مضاوي الحسون: غرفة تجارة وصناعة جدة أخرجت النساء من الغرف المغلقة

قالت لـ «الشرق الأوسط» إنها تخلت عن التعليم وتحولت إلى التجارة

مضاوي الحسون لدى حديثها لـ«الشرق الأوسط» في جدة (تصوير: غازي مهدي)
TT

هي اول امرأة سعودية تعمل مديرة لفرع مصرف نسائي، وأول سعودية تعلن ترشحها لمجلس ادارة غرفة تجارية، قبل ان تعمل مديرة لمدرسة ثم تحولت الى سيدة اعمال تدير مشاريعها بنفسها. واعتبرت مضاوى الحسون أن دخولها سيدة أعمالٍ ضمن مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة فتح لها ابوابا واسعة، وقربها من اصحاب القرار لتنتصر لوجهة نظر المرأة السعودية، وجعلها تضطلع بكل المستجدات الدولية في مختلف القطاعات.

وتقول الحسون في حوارها مع «الشرق الاوسط» في جدة إنها تعتبر الغرفة التجارية جامعة تفوق كل الجامعات الاكاديمية، وان لغرفة جدة الفضلَ في اطلاق المرأة من غرفتها المغلقة. > ماذا اضاف وجود المرأة في مجالس ادارات الغرف التجارية الصناعية بالسعودية؟

ـ كانت المرأة، قبل هذه الخطوة تقبع في غرفة مغلقة، ولم يكن صوتها يصل الى اصحاب القرار. وكان للراحل الامير عبد المجيد بن عبد العزيز دور فاعل في تمكين وجود المرأة في هذا الموقع، وذلك عندما دفع بقيام مركز سيدات الاعمال. وأذكر قوله بعد اجتماع سيدات الاعمال به «اضبطن ساعاتكن، فمن اللحظة سينطلق عمل جديد للمرأة السعودية». وبالفعل، من بعد ذلك اصبح صوت سيدات الاعمال مسموعا، بل وأصبحن قريبات من الاحداث والفرص العالمية. ويجدن الفرصة في الوقوف على الكم الهائل من المعلومات المحلية والعالمية التي تَرِدُ الى الغرفة التجارية، التي كان يستأثر بها الرجال. وأضاف دخول المرأة في مجالس ادارات الغرف مشاركتها في جميع الفعاليات الداخلية والخارجية.

واصبحت النساء يقفن على البرامج التي تقدمها الغرفة. وتحول مركز السيدة خديجة بنت خويلد الى مركز تجاري ثقافي، يفتح العالم امام سيدات الاعمال السعوديات، وعلى التوجهات العالمية لعلماء الاقتصاد والاجتماع في العالم، وبرامج المسؤولية الاجتماعية التي كانت احدى مخرجات منتدى دافوس. واصبحت المرأة السعودية تدرك ان المسؤولية الاجتماعية لا تعني التبرع بالمال بقدر ما هي الاهتمام بمجموعة من البرامج الخاصة بالموارد البشرية، ودعم اكبر شريحة ممكنة في المجتمع، وهذا العمل مبدأه موجود في الاسلام. والمرأة السعودية آمل أن تكرم محليا كما كرمت عالميا، لأن مجهوداتها بدأت في الظهور والعديد من النماذج تم تكريمها على أعلى المستويات في الخارج. > كانت جدة ـ كعادتها ـ رائدة في التجديد، وكانت سباقة في إفراد المجال للمرأة لتشارك في عجلة التنمية بشكل عملي، ما رأيكم؟

ـ دائما جدة رائدة في تقبل الجديد، وهذا يعود الى طبيعة مجتمعها الذي يتميز بالانفتاح، فمجتمع جدة منفتح على مصراعيه، وانا اعتبر نفسي منتجا من منتجات جدة. > كيف تقيِّمين تجربتكن في خوض الانتخابات والفوز بمقاعد في وقت كانت فيه معركة الانتخابات مستعرة بين اسماء معروفة؟

ـ دخولنا انتخابات الغرفة كان تجربة كبيرة ومثيرة، وكنا نعلم انها تؤسس لشيء جديد. وكنا نحسب أن أيَّ خطأ منا سيتحمله جيل بحاله، كنا نحن الاربعة نمثل قوة جديدة مليئة بالحماس ونمثل قدوة للمرأة السعودية لتقديم عمل مثمر للمجتمع، لم تكن قضية سهلة لكن نتيجتها ارست دعائم انعطاف كبير لمسيرة المرأة السعودية. > هل تتوقعين ظهور المرأة في مناصب أعلى قريباً؟

ـ المرأة السعودية تعلمت وفق مقومات عالية، وبشهادة الجميع حققت نجاحا يشار اليه بالبنان، وأعطت العمل في الغرفة التجارية دفعا واضافة مقدرة جدا. يمكن ان نقول ان المرأة قادمة لقيادة العمل التجاري والاقتصادي في السعودية، وامكانات المرأة السعودية تتيح لها قيادة العمل في اعلى المناصب. > في المقابل، كيف وجدتن تقبل رجال الاعمال لكُنَّ في مجلس ادارة الغرفة؟

ـ رجال الأعمال في الغرفة التجارية دعمونا كثيرا كسيدات أعمال كي نصل الى اعلى المراتب، لتظهر بصمات سيدات الاعمال السعوديات في العمل الاقتصادي والاجتماعي في جدة، ونشكر لهم فضل التضامن والتعاون. > تلاحظ حركة دؤوبة لبرامج التدريب تنطلق من مركز خديجة بنت خويلد لسيدات الاعمال، هل تنافسن مراكز التدريب الخاصة في جدة؟

ـ في مجال التدريب بشكل عام، حدثت نقلة كبيرة بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب المهني التي ساهمت كثيرا في تدريب السيدات، حيث انتقل التدريب من المفاهيم المظهرية الى جوهر تدريب المرأة على الاعمال التي تفيدها واسرتها ومجتمعها ولا يزال الوقت مبكرا ـ بشكل عام ـ على الحكم على هذا التوجه في تدريب المرأة، حيث بدأ الالتفات الى ماهية المناهج التدريبية وقيمتها وصلاحيتها للمجتمع. لذا فمن السابق لأوانه ان نحكم على حركة التدريب الجارية الآن.

