رياضيون يطالبون «الإفتاء» بإعادة النظر في فتوى تحرم رياضة القوة والإثارة

الشيخ العبيكان لـ«الشرق الأوسط»: ينبغي دراسة هذه الألعاب دراسة وافية > رئيس فرقة التنين: الاستعراضات «علم» وليست «شعوذة»

TT

طالب رياضيون سعوديون، هيئة كبار العلماء والإفتاء، بإعادة النظر في الفتوى الصادرة قبل أيام، والتي منعت فيها تقديم عروض القوة والإثارة في المناسبات والمهرجانات التي تقيمها القطاعات العامة والخاصة، بعد أن تضمنت الفتوى دخول هذه الألعاب في باب السحر والشعوذة المحرمة.

وكانت وزارة الشؤون البلدية والقروية، قد وجهت فروعها بعدم التصريح لهذه الألعاب في أنشطتها مستقبلا، في بيان وزعته سابقا، متضمنا نص الفتوى، والتي جاءت رداً على سؤال حول شرعية هذه الأعمال، حيث تقول: «تطالعنا بعض الصحف والمجلات بأخبار بعض اللاعبين والمهرجين الذين يزعمون أن لهم قدرات فائقة كتكسير الصخور على صدورهم والنوم على المسامير والآلات الحادة وثني الحديد بأعينهم وسحب السيارات بشعورهم أو أسنانهم وأكل الأمواس والزجاج... إلى غير ذلك من الأمور الخارجة عن العادة البشرية، فجاء الجواب: كل ذلك يعتبر من الدجل والشعوذة والسحر وهو من عمل سحرة فرعون كما قال الله عز وجل في سورة الأعراف «فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم» وقال سبحانه في سورة طه «فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى»، وبناء عليه لا يجوز فعل هذه الأعمال ولا تعلمها ولا نشرها ولا التشجيع عليها، والواجب محاربتها والتبليغ عن فاعليها ومعاقبتهم بما يردعهم ويكف شرهم عن الناس فألعابهم وأعمالهم تلك فيها من الدجل والشعوذة والتلاعب والاستخفاف بعقول الناس وفساد العقيدة وأكل الأموال بالباطل ما لا يخفى». وأوضح المستشار القضائي في وزارة العدل، وعضو مجلس الشورى، الشيخ عبد المحسن العبيكان لـ«الشرق الأوسط» أنه «ينبغي دراسة هذه الألعاب الرياضية دراسة وافية من قبل من لديه القدرة على التمييز بين ما كان من باب الرياضة البدنية والقوة الجسدية، وما كان من باب الشعوذة والدجل والتخيلات الفاسدة»، مبينا أنه وبعد الدراسة التامة «فإنه يستطيع الإنسان أن يميز بين هذا وذاك، فيرخص لما كان من باب القوة الجسدية، ويمنع ما كان من باب الدجل والشعوذة».

وأشار المستشار في التنمية البشرية، الدكتور حمدي ابو الشامات، إلى أن هذه الألعاب معروفة على نطاق عالمي، حيث أصبحت هذه الرياضة لها مدربون معتمدون على مستوى العالم، يتم تدريبها كمهارات عالية، موضحا في حديثه أن الاعتقاد السائد عند الناس أنها تندرج تحت أعمال السحر والشعوذة، وهو موضوع يعود إلى القدم، بسبب عدم تقدم العلوم في السابق، ومعرفة كيف يمكن للإنسان أن يقوم بهذه المهارات، حيث تم الاعتقاد أنها شيء من السحر والشعوذة، والحقيقة أنها رياضة تعتمد على المهارات، التي يمكن أن ينميها ويطورها أي إنسان، ويتدرب عليها.

وذكر ابو الشامات، أنه توجد طرق واضحة للتدريب على هذه المهارات التي يمكن لأي إنسان أن يطلع عليها، أو يقوم بعملها شخصيا، وهي دليل على أنها ليست من السحر والشعوذة، مستثنيا من نص الفتوى «ثني الحديد بالأعين، وأكل الأمواس».

