مصر: توقعات بارتفاع أسعار الغذاء بعد قرارات تقليص الدعم للطاقة

خبراء يحذرون من تأثر مناخ الاستثمار بالإجراءات الفجائية

زيادات الأسعار تثير جدلا واسعا في الأوساط الشعبية والاستثمارية («الشرق الأوسط»)
TT

أثارت الزيادات التي أقرتها الحكومة المصرية قبل نحو يومين على أسعار عدد من السلع البترولية والخامات بجانب فرض ضرائب على الأنشطة الاستثمارية المتمتعة بنظام المناطق الحرة، جدلا واسعا في الأوساط الشعبية والاستثمارية على حد سواء، وسط تحذيرات من انعكاس هذه الزيادات سلبا على الأسعار في الأسواق والتهامها الزيادة التي أقرها الرئيس حسني مبارك قبل أقل من أسبوع على مرتبات العاملين بالدولة بنحو 30 في المائة. وبينما نفى المسؤولون المصريون أن تكون هذه الزيادة في أسعار السلع التى تم طرحها وإقرارها بشكل فجائي أول من أمس فى مجلس الشعب المصري (البرلمان) أن تكون بمثابة نوع من الالتفاف على زيادة المرتبات المقررة والتي تصل قيمتها إلى نحو 14 مليار جنيه (2.6 مليار دولار)، إلا أن عددا من الخبراء أكدوا أن المواطن البسيط هو وحده من سيتحمل تبعاتها، وأنه سيشعر مجددا بأنه عاد إلى مربع الصفر بعد أن تلتهم الزيادة في الأسعار المرتقبة في السلع الغذائية والإستراتيجية الزيادة المقررة في راتبه.

وأقر البرلمان المصري سبعة مصادر رئيسية لتمويل زيادة الأجور والدعم فى موازنة العام المالي الجديد 2008/2009 من بينها زيادة أسعار البنزين والسولار، ليرتفع سعر البنزين 90 أوكتينا بـ 45 قرشا و95 أوكتينا بواقع جنيه واحد ليصل السعر للأول إلى 175 قرشا (0.3 دولار) للتر الواحد والثاني 275 قرشا (0.5 دولار)، بالإضافة إلى زيادة سعر لتر السولار الذي يدخل فى عدد من العمليات الإنتاجية، خاصة نقل السلع والبضائع بنحو 35 قرشا ليصل إلى 110 قروش (0.2 دولار). كما تم رفع أسعار الغاز الطبيعي للصناعات كثيفة الاستخدام بنحو 57 في المائة، وفرض رسم تنمية موارد على الطفلة المستخرجة من المحاجر بواقع 27 جنيها (5 دولارات) عن كل طن تستخدمها مصانع الأسمنت، وفرض رسم تنمية موارد على رخص تسيير السيارات وفقا لهيكل متدرج، بالإضافة إلى إنهاء التمتع بنظام المناطق الحرة للمشروعات الاستثمارية كثيفة الاستخدام للطاقة، والتي تعمل تحديدا في مجال صناعة الأسمدة والحديد والصلب وتصنيع الغاز ونقله وتصنيع البترول. بالإضافة إلى زيادة حصيلة الضرائب من هذه المناطق بحوالي 600 مليون جنيه سنويا (112.3 مليون دولار)، ورفع أسعار السجائر بمتوسط 10 في المائة للعبوات الشعبية و20 في العبوات المستوردة.

من جانبه، أكد أحد مسؤولي اتحاد الغرف التجارية أن هذه الزيادة في الأسعار ستؤدى بلا شك في ارتفاع أسعار المنتج النهائي سواء كانت سلعا غذائية أو سلعا إستراتيجية كالأسمنت والأسمدة والحديد.

وأشار إلى أن زيادة سعر السولار ستؤدي حتما إلى ارتفاع السلع الغذائية باعتبار أن عمليات الشحن والنقل تعتمد بشكل أساسي على هذه السلعة. وفي هذا السياق، نفى الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية المصري أن تكون الزيادات فى أسعار بعض السلع بمثابة نوع من الالتفاف على زيادة العلاوة الاجتماعية التي قررها الرئيس مبارك بنسبة 30 في المائة يوم الأربعاء الماضي. وأشار غالى في تصريح له إلى أن الحكومة بحاجة إلى نحو 14 مليار جنيه لتغطية العلاوة الاجتماعية التي قررها الرئيس مبارك، مشيرا إلى أنه كان من الضروري الحصول على هذه الأموال عبر طرق لا تخلق تضخما ينسف ما يتم منحه من علاوة. وشدد الدكتور غالى على أنه من الناحية الاقتصادية لا يجوز للحكومة دعم الطاقة، خاصة في ظل وجود أناس بحاجة إلى سلع استهلاكية مدعومة، بالإضافة إلى مسكن ورعاية صحية أفضل.

واعتبر أن الزيادة في أسعار السولار على الرغم من أنه يدخل في عمليات إنتاجية عكس البنزين، لن تؤدي إلى زيادة في أسعار المنتجات والخدمات إلا بنسب ضئيلة، مشيرا إلى أن 22 في المائة من استهلاك السولار يتم من خلال السياحة، وبالتالي المواطن العادي لن يتأثر بها، ونحو 17 في المائة يذهب إلى الصناعات الخفيفة التي تعتمد بشكل كبير على الكهرباء وتعتمد على نحو 0.5 في المائة من تكلفة الإنتاج عليه. أما الصناعات الثقيلة فتعتمد على المازوت وليس السولار بشكل أساسي، موضحا أن الجزء الأخر يذهب إلى النقل التجاري. وقال وزير المالية المصري إن زيادة السولار لن تزيد من تكلفة النقل على الطن الواحد أيا كان نوعه إلا بمعدل يبلغ نحو 70 قرشا. غير أن الدكتور على المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي المصري أشار إلى أن الحكومة ستحافظ على استمرار رغيف الخبز المدعم فئة خمسة قروش بسعره الحالي.