معرض «شاهد وشهيد» يسترجع تاريخ الملك فيصل أمام أجيال السعودية الجديدة

مشاعل بنت تركي: المعرض يحكي قصة كفاح ثالث ملوك المملكة ويتضمن مقتنيات وأوسمة وصورا نادرة

TT

يسترجع معرض «الفيصل.. شاهد وشهيد» الذي تنظمه مؤسسة الملك فيصل الخيرية ومركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بمقر المتحف الوطني، أمام الأجيال السعودية الجديدة، تاريخ الملك الثالث في الدولة السعودية الثالثة، وقصة كفاحه ومواقفه في سبيل نهضة بلاده، وذلك تزامنا مع الندوة التي تنظمها دارة الملك عبد العزيز عن الملك الراحل. وأكدت الأميرة مشاعل بنت تركي الفيصل، المشرفة على المعرض، وحفيدة الملك الراحل، أن الفعاليات تشتمل على الكثير من المعلومات الموثقة بالصور المختلفة عن رحلات الملك فيصل ومواقفه السياسية من القضايا العالمية والإقليمية والمحلية. وأوضحت أن فترة حكم الملك فيصل كانت زاخرة بالأحداث والتحولات المختلفة والحراك الاجتماعي، حيث شهد العالم خلالها، بما في ذلك العالم العربي، الكثير من الأحداث المهمة.

وأشارت، الأميرة مشاعل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه تم اتخاذ كافة الاستعدادات لإبراز شخصية الملك فيصل من خلال المعرض، وعلى النحو الذي يعكس مواقف حقيقية وصادقة من حياته، مبينة أنه تم إعداد الكثير من الخطب والأحاديث والصور المختلفة التي تتناول مراحل متعددة من حياة الملك فيصل، ووضعها في المعرض الذي يستهدف شرائح عدة من المجتمع السعودي، خصوصا أولئك الذين لم يعايشوا فترة حكم الملك فيصل، أو يتعرفوا على شخصيته ومواقفه إزاء العديد من القضايا المهمة، وفي القلب منها قضية فلسطين التي كانت تشكل هاجسا كبيرا في حياته، وكان يحمل رؤية خاصة تجاهها.  وذكرت الأميرة مشاعل، أن «فترة حكم الملك فيصل، شهدت خلالها المملكة ترسيخ دعائم التنمية ووضع اللبنات الأولى لأسس التقدم والرقي والنهضة في جميع المجالات، خصوصا مجال التعليم الذي يعد الركيزة الأولى في رقي الشعوب وعلو الأمم».

وأبانت أن المعرض، الذي يعكس شعاره كون الملك فيصل شاهدا على الأحداث العديدة، يركز على حياة الفيصل بدءا من طفولته، مرورا بنشأته، وتربيته وتأثيرها على مسيرته، وانتهاء بفترة حكمه ملكا على البلاد (1384ـ1395هـ).

وأشارت إلى أن الأميرة صيتة بنت عبد العزيز سترعى افتتاح المعرض النسائي مساء السبت المقبل، مشيرة إلى أن الملك فيصل كانت له مواقف ريادية سبقت عصره، لعل أبرزها مشاريع تحلية المياه، وتأسيس حركة التضامن الإسلامي، وموقفه من تعليم البنات، إضافة إلى مساندته لقضايا المرأة وحقوقها لتقوم بدورها المناسب في تنمية البلاد ودفع عجلة التنمية. وأضافت «إن هذه المواقف تجلت ثمارها فيما بعد، حيث أصبحت المرأة السعودية تشغل أرقى المناصب العلمية، والإدارية، والتجارية، وتشكل مع الرجل جناحي قاطرة التنمية التي تشهدها بلادنا الغالية».  وذكرت الأميرة مشاعل «أنه تمت دعوة العديد من الذين عايشوا فترة حكم الملك فيصل، ممن هم على قيد الحياة، من الذين تقلدوا مناصب أتاحت لهم العمل مع الملك فيصل بشكل مباشر، حيث سيتحدثون عن ذكرياتهم مع الفيصل، خلال المعرض والندوة التي تعد الثانية ضمن سلسلة الندوات الملكية التي تعمل الدارة على تنظيمها عن الملوك من أبناء الملك عبد العزيز لتوثيق سيرهم وأعمالهم في بناء المملكة، وخدمة المجتمع السعودي، وتنمية مؤسساته الحكومية، وكذلك التأريخ للفترات التاريخية للمجتمع بعناصرها المختلفة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو المعرفية من خلال شخصياتهم وإنجازاتهم الحضارية».

