وزير الخزانة الأميركي: لا نتعمد خفض الدولار

مسؤول إماراتي سأل بولسون عن حقيقة مصلحة واشنطن في هبوط عملتها

TT

ردت الولايات المتحدة الأميركية بقوة على اتهامات خليجية بأنها تعتمد سياسات تساهم في انخفاض الدولار. وقال وزير الخزانة الأميركي هنري بولسون أمس في أبوظبي «ليس هناك سياسات مصممة لتخفيض الدولار».

وكان بولسون يتحدث في لقاء جمعه مع رجال أعمال ومسؤولين حكوميين إماراتيين، حيث دافع عن مكانة الدولار كعملة احتياط عالمية، مشيرا الى ان هبوط العملة الخضراء مؤخرا «لعب دورا محدودا في ارتفاع أسعار النفط».

غير أن صلاح الشامسي رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة الإماراتية قال للوزير الأميركي إن بلاده استفادت كثيرا من هذا الانخفاض، مبينا أن هذا التغير السلبي في قيمة الدولار أسهم في تعزيز الصادرات الأميركية وإعطاء فرص للصناعة الأميركية، سائلا بولسون عن حقيقة المصلحة الأميركية في انخفاض الدولار واستفادتها منه.

وهنا نفى بولسون أن يكون أي انخفاض للدولار من مصلحة اقتصاد بلاده، وقال «أعتقد أن الدولار القوي هو من مصلحتنا.. لا نعمل شيئا لتخفيض الدولار.. هذا غير صحيح. إن الأسواق العالمية ضخمة وشاسعة وحساسة» وأضاف «ليس هناك سياسات (أميركية) مصممة لتخفيض الدولار، ولا يمكننا أن نرى دولارا معافى في وقت قصير»، ومضى وزير الخزانة الأميركي «لقد قلت مرارا ان دولارا قويا هو أمر في مصلحة بلدنا».

واضاف «الدولار الاميركي هو عملة الاحتياط في العالم منذ الحرب العالمية الثانية وهناك سبب وجيه لذلك. فالولايات المتحدة تتمتع بأكبر اقتصاد في العالم وأكثر الاقتصادات انفتاحا كما أن أسواق رأس المال لدينا هي الأعمق والأكثر سيولة».

وتعهد بولسون بالتصدي لمشاكل الاقتصاد الاميركي التي أضرت بقيمة الدولار في الشهور الأخيرة، لكنه أعترف في الوقت ذاته بأن الاقتصاد الأميركي يمر بفترة «صعبة». وفي ما يتعلق بالصناديق السيادية، قال المسؤول الأميركي إن هناك مشاورات مع الكونغرس من أجل تشريع قوانين لتدقيق هذه الصناديق، معتبرا في الوقت ذاته أن «هناك قلقا مشروعا» من هذه الصناديق، «لكننا نرحب بهذه الاستثمارات فيما أتت تحت قوانين حماية الاستثمارات»، وأعترف بأن رفض سلطات بلاده لصفقة موانئ دبي «وجهت صفعة» للاقتصاد الأميركي.

واقترح بولسون أن يقوم صندوق النقد الدولي بتطوير أفضل لممارسات الصناديق السيادية. وتعهد بولسون بالتصدي لمشاكل الاقتصاد الأميركي التي أضرت بقيمة الدولار في الشهور الأخيرة.

وأبلغ اجتماع أبوظبي «إنني ملتزم بتشجيع سياسات تعزز القدرة التنافسية للاقتصاد الأميركي وتضمن بقاء الدولار عملة الاحتياط العالمية»، مضيفا «يشمل هذا الدفاع عن الانفتاح على الاستثمار والتجارة والعمل على معالجة التحديات الحالية التي يواجهها اقتصادنا بما فيها تباطؤ الاسكان والضغوط التي تواجهها اسواق رأس المال».

