «تداعيات مثل هذا البرنامج بعيدة جداً والسياسات الاميركية والمتعددة الاطراف لم تنجح». وشدد على انه «لا يوجد شك من أن ايران تكرس مصادرها السياسية والمادية للحصول على سلاح نووي عسكري، رغم ان الفترة الزمنية لذلك غير معروفة بعد». وقال كارفيلي انه «حتى الآن طرح خياران لتغيير مسار الاحداث في ما يخص البرنامج النووي الايراني»، موضحاً ان الخيار الاول «فرض عقوبات اقتصادية شاملة مع كل الشركاء التجاريين لايران، بما فيهم روسيا والصين». لكنه اردف قائلاً «حتى الآن يبدو هذا الخيار غير واقعي، خاصة ان الصين وروسيا لا تريدان المخاطرة بعلاقاتهما الثنائية مع ايران». واقر بأنه في كل حال «من المستحيل تحديد العقوبات لتستهدف فقط جهات معينة»، مضيفاً: «احياناً يؤدي ذلك الى دمار اجتماعي، ويترك آثارا مؤسفة على المجتمع». اما الخيار الثاني الذي طرح هو «نوع ما من الخيار العسكري المحدد»، مؤكداً ان «خيار الغزو غير وارد». وأضاف ان «خيار الضربات العسكرية ممكن، وانه بالتأكيد سيغير مسار الاحداث»، موضحاً أن «الولايات المتحدة ستنجح عسكرياً في مثل هذا الخيار لكن السؤال هو ما يحدث في اليوم التالي، وخاصة حول اسعار النفط والتأثير الكبير في الاقتصاد العالمي ورد فعل المجموعات الموالية لايران مثل حزب الله». وعن طبيعة هجوم عسكري محتمل على ايران، قال كارفيلي: «في حال حصل، ستكون الهجمات تقليدية باستخدام طائرات وصواريخ من طراز (كروز) لتكون محدودة بالاهداف العسكرية النووية». واستبعد أن تقوم اسرائيل بالمهمة هذه، قائلاً ان «العملية تحتاج لأكثر من هجمة واحدة وتحتاج الى قدرات كبيرة لا أتوقع ان اسرائيل تملكها، والاسرائيليون يعلمون ان هذه الحالة ليست نفس اوسيراك»، في اشارة الى القصف الاسرائيلي لمفاعل نووي عراقي عام 1981. وهناك أطراف عدة في الولايات المتحدة، وعلى رأسها المحافظون الجدد، مؤيدة للخيار العسكري. وشرح كارفيلي أنه «من الصعب معرفة ما يوقف الولايات المتحدة من هذا الخيار ولكن بالتأكيد الاحداث في العراق تلعب دوراً مع تردد القيادة العسكرية عن ضربة عسكرية اخرى». ولكنه لم يجزم بعدم إقدام الادارة الاميركية الحالية على مثل هذه العملية، قائلاً: «قد يحدث ذلك في هذه الادارة، فما زال هناك بعض الوقت لتحرك الادارة والعامل الفاصل سيكون اذا أحرزت ايران تقدماً استثنائياً في النشاط النووي». واعتبر انه «في حال تزايدت حدة لهجة المسؤولين الاميركيين ضد ايران سنتوقع ضربة، فالهدف من ذلك سيكون اعداد الرأي العام لها». ولفت إلى أن هناك خيارا ثالثا غير مطروح بجدية في واشنطن الآن، وهو «صفقة شاملة تعتمد على الدبلوماسية العالية والحوار من دون شروط مسبقة». واضاف كارفالي الذي بدا متحمساً لهذه الفكرة وتحدث عنها مطولاً: «يمكن وضع كافة القضايا على الطاولة ومعرفة ما اذا كانت هناك مصداقية ونية حسنة» من الايرانيين. وتوقع ان هذا الخيار «قد يمنح للادارة المقبلة» مع رفض الادارة الحالية هذا المقترح.

