إدوارد كنيدي.. «الأسد الأخير» في مجلس الشيوخ يصدم ملايين الأميركيين

بعد أن شخص الأطباء إصابته بسرطان في المخ

TT

بالنسبة للملايين من الأميركيين، كان الإعلان عن سرطان المخ الذي يعاني منه السيناتور إدوارد كنيدي بمثابة الفصل الرابع في الملحمة المأسوية التي بدأت في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1963 باغتيال جون كنيدي ثم أخيه روبرت عام 1968 ووفاة جون الصغير في حادث طائرة عام 1999.

وقد أعرب باتريك ليهي، السيناتور الديمقراطي عن ولاية فيرمونت الأميركية، وهو زميل لكنيدي على مدى معظم الأعوام الـ45 التي قضاها كنيدي في مجلس الشيوخ، عن أسفه لسماع هذا الخبر، مشيرا إلى أن لحظة سماع الخبر من اللحظات السيئة التي مر بها. وقال السيناتور جون وورنر، وهو زميل لكنيدي في مجلس الشيوخ منذ عام 1979: «أشعر بالحزن الشديد لهذا الأمر. حقا، يصعب علي التعبير عما أشعر به».

ولم تكن هناك عائلة في الولايات المتحدة مثل عائلة كنيدي، التي جمعت بين الإنجازات والروعة والفصول المأسوية على مدى نصف قرن من الزمان. القصة بدأت بجون كنيدي وزوجته جاكلين، ثم جاء إدوارد الذي تمكن من دخول مجلس الشيوخ عام 1962 وكان في ذلك الوقت يبلغ من العمر 30 عاما فقط. وكان هذا نوعا من المناورة التي أثارت غضب مناوئي كنيدي. ودائما كان هناك بعض الكارهين لعائلة كنيدي منذ الثلاثينات من القرن الماضي عندما كان جوزيف كنيدي، أحد أغنى أغنياء الولايات المتحدة، يبدي تعاطفه مع ألمانيا النازية. وفي عام 1960، عندما تولى جون كنيدي الرئاسة، استقال من مجلس الشيوخ وساعد بنيامين سميث على أن يصبح عضوا في مجلس الشيوخ، وظل سميث في المنصب حتى بلغ إدوارد السن التي تؤهله للترشح لمجلس الشيوخ.

وتمكن كنيدي من تفويت الفرصة على المحامي العام في ولاية ماساتشوسيتس الأميركية، إدوارد ماكورماك، ابن رئيس مجلس النواب جون ماكورماك، الذي كان يرغب في الحصول على مقعد في مجلس الشيوخ. وقال ماكورماك قولته المشهورة إنه إذا كان إدوارد مور كنيدي هو إدوارد مور وحسب، ما كان أحد سيهتم به كمرشح لمجلس الشيوخ. ويسترجع جون سيجنثلر، الذي كان يعمل مع روبرت كنيدي في وزارة العدل عندما كان روبرت كنيدي محاميا عاما، نقاش حدث بين إدوارد كنيدي وروبرت حول شكاوى عائلة ماكورماك. ويتذكر سيجنثلر مقولة: «لا تأبه بهؤلاء، يجب علينا أن نتحرى في الأمر كما يتحتم».

تمكن إدوارد كنيدي من هزيمة ماكورماك وفاز بترشيح الحزب الديمقراطي وتمكن من دخول مجلس الشيوخ. في البداية ظن أعضاء مجلس الشيوخ أن العضو الشاب من ولاية ماساتشوسيتس ضعيفا، ولكن لم يمض وقت طويل حتى تبين أنه عضو نشط. ويتذكر بارني فرانك أول إنجاز تشريعي لإدوارد وهو قانون الهجرة والجنسية عام 1965، الذي أنهى محاباة المهاجرين البيض من أوروبا على حساب الآخرين. بعد هذا اكتشف كنيدي أنه ماهر في التشريعات، وأحب هذا. ويقول فرانك إن كندي هو أكثر أعضاء مجلس الشيوخ تأثيرا في التاريخ الأميركي. ويضيف رونالد ستيل، وهو مؤرخ ألف كتابا عن روبرت كنيدي: «يجب النظر الى إدوارد كنيدي على أنه الشخص الذي أوضح كيف يمكن للحكومة أن تخدم المواطنين». كان الإخوة كنيدي السبب في الشهرة التي حظيت بها العائلة، ولكن إدوارد، الذي تمتع بسنوات عمر طويلة، استطاع أن يخرج الأفكار الخاصة بالسياسة والحكومة لحيز التطبيق.

ويقول السيناتور جون ماكين: «وصفت إدوارد كنيدي في العديد من المناسبات بأنه الأسد الأخير في مجلس الشيوخ...لأنه ما زال أكثر الأعضاء تأثيرا...إذا ما كنت تتحدث عن النتائج».

قد يكون آخر الأسود، ولكنه ليس آخر أفراد عائلة كنيدي، حسب النائب باتريك كنيدي الذي قال إن أباه سيقاتل المرض بكل ما أوتي من قوة. يقول سجنثلر: «استمرت ثقافة العائلة»، ولكن لم يظهر أي من جيل الشباب في العائلة طموحا مثل الذي كان يتمتع به الأشقاء الثلاثة الذين تركوا بصمات كبيرة. وقال ثيودور سورسنسن، الذي كان يكتب خطابات جون كنيدي، أمس: «فقط كانت عائلة آدمز في الأيام الأولي من الجمهورية لها نفس هيئة ومكانة وتأثير عائلة كنيدي في الحياة العامة».

هذا المزيج قد يوضح ما عمّ واشنطن وكافة أنحاء البلاد أمس عندما سمع المواطنون الخبر الخاص بمرض إدوارد كنيدي.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»