الغرفة مرت بمسألة التدريب عبر مراحل ثلاث، فبعد ان تم فتح مركز للتدريب رأينا ان هناك الكثير من مراكز التدريب الخاصة، ولا ينبغي ان ندخل وننافسها، فكانت الفكرة ان نقوي وندعم تلك المراكز ونحول مركز خديجة بنت خويلد من مركز تدريب الى مكان لتجمع سيدات الاعمال والاستفادة من قربه من جهات صناعة القرار لمعرفة المشاكل والقضايا التي تهم سيدات الاعمال، ندرسها ونضع التصورات لها، ثم نرفعها الى الجهات ذات العلاقة. وحقيقة هذا الاتجاه كانت نتائجه ممتازة واجتزنا كثيراً من الاجراءات الديوانية والقوانين التي تغيرت الى صالح المرأة التي أصبح صوتها قريباً من اصحاب القرار. > بدأ اتجاه العمل الخيري عبر المسؤولية الاجتماعية يأخذ منحىً اكثر جدية، ما رأيك؟

ـ في مسألة العمل الخيري، أرى دائما ان مد يد العون لأسرة بالغداء او العشاء هو عمل غير مجد، اتساقا مع المثل الصيني، (لا تعطني سمكا بل علمني كيف اصطاد). في المقابل، ارى ضرورة ان يتم جمع تلك الاموال التي تعطى لتحل قضايا وقتية.

ولنؤمِّنَ لتلك الأسرة التعليم والعمل والطعام وفق برامج محددة، وهذا هو الجانب الخيري، بحيث تتم مساعدة تلك الشرائح لتتلقى التدريب اللازم، ثم العمل بما يحفظ كرامتها بدلا من العمل في اتجاه واحد لتوفير المؤن الغذائية للحظة آنية، فالجانب الخيري ان نؤسس أسرة قوية متعلمة، بحيث تتاح الفرصة لمن لم يكمل تعليمه، وتتحول الأسر الى الانتاج بدلا من تلقي الاعانات ويتحول افرادها لأصحاب عمل. > لا تزال البطالة تشكل الهاجس الاكبر للمسؤولين، ما هي جهود الغرفة في هذا الصدد؟

ـ المملكة بها فرص عمل كثيرة، وفي المقابل لديها الكثير من الخريجين، لكن المشكلة ان المخرجات التعليمية لا تنطبق على سوق العمل، مما اوجد نوعا من البطالة المقنعة. واذكر انني في برنامجي الانتخابي الذي خضت به المنافسة لمجلس ادارة الغرفة، وضعت اعادة التأهيل كأمر أساسي، فمن غير المعقول ان نجد خريجا لا يعرف التعامل مع الكومبيوتر او يتحدث احدى اللغات الحية كالانجليزية مثلا.

اليوم نشهد ضغطا من البطالة لوجود مشكلة التعليم من اجل التعليم، والغرفة يمكنها ان تتبنى برامج اعادة التأهيل، خاصة للموظفين الجدد عبر برامج محددة وفق البيئة والمكان الذي يعيشون فيه. فمثلا أهل مكة ينبغي ان يدخلوا مناهجهم التعليمية كيفية التعامل في موسم الحج والعمرة وان يأخذوها كمنهج حتى يتخرج الطالب، وهو عارف بأسس العمل في الحج والعمرة او عند العمل في الوظائف الموسمية ان يكونوا جاهزين لذلك، وأهل الشرقية مثلا يجب ان تدخل ضمن مناهجهم افكار العمل الصناعي والطاقة وما اليها بحكم تخصص المنطقة التي تمثل خصوصية منطقته.

وفي جدة يمكن ان تدخل في مناهج الطلاب توجه المحافظة لتكون مركزا سياحيا او كمركز دولي للمؤتمرات العالمية التي تحرص الشخصيات العالمية على حضورها.

> غرفة جدة وضعت السياحة قضية اساسية، فإلى أي مدى نعتبر ان جهودها نجحت في هذا المجال؟

ـ جدة تحظى بهبات طبيعية نادرة، منها البحر الصافي والشعاب المرجانية البِكر، مما يجعلها مهيأة لتصبح قِبلة سياحية طوال السنة، والسياحة في جدة هي سياحة عائلية، تحمل القِيم الدينية التي تفرضها قدسية المكان وإيمان الإنسان، وهي سياحة ذات أهداف نبيلة تحت مظلة كاملة من الدين والقيم. كما نفخر بتوجه جدة لتكون عاصمة للمنتديات، وهي منطقة جاذبة وتفتح المجالَ لمهن حرة، فنحن دولة في حالة تنافس مع العالم المتقدم وما زلنا نعمل في بناء البنية التحتية لنصعد إلى الأعلى.