ولفتت إلى أن البحوث التي ستطرح في جلسات الندوة بلغت 34 بحثاً توزعت على محاورها العشرة وهي: نشأة الملك فيصل وسيرته قبل توليه الحكم، التنظيم الإداري في عهده، التعليم والثقافة والإعلام، الجوانب الاقتصادية، خدمة الحرمين الشريفين والحجاج، الشؤون الإسلامية، الجوانب العسكرية والأمنية، الجوانب الاجتماعية والإنسانية والصحية، النقل والاتصالات، والسياسة الخارجية.

وأضافت الأميرة مشاعل ان المعرض سيتضمن صورا للملك فيصل تمثل مراحل مختلفة من حياته، ونصوصاً تاريخية عنه، وأفلاماً قصيرة عن بعض رحلاته الخارجية المبكرة ومنها فيلم يحكي رحلته الأولى إلى بريطانيا عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، وآخر عن رحلته الثانية وهو في العشرين من عمره، إضافة إلى عرض لبعض خطبه السياسية، وعرض عدد من الأوسمة والسيوف والمخطوطات وبعض المقتنيات الخاصة، وغيرها من الأشياء الشخصية المتعلقة بالملك فيصل عبر حقب زمنية متباينة.

وقالت الأميرة مشاعل «إن إقامة هذا المعرض تأتي تتويجاً لسيرة ملك وهب حياته كلها لصالح وطنه وأمته، وقدم الكثير من التضحيات لهذا الغرض، مشيرة إلى أن الملك فيصل شخصية ودودة ومحبوبة، وكان يعامل أفراد أسرته معاملة أبوية حانية، حيث كان حريصا على متابعة أمور أبنائه، كما قص علي ذلك والدي، وكان يسألهم عما أخذوه في المدرسة وهل استذكروا دروسهم أم لا؟ ويحفزهم على طلب العلم والسعي نحو الأخذ بأسباب التقدم والمدنية حتى تنهض البلاد وتستقيم أمور العباد».

وأضافت: إن الملك فيصل على الرغم من مشاغله الكثيرة، كان يشارك أبناءه والمحيطين به مناسباتهم الاجتماعية، ويشدد على ضرورة الوقوف إلى جانب الناس في السراء والضراء، كاشفة أن الملك فيصل كان يتألم كثيرا عندما يمرض أحد أبنائه أو أحفاده، أو معارفه، وكان يوالي السؤال عنه حتى يكتب الله له الشفاء، لقد كان ـ يرحمه الله ـ إنسانا بكل معنى الكلمة، فهو أب وجد ومسؤول وصديق وكل الشمائل الطيبة كانت من خصاله.

وبينت الأميرة مشاعل أن المعرض يتضمن معظم مأثورات الملك فيصل قائلة: «نحن لا نستطيع حصر جهود فيصل ونشاطاته في معرض أو أكثر، فهي كثيرة للغاية ومتعددة، غير أننا حاولنا العمل وقد اجتهدنا بقدر المستطاع لتسليط الضوء على تلك الحقبة المجيدة من تاريخ المملكة العربية السعودية».

ويبدأ المعرض استقبال زواره من الرجال و النساء اعتباراً من يوم الأحد المقبل، حسب جدول زيارات المتحف الوطني بمركز الملك عبد العزيز التاريخي بالرياض، ويستمر لفترة طويلة، إلى أن يتم نقله في بداية فصل الصيف إلى مدينة أبها، حيث تكون الفرصة مهيأة لمرتادي المنطقة من السياح السعوديين والخليجيين، كون أبها جاذبة للسياحة الخليجية، ومن ثم سينقل المعرض على التوالي إلى كل من جدة والدمام، ثم خليجيا وعالميا، ليعود مرة أخرى إلى الرياض مع بداية العام الدراسي المقبل ليتسنى للطلبة والطالبات زيارته عن طريق المدارس.