واكد كارفيلي ان حل النزاع مع ايران «سيكون على عاتق الرئيس الاميركي المقبل». وتابع ان الوضع في العراق «سيكون محور تركيز الادارة المقبلة بشكل خاص، ولكن كل الملفات المتعلقة بالمنطقة، بما فيها الملف الايراني، سيشغلها». وأضاف: «الاوضاع تغيرت الآن، لا يمكن لنا السير في حلقة مفرغة لاننا لم ننجح حتى الآن». وعن علاقة الرئيس، أو الرئيسة، في حال فازت المتنافسة على ترشيح الحزب الجمهوري هيلاري كلينتون، بايران، قال كارفيلي: «سنرى ما سيحدث ولكن تصريحات السيدة كلينتون حول نسف ايران غير موفقة بالنسبة الى مرشح رئاسي». واعتبر ان احتمال فتح حوار شامل مع ايران «ممكن تصوره اكثر ضمن سياسة خارجية لباراك أوباما (احد المتنافسين على ترشيح الحزب الديمقراطي) ولكن لا نعلم ذلك بشكل مطلق»، قبل ان يضيف: «قد يظهر (المرشح الجمهوري) جون ماكين اعمق فكرياً في هذه القضية مما تتصور الناس». وشدد كارفيلي على ان الرد الايراني وطريقة تعامل طهران مع الادارة الجديدة سيلعبان دوراً مهماً ايضاً، موضحاً: أن «الايرانيين اخذوا اتجاهاًَ معيناً في السنوات الاخيرة.. واذا اراد النظام الايراني خياراً جيداً، فهو مطروح امامهم»، في اشارة الى جملة الحوافز المطروحة على ايران من قبل الدول الست الكبرى.

وكارفيلي، مثل غيره من المسؤولين السابقين الاميركيين، يدرس احتمال عودته الى العمل الحكومي مع الادارة الجديدة. ولكن المثير انه، مثل شخصيات سياسية اميركية اخرى، لم يحدد بعد الى اية حملة سينضم ومن هو المرشح المفضل لديه، وخاصة في ما يخص السياسة الخارجية. ورفض كارفيلي الخوض في تفاصيل احتمال انضمامه الى احدى الحملات الانتخابية، مكتفياً بالقول انه على اتصال ببعض العاملين في الحملات الانتخابية ويدرس الانضمام الى احدها قريباً في حال تم الاتفاق على ذلك.

وعلى الرغم من ان تركيز كارفيلي اثناء عمله في ادارة بيل كلينتون على منع انتشار التسلح، الا انه مهتم ايضاً بالاوضاع في العراق بسبب تأثيرها الواسع على الولايات المتحدة. وقال ان المرشحين الثلاثة للادارة الاميركية لديهم خيارات معينة، لا تتناسب بالضرورة مع تصريحاتهم الانتخابية، مذكراً بأن «الحديث كمرشح شيء وتحمل المسؤولية في البيت الابيض شيء اخر». واضاف: «ماكين واضح جداً وسيستمر على نهجه وهو ان علينا اعطاء الدعم الكافي للحكومة العراقية ليستقر العراق على المدى البعيد». وتابع: «هذه السياسة الافضل في العراق لأننا نحتاج لعراق يعتمد على نفسه، وهذه الفرصة يبدو ماكين مستعداً لمنحها». وشرح كارفيلي ان موقفي كلينتون واوباما «مبني على السياسة الداخلية وضغوط عدم شعبية الحرب». واضاف: «ما يمكن ان تجده كلينتون أو أوباما في حال وصلا الى البيت الابيض ان الخروج من العراق ليس بالسهولة التي يتحدثون عنها». وتابع: «حاجة الولايات المتحدة للنفط ستبقى امراً مهماً للادارة المقبلة، وعلينا معالجة اعتماد الولايات المتحدة على النفط، مما يعني انها بحاجة الى سياسة شاملة خاصة بالطاقة».