وزير الزراعة الأميركي: إنتاج الوقود الحيوي يتحمل مسؤولية بسيطة في زيادة أسعار المواد الغذائية

تقرير للأمم المتحدة يفتح النار على سياسات الوقود الحيوي

TT

يستعد إدوارد. تي. شافير، وزير الزراعة الأميركي، لمواجهة انتقادات حادة بشأن السياسة الأميركية إزاء الاعتماد على الوقود الحيوي، عندما يلتقي قادة العالم لمناقشة أزمة الغذاء العالمية الأسبوع المقبل. وخلال مؤتمر صحافي عقده الخميس السابق تناول القمة العالمية للغذاء المقرر انعقادها في روما، اختار شافير المبادرة بالهجوم، حيث أشار إلى تحليل أجرته وزارة الزراعة خلص إلى أن إنتاج الوقود الحيوي يتحمل المسؤولية عما يتراوح بين 2 و3% فقط من الزيادة التي شهدتها أسعار الغذاء على مستوى العالم، في الوقت الذي نجحت صور الوقود الحيوي في تقليص استهلاك النفط الخام بمقدار مليون برميل يومياً.

وأكد شافير قائلاً: «نعتقد أن هذه السياسة تتميز بالحكمة داخل الولايات المتحدة الأميركية ـ وبالتأكيد في باقي أنحاء العالم ـ حيث نشهد تصاعداً هائلاً في أسعار النفط والبترول لم يدر بخلد أي منا. وتتمثل أحد السبل للتعامل مع هذا الأمر في إنتاج الوقود الحيوي الذي ينتمي إلى مصادر الطاقة المتجددة ويترك تأثيراً أفضل على البيئة ويساعد في تقليص التكلفة». جاءت تعليقات شافير في وقت تتعرض أنماط الوقود الحيوي والايثانول إلى انتقادات متنامية من قبل القادة الأجانب وأعضاء الكونغرس، جراء ارتفاع أسعار الغذاء داخل الدول المتقدمة وازدياد خطر اتساع رقعة سوء التغذية والمجاعة داخل الدول الأكثر فقراً. وفي هذا السياق وقبيل ساعات من التعليقات التي أعلنها شافير، صدر تقرير ضخم عن منظمتي الأغذية والزراعة التابعتين للأمم المتحدة والتعاون الاقتصادي والتنمية، حث دول العالم على إعادة النظر بشأن سياسات الاعتماد على الوقود الحيوي، في أعقاب الارتفاع الهائل في أسعار الغذاء. وأكد التقرير: «تعتبر الفوائد المترتبة على إنتاج الوقود الحيوي المعتمد على المحاصيل الغذائية، في ما يخص أمن الطاقة والصعيدين البيئي والاقتصادي، متواضعة على أفضل تقدير، بل وسلبية في بعض الأحيان. ومن الممكن النظر بشأن توجهات بديلة تنطوي على فوائد محتملة أكبر بينما تخلف تداعيات غير مقصودة أقل على السوق». من جانبه، قال كيث كولينز، أحد كبار الخبراء الاقتصاديين لدى وزارة الزراعة الاميركية، الذي تقاعد من منصبه في شهر يناير (كانون الثاني) السابق، إن إنتاج الايثانول يسفر عن ارتفاع هائل في الطلب على الذرة، الذي يعد علفا أساسياً للماشية، علاوة على اعتماد الكثير من البشر عليه كجزء من أنظمتهم الغذائية. وأشاد كولينز بتجدد النقاش حول الوقود الحيوي، موضحاً أن الأهداف التي حددها الكونغرس في ما يتعلق بإنتاج الايثانول ستتطلب قيام المزارعين بزراعة مساحات أكبر من نمط الذرة الذي يتم تحويله إلى وقود حيوي، على حساب الأنماط الأخرى المستخدمة غذاء والمحاصيل الغذائية الأخرى. وقال كولينز إن الاعتماد على الوقود الحيوي يتسبب في زيادة هائلة في الطلب، الأمر الذي سيؤثر على أسعار الغذاء. إلا أنه استطرد موضحاً أن ذلك لا يعني بالضرورة أنه يعارض إنتاج الايثانول. على الجانب الآخر، توقع تقرير الأمم المتحدة، الذي يحمل عنوان «الصورة الاستشرافية الزراعية العالمية حتى عام 2017»، أن تظل أسعار المحاصيل الغذائية مرتفعة على مدار العقد القادم، جراء التغيرات الجوهرية التي طرأت على جانب الطلب، لكنها ستنخفض تدريجياً عن مستوياتها المرتفعة الراهنة.

