أظهرت السيولة المدارة في تعاملات سوق الأسهم السعودية أمس عزوفا واضحا من قبل المتعاملين في ظل ضبابية الاتجاه الذي يعيشه المؤشر العام، والذي يغلب عليه التراجع قياسا بفترات الارتفاع، حيث سجل إجمالي قيمة التعاملات أمس مستوى 5.1 مليار ريال (1.36 مليار دولار)، لتعود السيولة إلى مستويات غادرتها منذ 2 أبريل (نيسان) الماضي.
وجاء هذا التراجع القوي في مستويات الأموال المدارة في التعاملات اليومية، نتيجة للانصراف عن فكرة الدخول في السوق قبل اتضاح المسار الحقيقي، والذي يؤكد فترة الانتظار والترقب التي تعيشها السوق، لتعلن قيمة التعاملات هذا التوجه متراجعة بنسبة 20.07 في المائة عن قيمة التعاملات أول من أمس.
وعاشت السوق في تعاملاتها لليوم الثاني من تداولات هذا الأسبوع مسار تراجع هادئ، بعد أن افتتحت على بصيص من التفاؤل، بارتفاع 52 نقطة ملامسة مستوى 9716 نقطة، ليبدأ المؤشر العام بعدها التوجه إلى الأسفل حتى حقق أعلى خسارة أمس عند مستوى 9572 نقطة فاقدا 92 نقطة تعادل قرابة النقطة المئوية الواحدة.
وحثت القطاعات الرئيسية المؤشر العام على التمسك في المسار الهابط لليوم الثاني على التوالي بعد أن استكانت أسهم الشركات القيادية إلى الركود السعري والذي غلب عليه الانخفاض، لتتراجع بذلك 10 قطاعات، لف أركانها اللون الأحمر، بفعل قياداتها التي عانت في الفترة الأخيرة من عزوف المتداولين عن أسهمها بعد التوجه المضاربي الفاضح الذي انتاب التعاملات في الفترة الأخيرة.
ورغم التشاؤمية التي عمت القطاعات الرئيسية إلا أن قطاع المصارف والخدمات المالية، حاول بجدية أن يعيد السوق إلى الاتجاه الصاعد، بعد أن أظهر هذا القطاع حيوية في الأداء بعد مرور قرابة الساعتين من عمر تعاملات الأمس، الأمر الذي شجع المؤشر العام على مجارات التحسن في أسعار أسهم شركات القطاع، على الرغم من بقاء القطاع المصرفي في المنطقة الحمراء.
ورفعت محاولات قطاع المصارف في تقليص حجم الخسارة أمس، الروح المعنوية لخمس قطاعات في السوق، والتي تحفزت بمجرد رؤية هذا التحرك الفعلي من قطاع البنوك، إلى اتشاحها باللون الأخضر، لتزيد هذه القطاعات من وتيرة الارتفاع في السوق، من أدنى مستوياتها أمس، بعد أن حققت القطاعات الخمسة أداء لافتا أدخل مؤشراتها في مواجهة جادة مع اتجاه المؤشر العام المتراجع. وانكشف سلوك تنقل السيولة بين القطاعات أمس، حيث بدأ المضاربون تعاملاتهم بالتركيز على أسهم «الخشاش» بهدف العزف على وتر التوجه المضاربي والإيعاز باستمرار هذا الاهتمام، خصوصا بعد أن انتقلت السيولة إلى أسهم الشركات الزراعية، والتي أخذت بالتحرك اللافت، حتى انتهى المطاف في حركة الأموال الانتهازية بالاتجاه إلى قطاع التأمين الذي لازمت أسهم إحدى شركاته النسبة القصوى.
وأنهت سوق الأسهم السعودية تعاملاتها أمس عند مستوى 9646 نقطة بانخفاض 18 نقطة فقط تعادل 0.19 في المائة عبر تداول 131.04 مليون سهم بقيمة 5.1 مليار ريال (1.36 مليار دولار)، لتتغلب أسهم الشركات الصاعدة على نظيراتها المنخفضة، بعد أن سجلت أسهم 44 في المائة من شركات السوق صعودا مقابل تراجع 35.3 في المائة من الشركات. أمام ذلك رفض علي الفضلي المحلل الفني، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أمس، مقولة التأثير الفعلي للاكتتابات على مسار السوق الحالي، مؤكدا أن هذا الاعتقاد ينافي المنطقية في الطرح خصوصا أن مثل هذه الاكتتابات تزيد من جذب السيولة إلى السوق كما هو حال السوق قبل طفرة الأسهم. ويرى الفضلي أن هذا التبرير يروج من قبل بعض المستفيدين من هذه المقولة خصوصا أن البيئة العامة للمتعاملين تساير مثل هذه الطرح، والذي يستغل من قبل بعض المضاربين لهز الثقة في توجهات السوق، والذي ينعكس بشكل مباشر على أسهم الشركات، «إلا أن تجارب السوق أثبتت أن هذا التأثير لا يتعدى كونه وقتي سرعان ما تعود التعاملات إلى طبيعتها».
وأفاد المحلل الفني أن المؤشر العام يقف في منطقة آمنة من حيث الحركة الفنية والتي تدلل على أن بقاء المؤشر العام عند المستويات الحالية يعتبر إشارة إيجابية على رغبة السوق في تجديد نشاطها، مشترطا في ذلك عدم تخلي المؤشر العام عن مستويات 9400 نقطة من ناحية الإغلاق اليومي.
أما المراقب لتعاملات السوق، فهد السلمان فاشار لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ما يجري في التعاملات الأخيرة للسوق لا يفسر بأكثر من كونه فترة انتظار تعم المتداولين رغبة في الانتهاء من إدراج أسهم مصرف الإنماء والتي يتوق إليها المتعاملون من عدة نواح منها الاستثماري ومنها ما هو التخلص من شبح الإدراج الذي يروج له.