في جازان .. الصيد مهنة الرجال الشجعان

رحلة يومية تبدأ قبل الشروق وقد لا تنتهي بالغروب

الصيد مهنة تتوارثها الأجيال («الشرق الأوسط»)
TT

صبيحة كل يوم وقبل ان تشق خيوط الشمس عنان السماء، يحمل العشرات من سكان جازان زادهم وزوادهم ويتجهون الى مراكبهم الصغيرة التي كونوا علاقة وثيقة معها على مدار عقود مضت، في رحلة صيد يومية قد تنتهي بغروب شمس ذلك اليوم وقد تستغرق وقت اطول.

انها رحلة يوميه يقطعها العشرات من ساكني ذلك الجزء الجنوبي الساحلي من السعودية، وجزء من طبيعة حياتهم التي باتت جزءا لا يتجزء، حتى اصبح البحر الصديق الاقرب والاوفى لاكثرهم.

ويمتهن الكثيرون من ابناء تلك المنطقة مهنة الصيد التي توارثوها اب عن جد منذ عقود مضت باعتبارها مهنة جيدة ومربحة خاصة في وقت مضى ولكن لا يعمل فيها الا الرجال الشجعان الذين يستطيعون مواجهة الخطر في أي وقت والصبر على الشدائد.

ويروي حسين العازمي احد كبار الصيادين في جازان ويبلغ من العمر 65 سنه قصته مع البحر بقوله «انني نزلت البحر وعمري 12سنه وما زلت اعشق البحر والصيد منذ ذلك الحين فقد زاولت هذه المهنة مع والدي فكنت ارافقه في رحلة الصيد دائما حيث علمني الكثير عن البحر والغوص والصيد.

ويشير العازمي الى العديد من المصاعب التي تواجههم يوميا في البحر ويقول «هناك العديد من الصعوبات والمخاطر التي تواجه الصيادين ومنها المفاجآت الجوية والبحرية، منها تقلبات الجو والرياح ومنها البحرية مثل هجوم سمك القرش في بعض الاوقات وتمزيق شباكنا، مرورا بلدغ بعض الحيوانات البحرية الغريبة ومنها ما يعرف بحيوان السفن وانتهاء بالمخاطر الاكبر كانقلاب القوارب والزوارق والمراكب والهواري القديمة».

وتستغرق رحلات الصيد احيانا كما يشير العازمي اسبوعا كاملا يقضيها متنقلا بين الجزر البحرية رغم عدم توفر الخدمات، لكنها ظروف الحياة». كما يقول تجبره على ذلك خاصة ان البحر هو مصدر رزقه ورزق ابنائه.

ولا ينسى ان يعبر عن ألمه بسبب دخول العمالة الاجنبية على طريق الصيد خاصة ان بعضهم يملك مراكب وآليات صيد متطورة لا يملكها هؤلاء الصيادون من ابناء المنطقة.

وتتنوع في جازان طرق الصيد بين الصيادين فهناك طريقة تسمى «شعي» وهذه الطريقة تستخدم لصيد السمك «العربي» ايضا هناك طريقة «المخدجه» وهي طريقة تستخدم فيها شباك طولها 9 امتار وعرضها 5 امتار وبها اثقال يصل عددها الى 90 حبة يحملها الصياد على كتفه ويرميها على السمك عند ظهوره.

وهناك طريقة «المعروض» وتتلخص في عمل اعمدة في البحر في عمق معين ثم القيام بشد الشبكة في وضع قائم وعندما يجرف موج البحر السمك الى الشبكة يشتبك السمك في الشبكة، وايضا طريقة «الجلب» وهي عبارة عن فلوكة وسنارة وهذه الطريقة تصيد انواعا متعددة من الاسماك مثل الظيرك وغيره، اما الطريقة الاخيرة للصيد وهي عندما يكون البحر متحففا وهادئا يمشي الصيادون بجوار البحر وعند سماع صوت الاسماك يرمي الشبك في البحر ويضربها بالعصي وعندما تهرب بقية الاسماك تعلق بالشبكة وهذه الطريقة تصيد كل الاسماك.

لكن الصيادين كلهم يتفقون ان البحر لا يدخله الا الشجعان نظرا لحجم الاخطار والمشاكل وهو ما يشير اليه كبير الصيادين بقوله «البحر لا يدخله الا الرجل الشجاع الذي يريد ان يتعلم ففيه اخطار ومصاعب لا يصبر عليها الا الرجل الصحيح قوي العزيمة».

ويستطرد «لكن البحر صديق الصيادين كريم معهم بفضل الله ولهذا السبب لن اترك البحر مهما كانت الظروف فهو مصدر رزقي الوحيد وولدي تعلم مني الكثير وهذه المهنة تعتبر وراثية لن تنقرض ان شاء الله».