ونظراً لأن الارتفاع في الأسعار كان، في جزء منه، نتاجاً لعوامل مؤقتة مثل الجفاف، يتوقع التقرير انخفاض الأسعار مع عودة الظروف المناخية إلى صورتها الطبيعية وتحسن معدلات إنتاج الأراض الزراعية. من ناحيتها، قالت أنجيل جوريا، الأمينة العامة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، «على الأقل، نأمل أن تكون مؤقتة»، في إشارة إلى التأثيرات الدائمة للتغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي. ويقول التقرير إن من الأسباب التي ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار بمعدلات أكبر من المتوسط خلال العقد القادم: تضاعف إنتاج الوقود الحيوي وزيادة تكلفة الوقود، مما يعني زيادة تكلفة إنتاج المحاصيل ونقل السلع الغذائية، بالإضافة إلى الطلب المتزايد على الغذاء في الدول النامية. ومن المتوقع أن تظل أسعار زيوت الخضراوات الأعلى كما هي، بنسبة 80 في المائة أعلى من المتوسط خلال الفترة من 1998 حتى 2007، ومن المتوقع أن ترتفع أسعار القمح والذرة واللبن البودرة بنسبة 40-60 في المائة وأن يرتفع سعر السكر بنسبة 30 في المائة وسعر اللحم البقري بنسبة 20 في المائة. وسيكون الوقود الحيوي السبب في ثلث الزيادة في أسعار الحبوب وزيوت الخضراوات. ومع هذا، فقد حذر التقرير من أن ارتفاع أسعار المحاصيل الزراعية قد يثير بعض المشاكل بسبب المضاربات على عقود المنتجات الزراعية وقلة المخزون من الحبوب. وسيكون للزيادة المتوقعة في أسعار المحاصيل الزراعية أسوأ الأثر في الدول الفقيرة. وقد حث التقرير على زيادة الاستثمارات في مجال الأبحاث الزراعية في الدول المتقدمة التي تعاني من ضعف مستواها في هذا المجال، خاصة بسبب ضعف الدعم. ويقول يعقوب ضيوف، السكرتير العام لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة: لم تحظ التنمية الزراعية بالاهتمام الكافي خلال العقود الأخيرة.

وفي السياق نفسه، أعلن البنك الدولي يوم الخميس أن البنك سوف يزيد حجم ما ينفقه على برامج الغذاء والزراعة من 4 مليارات دولار لـ 6 مليارات دولار خلال العام المالي القادم. ويتضمن هذا تخصيص 800 مليون دولار لأفريقيا و1.2 مليار دولار إضافية على برامج التغذية للأطفال في المدارس والنساء الحوامل وتوفير البذور والأسمدة للمزارعين الصغار لتحسين المحاصيل. وقال رئيس البنك الدولي روبرت زوليك في بيان: «ستساعد هذه المبادرات على التعامل مع خطر الجوع وسوء التغذية، حيث يكابد مليارا شخص من أجل العيش في ظل ارتفاع أسعار الغذاء».

وقال زوليك إن 200 مليون دولار من الـ1.2 مليار ستكون في صورة منح للدول الأكثر عرضة للأزمات الغذائية. * خدمة «نيويورك تايمز»