وقال ان قيمة الدولار ستعكس في نهاية المطاف قوة العوامل الاساسية طويلة الاجل للاقتصاد الأميركي وان ادارة الرئيس جورج بوش تستجيب «بشكل قوي وشامل» للتحديات الاقتصادية التي تواجه الولايات المتحدة لخفض التأثير العالمي الى أدنى حد له. وزاد بولسون موضحا «لكن ما يمنحنا الثقة هو حقيقة أن اداء الاقتصاد الاميركي خلال العقود الخمسة الماضية لا نظير له وأن عوامله الاساسية طويلة الاجل تقارن بشكل مرض اليوم مع أي اقتصاد متقدم في العالم».

وفيما يتعلق بالارتفاع القياسي في اسعار النفط، أكد بولسون أن المضاربة وضعف الدولار لا يتحملان اللوم في ارتفاع اسعار النفط، وأن الطريقة الوحيدة لتخفيف الضغوط على سوق النفط هي تحسين التوازن بين العرض والطلب.

ودعا إلى زيادة الاستثمارات العالمية في إنتاج النفط والوقود البديل وضرورة التخلي عن دعم أسعار الوقود «المشوه للسوق»، وقال «الإمدادات تتأثر بضعف زيادة الطاقة الإنتاجية وتراجع العوائد بينما زيادة الطلب تعود إلى حد كبير إلى النمو في الأسواق الصاعدة. من المرجح أن المضاربات وضعف الدولار ليست سوى عوامل صغيرة وراء ارتفاع أسعار النفط». واضاف «ارتفاع أسعار النفط يأتي نتيجة لعاملي العرض والطلب المرجح استمرارهما لبعض الوقت».

وتتعارض تصريحات بولسون بشأن أسباب ارتفاع اسعار النفط متجاوزة 135 دولارا للبرميل الاسبوع الماضي مع تصريحات لكثير من الخبراء والمسؤولين بالدول المنتجة للنفط الذين يقولون ان ضعف الدولار والمضاربة تسببا في زيادة تدفق رأس المال على النفط من فئات أصول أخرى. وقال «ارتفاع اسعار النفط إلى مستويات قياسية يحمل الاقتصاد العالمي عبئا هائلا ويسبب مصاعب للأسر والعائلات والصناعات في كل مكان. وهذا يهدد بتفاقم التقلبات الاقتصادية في الخليج وفي الخارج».

وأضاف أن فتح الاقتصادات الخليجية أمام الاستثمارات الاجنبية والتجارة سيجعلها أكثر رخاء واستقرارا. وقال «استمرار الانغلاق أمام الاستثمارات سيأتي بتأثير عكسي من خلال منع النمو وتضخيم عرضة الاقتصاد المحلي للمخاطر».

وأشاد بولسون بأبوظبي لاستثماراتها الجديدة في انتاج النفط وطاقة التكرير المحلية من خلال عقد شراكات مع شركات أجنبية. وقال «زيادة التحرر على طول تلك الخطوط سيفيد كل الدول المنتجة للنفط».

في هذه الاثناء هبطت أسعار النفط أكثر من دولار الى 126 دولارا للبرميل امس مع ارتفاع العملة الاميركية وتجاهل السوق للعاصفة الاستوائية ارثر التي أعلنت بدء موسم الاعاصير في المحيط الاطلسي باغلاق ميناءي نفط مكسيكيين.

وهبط الخام الاميركي الخفيف في المعاملات الآجلة 1.25 دولار الى 126.10 دولار للبرميل مواصلا خسائر الاسبوع الماضي التي بلغت نحو خمسة دولارات مع استمرار اقبال المتعاملين على البيع لجني أرباح بعد موجة الصعود الأخيرة التي وصل فيها الى مستوى قياسي فوق 135 دولارا للبرميل.

وانخفض سعر مزيج برنت في لندن 1.28 دولار الى 126.50 دولار للبرميل. وارتفع الدولار أمس رغم ترقب كثير من المستثمرين بيانات أميركية تصدر هذا الاسبوع ليروا ما اذا كانت ستعزز التوقعات برفع أسعار الفائدة.