فاجأ الرئيس الفنزويلي، هوغو شافيز، الكثيرين بلهجته الهادئة والمعتدلة التي اعتمدها في قمة ليما (بيرو)، خلافاً لِمَا كان متوقعاً من الرجل «المزعج» في اميركا اللاتينية، والذي يواجه تهديداً بعزلة على الساحة الدبلوماسية بسبب تصريحاته التي غالبا ما تتسم بالعدائية تجاه اوروبا والولايات المتحدة.
ولم يدل شافيز لأميركا بأي تصريح ملتهب خلال زيارته القصيرة مع أنه لا يوفر عادة المنابر الدولية ليطلق تصريحات نارية وانتقادات لاذعة لقادة اوروبا وواشنطن. وعنونت صحيفة «الكومرسيو» البيروفية غداة القمة التي جمعت 50 رئيس دولة او حكومة من اميركا اللاتينية والاتحاد الاوروبي، «نجح الفتى الشقي في التصرف جيداً».
وقال شافيز خلال القمة التي أبرم فيها عدة مصالحات: «لم آت هنا للتخاصم». وبدلا من التهجم المتوقع، قدم شافيز «قبلة» و«اعتذاراً» للمستشارة الالمانية، انجيلا ميركل، بعد ان كان اتهمها بالانتماء الى «اليمين نفسه الذي كان ينتمي اليه هتلر» لانها قالت ان كركاس «ليست صوت اميركا اللاتينية».
وبعد المشادات الكلامية التي وقعت بينه وبين العاهل الاسباني الملك خوان كارلوس، السنة الماضية، جهد الرئيس الفنزويلي ايضا في تحسين علاقاته بمدريد في لقاء خاص مع رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه لويس ثاباتيرو. ورحبت الوزيرة الاسبانية المنتدبة لاميركا اللاتينية ترينيداد خيمينيث «بخطوة اولى لاعادة تطبيع» العلاقات بين البلدين.
وقال المحلل السياسي البيروفي ألدو بانفيتشي لوكالة الصحافة الفرنسية، ان «اعتماد شافيز الاعتدال فاجأ الجميع. انه لم يشأ المجازفة بأن يعزل عن المجتمع الدولي في ظروف صعبة».
وتابع الاستاذ في جامعة ليما المسيحية، إن الجدل حول علاقاته بالقوات المسلحة الثورية في كولومبيا والذي جددته انتربول «اضعف موقفه». وأضاف: «انه اكتفى برفض التقرير فقط ولا يعرف بعد اي استراتيجية يجب اتباعها في ملف قد ينغص عليه لفترة طويلة». وخلال القمة لم يستطع الرئيس الفنزويلي ان يعول على دعم حلفائه اليساريين لا سيما رئيس الإكوادور رافائيل كوريا الذي يقاسمه النفور من نظيريهما الكولومبي ألفارو أوريبي. واكتفى شافيز بالقول، ان اوريبي، الذي يتهم كركاس وكيتو بالتعاون مع القوات المسلحة الثورية في كولومبيا، هو الوحيد الذي «يدعو الى الانقسام» في اميركا اللاتينية، متجنباً اي اتصال معه.
وافاد مصدر في الوفد الفنزويلي لوكالة الصحافة الفرنسية أنه «في وقت كاد الرئيسان يلتقيان لكنهما عادا ادراجهما بدون تحية». وأكد كوريا ان «في المنطقة رؤساءَ أكثرَ إثارة للنزاعات من هوغو شافيز». وذهب الرئيسان في اعتدالهما إلى حد رفض دعوة من «قمة الشعوب» التظاهرة الموازية التي تنظمها واحدة من حركات الدعاة الى عولمة بديلة. وانتظر أكثر من 20 الف ناشط مناهض لليبرالية عبثا وصول بطليهما مرددين «يحيا شافيز» مساء اول من امس في ساحة كبيرة في ليما، إلا أنه في آخر الامر وصل الرئيس البوليفي ايفو موراليس.