حملة داخل المعتقلات الأميركية في العراق لتحسين أوضاعها

معتقلون عراقيون يقتادون إلى سجن كوبر في بغداد (أ.ف.ب)
TT

تحسن الوضع في المعتقلات التي تديرها الولايات المتحدة في العراق والتي كانت رمزا للتعذيب والعار، بعد أن دمج الجيش نظام إدارة المعتقلات باستراتيجية أكبر لمحاربة المتمردين لتجنب سوء المعاملة التي قد تفضي إلى ظهور أعداء جدد. ولكن ثمة تهديدات لهذه المكاسب التي حققها النظام الجديد، حيث من المقرر تسليم آلاف المعتقلين إلى الحكومة العراقية، وقد يحدث هذا نهاية العام الحالي لتعزيز سيادة الدولة العراقية. وعلى الرغم من الصورة المشوهة لأميركا بسبب سوء معاملة المعتقلين في سجن أبو غريب وفي معتقل غوانتانامو، فإن سمعة العديد من السجون العراقية أسوأ حالا. ويقول محمود أبو دومور، وهو معتقل سابق من مدينة الفلوجة التي تعد معقلا للسنة في بغداد: «أن يسجنك الأميركيون أفضل من تدخل سجون وزارة الداخلية (العراقية)، حيث يقوم المسؤولون في سجون وزارة الداخلية بتعذيبك وقد تموت. أما مع الأميركيين، فتمارس ضدك حرب نفسية».

وقد انتقدت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الجيش الأميركي لنقله بعض المدانين إلى السجون العراقية، حيث يعيشون في ظروف مُهينة، حسب المنظمة الحقوقية. وفي الوقت الذي يوجد معظم المعتقلين في العراق والذين يبلغ عددهم أكثر من 21.000 في سجون أميركية، يسعى دوغلاس ستون، الذي يدير عمليات الاعتقال في العراق، إلى إعادة هيكلة هذه السجون. وهدفه الحالي هو استخدام مراكز الاعتقال لتكون جبهة أخرى في الحرب ضد المتمردين لمحاولة تقليل احتمالية ضم هؤلاء المعتقلين إلى صفوف المسلحين في البلاد. ويقول الجنرال ستون، وهو خبير في قوات الاحتياط التابعة للبحرية الأميركية: «يسيطر المتطرفون على ساحة القتال الفكرية». ويسعى الجنرال ستون في الوقت الحالي إلى عزل من يعتقد أنهم متطرفون، والذين يمثلون أقلية بين المعتقلين، وإقناع المعتقلين الآخرين أن حياتهم ستكون أفضل إذا ما نأوا بأنفسهم عن دعاوى الجهاد. كما يسعى الجنرال ستون إلى إطلاق سراح المعتقلين، لاسيما المعتقلين الأكثر اعتدالا، عن طريق نظام جلسات استماع للنظر في قضية كل معتقل على حدة. وقد قامت هذه المجالس بإطلاق سراح نحو 8400 شخص على الأقل حتى الآن. ويعمل ستون من أجل توسيع برامج عمل مدفوعة الأجر وبرامج تعليمية، وخاصة للصبية المعتقلين، حيث ان معظمهم أُميون. ومن الصعب تقييم هذه الحملة، حيث لا يسمح لمن هم في الخارج محاورة المعتقلين. ومع أنه يتاح للجنة الدولية للصليب الأحمر دخول مراكز الاعتقال بصورة منتظمة تقول بعض المجموعات الحقوقية ومنظمة الأمم المتحدة أنهم لم يحصلوا حتى الآن على تصريح بدخولها. ويرى البعض أن هذه التغيرات هامة بعد صور إهانة المعتقلين في سجن أبو غريب والتي أثارت الحنق في مختلف أرجاء العالم العربي. وهناك من يرى أن النزعة للعودة إلى الإجرام تقل منذ أن وصل الجنرال ستون في العام الماضي، ونحو 28 ممن أطلق سراحهم أعيد اعتقالهم مرة أخرى، وهذا الرقم يمثل أقل من 1 في المائة من مجمل العدد الذي أطلق سراحه. وقد أثنى بعض المعتقلين السابقين عل ى نظام جلسات استماع الحديث، وأشاروا إلى أنه يسمح لهم للمرة الأولى بالتحدث عما يريدون. ويقول الشيخ رياض، الذي أطلق سراحه من سجن «بوكا» في أوائل أبريل (نيسان) إنه قضى ثلاثة أعوام ونصف العام: «أرى أن هذه اللجنة عادلة وجميلة، ويا ليتهم كانوا قد شكلوها منذ أن تم اعتقالي».

ويقول أبو دومور، الذي كان معتقلا في الفلوجة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2004 وأطلق سراحه من دون توضيح في يوليو (تموز) 2007 قبل بدء تطبيق نظام جلسات الاستماع: «لم أفعل أي شيء». وأضاف وهو يضم بين يديه طفلته التي تبلغ من العمر ثلاثة أعوام: «شعرت بالسعادة بعد أن تمكنت ابنتي من التعرف علي، كان عمرها 10 أيام عندما أخذني الأميركيون». ويقول محامون في الجيش الأميركي إنه ستتم محاكمة 5 ـ 10 في المائة من بين العدد الإجمالي للمعتقلين والذي بلغ 25.600 في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأفادت تقارير يوم الأحد بأنه انخفض لـ21.680. ومتوسط الفترة التي يقضيها المعتقل هي 333 يوما، وفي مارس (آذار)، كان هناك 1.500 معتقل (5 في المائة من المعتقلين) في مراكز الاعتقال منذ أكثر من ثلاثة أعوام، حسب الكولونيل رودني فولك وهو من كتيبة شركة الجيش رقم 300 التي تدير سجن «بوكا» بصورة يومية. وسعيا منها لمحو فضيحة أبو غريب، قامت الولايات المتحدة بإخلاء هذا المجمع، الذي كان يتمتع بسمعة سيئة خلال فترة صدام حسين، وسلمته للحكومة العراقية في 2006. ويوجد في سجن «بوكا»، وهو أحد أكبر سجنين تديرهما أميركا، 18.580 معتقلا. ويوجد في سجن «كروبر» 3.100 معتقل، ومن بينهم الأحداث المعتقلون فضلا عن معتقلين ذوي قيمة كبيرة، وكان صدام حسين من المعتقلين هناك قبل تنفيذ حكم الإعدام ضده في 2006. وحسب الإحصاءات التي نشرت الأحد يوجد هناك 15 امرأة. ويبلغ عدد المعتقلين السنة 80 في المائة مقابل 20 في المائة شيعة. ونحو 221 من المعتقلين في سجني «بوكا» و«كوبر» من خارج العراق، وهي نسبة ضئيلة جدا مع العدد الإجمالي الذي يرى الجيش الأميركي أنهم من المتطرفين.

(خدمة «نيويورك تايمز»)