كريديه سويس: تسارع وتيرة التضخم في الخليج لا يزال يشكل تحديا كبيرا

متوقعا أن يظل الطلب قويا على الرغم من الأسعار المرتفعة

TT

حذر بنك كريديه سويس من لجم معدلات التضخم العالية في منطقة الخليج لتحقيق مزيد من النمو الاقتصادي هذا العام بعد ان وصلت معدلاته إلى مستويات اصبح من الصعب السيطرة عليها.

وقال تقرير للبنك ان النمو في منطقة الخليج لا يزال قوياً ومن المرجح ان يستمر في ذلك مستفيداً من أسعار النفط التي هي الآن في مستويات قياسية.

وقال التقرير الخاص بـ«الشرق الأوسط» إن هناك عدداً من العوائق التي قد تحول أخيراً دون حدوث مزيد من النمو. ويعتبر التضخم المرتفع أحد هذه القيود، كما يمكن ملاحظته حالياً في معظم الاقتصادات، خصوصاً في الأسواق الناشئة. فالدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي تشهد حالة من التضخم الناتج من عوامل داخلية وخارجية في آن واحد (مثل ارتفاع أسعار الواردات) والتي أصبحت طاغية، ومن غير المرجح انخفاضها على المدى القريب.

وفي بعض الدول الأعضاء في المجلس، بلغ التضخم معدلات من رقمين صحيحين مع صعوبة السيطرة عليه نظراً لقوة الطلب المحلي، ونسبة السيولة العالية والسياسات الاقتصادية التوسعية. ومن المرجح أن تشهد الأخيرة تغيّرات بعد أن أعلنت بعض السلطات المحلية مؤخراً كالسعودية عن عزمها التصدي للتضخم عن طريق الحدّ من الإنفاق العام. وبدورها، اتخذت الإمارات تدابير لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، والتي تشمل سلطات تعمل مع عدة شبكات لتجارة التجزئة الخاصة بالمواد الغذائية، وذلك بهدف المحافظة على مستويات الأسعار التي شهدها عام 2007 بالنسبة إلى المواد الغذائية الأساسية. وتوقع كاتب التقرير اديلهايد ليختنشتاين استمرار التدابير المتخذة بخصوص آليات تثبيت الأسعار والتي يبدو أنها لا يمكن تحملها على المدى الطويل. بالإضافة إلى ذلك، مع اعتماد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على واردات الحبوب (24 في المائة من واردات الحبوب في العالم منذ عام 2005 حتى عام 2008)، يتعين على الحكومات اتخاذ تدابير خاصة نظراً لاعتمادها على أسواق أخرى، خاصة في ظل تقديرات بأن تبقى أسعار السلع غير المعمّرة في مستويات مرتفعة. وأبان التقرير «لقد جدّت دول الخليج في السنة الماضية للمحافظة على رؤيتها لإنهاء حال التبعية للدولار الأميركي، الأمر الذي يؤدي إلى إثارة تساؤلات وشكوك متكررة».

وذكر ليختنشتاين «نعتقد بأنه على المدى المتوسط، يمكن القيام بإعادة تقييم وأنه على المدى الطويل، لن يدوم الارتباط الراهن للعملات المحلية بالدولار الأميركي حيث أن الكويت فكت ارتباطها بالدولار في عام 2007». وردا على التخفيضات التي أجراها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على معدّلات الفائدة، عمدت كل من البحرين، الكويت، قطر والسعودية إلى القيام بالمثل مطلع مايو (آيار) وخفضت معدلات الإيداع وحافظت على ارتفاع معدلات الإئتمان (بما انها تمتلك استراتيجية ثنائية للمعدلات). أما سلطنة عمان والإمارات فقد خفّضتا معدّلاتهما مقيدتين نظراً لهيكليتها الأحادية. فبالنسبة إلى الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، توقع التقرير ان يكون تخفيض معدلات الفائدة غير المواتي الأخير في الوقت الراهن ذلك أن الإحتياطي الفيدرالي سيبقى في وضع معلّق خلال الاشهر المقبلة.

وفي تقرير حول السلع والعقارات في الشرق الأوسط، توقع كريديه سويس ان يظل الطلب على الذهب قوياً على الرغم من الأسعار المرتفعة وارتفاعاً في أسعار المعدن الاصفر بوتيرة أكثر تدرجاً. فبعد أن بلغ سعر الذهب أرقاماً قياسية جديدة تخطت 1000 دولار في مارس (آذار)، واجه الذهب عمليات بيع سريعة أدت بالأسعار إلى الانخفاض إلى أقل من 900 دولار. وقد تأثرت أسعار الذهب بشدة بالارتفاع الأخير في عوائد السندات الحكومية، بما أن انخفاض هذه العوائد لعب الدور الأبرز في الارتفاع الأخير لأسعار الذهب. ففي حين انخفضت الأسعار مؤقتاً بشكل طفيف إلى أقل من 850 دولارا، تشير بعض التوقعات الايجابية إلى ارتفاع في سعر الذهب. أولى الدلائل تشير الى أن انخفاض الأسعار من المستويات القياسية أعطت دفعاً قوياً لبيع الذهب في صناعة المجوهرات. فقد سجلت مجموعة ابوظبي للذهب والمجوهرات مثلاً ارتفاعاً بنسبة 10 في المائة في حجم مبيعات الذهب ونسبة 20 في المائة في القيمة الإجمالية للمبيعات لشهر أبريل (نيسان) بالمقارنة مع العام الماضي ما يدل على أن الطلب على الذهب لا يزال قوياً، الأمر الذي ينبغي أن يؤثر إيجاباً على الأسعار. وعلاوة على ذلك، فإن أسعار الفائدة القصيرة الأجل في الولايات المتحدة ما زالت سلبية، وهذا عموماً إيجابي بالنسبة للذهب. وفي المقابل قال البنك انه على المستثمرين توقع المزيد من الارتفاعات التدريجية في الأسعار.

أما فيما يتعلق بالسوق العقارية في منطقة الخليج، فقد توقع تقرير البنك أن يحافظ سوق المساكن في الإمارات على قوته في الوقت الراهن تدعمه قوة النمو السكاني والاقتصادي، بالإضافة إلى زيادة توافر وانخفاض تكلفة الاقتراض، ذلك أن سوق الرهن العقاري ينمو بسرعة كبيرة، حتى أنه تضاعف تقريباً في عام 2007. ومن هنا، خفض البنك المركزي الإماراتي معدله بنسبة 2 في المائة في شهر مايو (آيار). وقالت بيتينا سيميوني المحللة في البنك انه في حين لم تقم معدلات الرهن العقاري بدورها بهذه الخطوة على قاعدة واسعة حتى الآن، فإن بعض مؤسسات الإقراض باشرت بخفض معدلاتها للرهن العقاري. وقالت سيميوني «ينبغي على سوق الرهن العقاري النامي أن يدعم الطلب على العقارات على المدى الطويل».

اما بالنسبة لجهة العرض، فيصعب تقويمها. ففي دبي مثلاً، تم بناء حوالي 160 ألف وحدة سكنية اي بما يزيد بنسبة 10 في المائة عن مجمل سكانها الحاليين، مضاعفة بذلك المخاطر الانحدارية للأسعار، غير أن تزايد أسعار البناء واختناقات العرض من شأنها ان تؤدي إلى تأخيرات في التسليم.

وقالت سيميوني ان قوة الطلب والمشاكل في جهة العرض ستدفع على ما يبدو بأسعار المساكن إلى الارتفاع في الأشهر المقبلة، لكن مع بقاء مخاطر جهة العرض.