البنتاغون يلغي تعيين جنرال كبير في باكستان بسبب سجله في معتقل غوانتانامو

استياء عارم في إسلام آباد واعتبار خطوة واشنطن «غير مسؤولة»

TT

عندما أعلن البنتاغون في مارس (آذار) الماضي أن الجنرال جاي هود، سيصبح المسؤول الأميركي الأول في باكستان، فإن ذلك كان يعكس الهدف العسكري لاختيار محارب خبير في منصب حساس وفي وقت دقيق من الحرب على القاعدة وطالبان في منطقة القبائل الباكستانية. وبعد نحو شهرين، تم إلغاء هذا التعيين للجنرال الذي تعرض للنقد الشديد في وسائل الإعلام الباكستانية بسبب إحدى مهماته السابقة: وهي العمل كمأمور لسجن غوانتانامو في كوبا. ففي أثناء قيادة هود من عام 2004 إلى 2006، قامت السلطات العسكرية بإرغام المعتقلين على تناول الطعام عن طريق خراطيم عندما أعلن المعتقلون إضرابا عن الطعام في سجن غوانتانامو، وهي الخطوة التي كانت السلطات تراها ضرورية لمنع المعتقلين من الانتحار. وفي فترة عمله كذلك، أفادت تقارير بتدنيس القرآن الكريم من قبل أحد العسكريين الأميركيين، وهو ما نجمت عنه مظاهرات عارمة اجتاحت العالم الإسلامي.

ولم يعلن بعد عن قرار إلغاء ترقية الجنرال هود، ولكن يبدو أنه يعكس الظلال القاتمة التي يبعث بها معتقل غوانتانامو حول السياسة الأميركية الخارجية. ففي الوقت الذي تعتبر فيه الولايات المتحدة باكستان حليفا مقربا في مكافحة الإرهاب، فإن الأعداد الكبيرة من الباكستانيين الذين عادوا إلى باكستان بعد اعتقالهم في خليج غوانتانامو قد زادت من العداء للأميركيين في هذا البلد.

وقد أعلن العديد من المعلقين العسكريين والسياسيين الباكستانيين عن إدانتهم لاختيار هود خلال الأسابيع القليلة الماضية، وقد دعوا حكومتهم الجديدة إلى إلغاء هذا التعيين. وفي مقابلة أجريت هذا الأسبوع، قال مسؤولون عسكريون أميركيون إن فعالية هود لم تعد في محلها وإنه ربما يكون عرضة للإيذاء الشخصي إذا تولى هذا المنصب. وقد تمت إعادة نحو 65 معتقلا باكستانيا في خليج غوانتانامو إلى باكستان، حسبما أفاد المتحدث الرسمي العسكري بولين ستورم. ولم يتضح بعد ما إذا كانت الحكومة الباكستانية الجديدة قد طلبت إلغاء التعيين أم لا. ولكن يوم الثلاثاء الماضي، أعلن المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية الباكستانية محمد صديق أن الحكومة «مدركة تماما لحساسية الأخبار التي نقلت بشأن انتقال الجنرال هود إلى إسلام آباد. إننا نأمل في معالجة هذا الأمر بأفضل طريقة ممكنة».

وعند سؤاله عن سحب التعيين، قال الكابتن جيمس جرايبل المتحدث العسكري الرسمي يوم الخميس الماضي محاولا إخفاء صعوبة الموقف: «لقد طلب إلى الجنرال هود العمل في موقع مختلف آخر في القيادة المركزية».

ولم يجب الجنرال هود على الرسائل الإلكترونية أو الاتصالات الهاتفية يوم الخميس الماضي. ومن المتوقع أن يحتل الجنرال هود الذي خدم في منطقة الخليج العربي عام 1991 وفي كوسوفو، أن يصبح رئيسا لقسم في السفارة الأميركية في إسلام آباد يعرف باسم مكتب مندوب الدفاع في باكستان. وهناك نحو عشرين شخصا في هذا المكتب يراقبون العلاقات العسكرية بين الولايات المتحدة وباكستان بما في ذلك التدريب والمعدات. وحتى سنوات قليلة ماضية، كان يقوم كولونيل بإدارة هذا المكتب، ولكن مع ازدياد أهمية باكستان الاستراتيجية في عهد إدارة بوش بسبب الحرب على الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر (ايلول)، فقد تم تحديث هذا المنصب إلى جنرال يحمل نجمتين. والرئيس الحالي للمكتب هو الجنرال جيمس هيلملي، ومن المقرر أن يترك منصبه بنهاية الشهر الجاري، ولم يتم تعيين خليفة للجنرال هود حتى الآن. وقد عبر مسؤولان من وزارة الدفاع رفضا الإفصاح عن هويتهما لأن الأمر يحتوي على قرارات وظيفية عن غضبهما من اختيار الجنرال هود، كما عبرا عن اعتقادهما بأنه لم تتم دراسة هذا القرار بعناية كافية.

وقد حاول الجنرال هود الذي تولى قيادة مركز الاعتقال في خليج غوانتانامو في مارس (آذار) 2004، قبل فضيحة أبوغريب بوقت قصير، أن يضع قناعا إنسانيا على هذه الفضائح. فقد مدحه بعض المحامين العاملين في مجموعات السجناء وحقوق الإنسان لتحسينه أوضاع المعتقلين، وبعد توليه المهمة بوقت قصير، تم التقليل من بعض أعنف وسائل التحقيق مع المعتقلين. ولكن كان عليه كذلك أن يتعامل مع ظهور تقرير في مجلة النيوزويك يفيد بأن من المتوقع أن يتم إجراء تحقيق فيما يتعلق بحادثة لتدنيس القرآن الكريم في إحدى حمامات مركز الاعتقال. وقد قامت المجلة بسحب المقال بعد ذلك، لكن التحقيق العسكري أثبت أن الجندي قد قام عن عمد بالتبول على نسخة من القرآن الكريم، وقد أدى ذلك إلى مظاهرات في باكستان وأفغانستان قتل فيها نحو 17 شخصا. وقد تواصل النقد للجنرال هود في وسائل الإعلام الباكستانية بعدما أعلن البنتاغون عن تعيينه يوم 13 مارس (آذار).

ويقول شيرين مازاري وهو مدير مركز الدراسات الاستراتيجية ومقره إسلام آباد وتموله وزارة الخارجية الباكستانية في صحيفة الأخبار وهي من أكبر الصحف التي تصدر باللغة الإنجليزية في باكستان: «لقد أصبح خليج غوانتانامو نفسه رمزا للظلم والتعذيب ومحاربة الإسلام، ومن شأن إرسال مسؤول من هناك إلى إسلام آباد أن يطرح سؤالا: ما هي الرسالة التي يريد البنتاغون إرسالها إلى الشعب الباكستاني بهذا الإجراء غير المسؤول؟».

وأضاف الدكتور مازاري: «ومن الأهمية كذلك أن ندرك أن الحكومات المضيفة لها الحق في رفض تعيين المسؤولين ـ وهناك العديد من الدول الغربية التي مارست هذا الحق بشأن بعض المعينين الدبلوماسيين لدى الحكومة الباكستانية ـ فلماذا إذاً تختار الحكومة الباكستانية الصمت وتناول الوجبة الأميركية بدون تفكير؟».

* خدمة نيويورك تايمز