من جهته طالب ماهر اللقمان، رئيس فرقة التنين الاستعراضية، وأول رياضي سعودي يدخل موسوعة غينتس للأرقام القياسية، هيئة الإفتاء في السعودية، بإعادة النظر في الفتوى، من خلال النظر في تفاصيل هذه الألعاب الرياضية، وكيفية ممارستها، والتعرف عليها من خلال مدربيها وممارسيها، كذلك عن جوهر وحقيقة هذه الألعاب، قبل اصدار الحكم عليها. وأوضح اللقمان، أن عروض القوة والإثارة، معروفة عالميا في دول العالم، وهي متفق عليها علميا، في دراستها ومنهجها العلمي، حتى أصبحت علما رياضيا مستقلا في ذاته، يتبع ممارسها خطوات وتدريبات تطور من قدرته في التعامل مع هذه الألعاب المثيرة، مثل أي لعبة رياضية أخرى، إضافة إلى أن المتدرب يعرف كيف يتم عمل هذه الألعاب، البعيدة عن أعمال السحر والشعوذة، والتي تعتمد بالدرجة الأولى على القدرات الذاتية في الإنسان.

وأضاف اللقمان، أن هذه الألعاب الاستعراضية، تعتمد في مجملها على القدرات الذاتية في الإنسان، والتي يتقنها اللاعب بالتدريب المتواصل، إضافة إلى الإيحاء، والقوة الجسمانية، وإتقان الحركة، مبينا أنه قدم العديد من مثل هذه العروض في المهرجانات والدعوات الإسلامية في السعودية، كذلك في الندوات الإسلامية العالمية، بحضور عدد كبير من المشايخ والعلماء.

وذكر اللقمان، أنه يقوم في فرقة التنين بتدريب مجموعة من الأطفال، على هذه الفنون الرياضية، متسائلا في الوقت نفسه، هل يمكن أن نطلق على هؤلاء الأطفال أنهم يمارسون السحر والشعوذة؟. داعيا الرئاسة العامة لرعاية الشباب والرياضة إلى تشجيع هؤلاء الأطفال على ممارسة هذه الألعاب الرياضية، وذلك لما يمتلكونه من مواهب وقدرات يستطيعون من خلالها ممارسة هذه العروض المثيرة في المستقبل، أثناء المحافل والمهرجانات التي تقام في السعودية.

وطالب اللقمان الهيئة العليا للسياحة بتبني هذه الألعاب وضمها تحت مظلة برامج المهرجانات السياحية، كما في الدول الأخرى، مشيرا إلى أن بعض الفرق الاستعراضية يأتي من خارج السعودية ليقدم عروضه خلال الإجازة الصيفية، وذلك بمبالغ عالية.

وعن أثر صدور الفتوى، أشار اللقمان إلى أنه تلقى العديد من الرسائل والاتصالات تمنعه من ممارسة هذه العروض، حتى بدأ البعض بوصفه ساحرا، الأمر الذي أساء إلى سمعته الشخصية إضافة إلى سمعة الآخرين الذين يمارسون هذه العروض، موضحا أن بعض الأشخاص يعيشون على ما تجنيه هذه الرياضة من مال، من خلال العروض التي يقدمونها في المناسبات.

وأوضح رئيس لجنة العروض في الاتحاد السعودي للجودو والتايكوندو، محمد العصيمي، أن هذه الألعاب هي أعمال حقيقية تتجسد على أرض الواقع، حيث لا يوجد فيها تخيل أو خداع بصري، كما يعتقد البعض، أو يتصور عنها الآخرون، مبينا أنه لا يوجد فيها إيهام للمشاهدين كما في السحر، إنما هي ألعاب تعتمد على القدرات الجسدية والذهنية للإنسان، وقوة الاداء إضافة إلى اعتمادها على قواعد فيزيائية، مطالبا في الوقت نفسه هيئة الإفتاء في السعودية بإعادة النظر حول الفتوى، وذلك بمحاورة أهل الاختصاص في هذه الألعاب، والتثبت من خلال حقيقة هذه الألعاب وتفاصيلها، مستشهدا بأحاديث من أقوال الرسول، مضيفا أنه تلقى عددا كبيرا من الاتصالات والرسائل التي تهاجمه حول تقديمه لهذه العروض، مبينا أن هناك بعض علماء الدين قد لا يتفقون مع ما جاء في الفتوى.