مصر: شركات التمويل العقاري تبحث عن مصادر بديلة لاستمرار نشاطها

بعد قرار «المركزي» منع البنوك من تمويل الوحدات «تحت التشييد»

تشير التقديرات الحكومية إلى حاجة مصر لنحو 5.3 مليون وحدة سكنية، بحلول عام 2017 («الشرق الأوسط»)
TT

فيما تتخذ الحكومة المصرية، العديد من الخطوات لتشجيع منظومة التمويل العقاري ودفع سوق العقارات قدما في البلاد، بادر البنك المركزي مجددا بإصدار تعليمات مشددة تحظر على البنوك إقراض شركات التمويل العقاري لتمويل الوحدات «تحت التشييد».

وأثارت هذه الخطوة مخاوف العديد من الخبراء والعاملين في سوق التمويل العقاري من تأثر نشاط الإقراض العقاري وتغير خريطة اللاعبين الأساسيين في هذا السوق، فضلا عن التوقعات السائدة باحتمالات أن تلقي بظلالها على نشاط شركات التطوير العقاري التي العديد تعول منها على التمويل العقاري في تسويق وحداتها.

وأكد البنك المركزي في قراره الأخير في مايو (أيار) الحالي، الذي شدد فيه على تعليماته السابق صدورها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، بخصوص ضرورة أن يكون التمويل المقدم من البنوك لشركات التمويل العقاري وشركات إعادة التمويل، بغرض تمويل وحدات سكنية كاملة المرافق مسلمة لحاجزيها.

وأشار إلى قيام بعض البنوك بالالتفاف على أحكام القرار الصادر في أكتوبر عام 2007 من البنك المركزي بشأن ضوابط وقواعد التمويل المصرفي لشركات التنمية العقارية وقيام البنوك أيضا بمنح قروض شخصية تستخدم لتمويل حجز وحدات سكنية لم يتم تسليمها كاملة المرافق يتنافى مع ذلك القرار.

وجاء هذا القرار في اتجاه مغاير لقيام هيئة التمويل العقاري التابعة لوزارة الاستثمار المصرية بتسهيل عمل شركات التمويل العقاري، وزيادة حجم عقود التمويل الممنوحة والذي تجسد في قرارها السابق صدوره خلال الربع الأول من العام الحالي، والذي يسمح بتمويل شراء الوحدات «تحت التشييد» التي يقوم العميل بشرائها عبر شركات التمويل العقاري من أجل تشجيع هذه الشركات ونمو نشاطها.

ومن المعروف أن الشركات تعتمد علي القروض المصرفية كمصدر تمويل أساسي لتوسعاتها في القطاع بعد استنفاد رؤوس أموالها، وإن كانت تعول أيضا علي نشاط شركة إعادة التمويل التي أبرمت بالفعل في الفترة الماضية، عددا من العقود تقضي بمنح قروض للشركات مقابل محافظ مديونياتها على أن تقوم شركة الإعادة بإصدار سندات مقابل هذه المحافظ في مرحلة تالية.

وتشير التقديرات الحكومية إلى حاجة مصر لنحو 5.3 مليون وحدة سكنية بحلول عام 2017، فضلا عن أن 13% من الثروة العقارية في البلاد بحاجة إلى إحلال.

وبينما لم يعلق الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار المصري على استفسار «الشرق الأوسط» حول تأثير هذا القرار على منظومة التمويل العقاري، اعتبر بعض العاملين في النشاط أنه يمثل نوعا من «تضييق الخناق» على الشركات، خاصة في ظل اعتماد العديد منها على القروض المصرفية كمصدر أساسي للسيولة، وتوفير التمويلات اللازمة لمواجهة كم الطلب في السوق.

وربما تدفع هذه الخطوة من قبل المركزي المصري، شركات التمويل العقاري إلى الاعتماد بشكل أكبر على مصادر جديدة للسيولة، وخاصة «الشركة المصرية لإعادة التمويل» الوحيدة في السوق والتي تقدم قروضها مقابل محافظ مديونيات الأفراد التي كونتها.

وفي هذا السياق، قال الدكتور سامح الترجمان رئيس شركة «تمويل» المصرية للتمويل العقاري، إنه سيكون لقرار المركزي تأثير بلا شك على المدى القصير، خاصة أن العديد من الشركات تعول على البنوك في تمويل عدد من عملياتها، لكنه على المدى البعيد سيكون التأثير محدودا.

واستبعد الترجمان تأثير قرار تشديد إقراض البنوك لشركات التمويل العقاري على خريطة الشركات العاملة في السوق وتأثر حصتها السوقية، مشيرا إلى أن كل شركة تحدد سوقها وفقا لمتطلباته.

وتعمل في سوق التمويل العقاري في مصر 8 شركات، بالإضافة إلى الشركة المصرية لإعادة التمويل العقاري، وذلك بجانب إدارات متخصصة للتمويل العقاري في 16 بنكا.

وبينما تشير الخطط الحكومية إلى وصول حجم القروض الممنوحة عبر نظام التمويل العقاري في مصر إلى نحو 5 مليارات جنيه (934.5 مليون دولار) بنهاية العام الحالي 2008، فإن المؤشرات الحالية ربما تشير إلى استبعاد تحقيق هذا الهدف، خاصة في ظل وجود مؤشرات تؤكد تراجع معدلات نمو التمويل العقاري بقوة في الربع الأول من العام الحالي، بسبب منع البنك المركزي المصارف من تقديم التمويل العقاري للأفراد لشراء الوحدات السكنية تحت التشييد.

وانخفضت قيمة التمويل العقاري المتاح من البنوك حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي إلى 1.49 مليار جنيه (278.5 مليون دولار)، مقابل 1.56 مليار دولار (308.4 مليون دولار) في الربع الماضي المنتهي في ديسمبر الماضي، وذلك حسب بيانات البنك المركزي المصري.

ورأى أحد الخبراء أن هذه المؤشرات تعد بمثابة بداية لتراجع معدلات نمو منظومة التمويل العقاري التي طالما أكد وزير الاستثمار المصري على أهمية تفعيلها للاستفادة من الثروة العقارية، حيث يساهم القطاع العقاري بنحو 8.6% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لعام 2006/2007.

كما لا يعد تحجيم نشاط التمويل العقاري، حسب تعبير أحد الخبراء، في صالح السوق العقارات، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الوحدات في مصر بنسب تصل في بعض المناطق إلى 400%، الأمر الذي يحد من القدرة الشرائية لهذه الوحدات، ويدفع باتجاه تعرض شركات الاستثمار العقاري لحالة من الركود، ويقيد من خطواتها نحو إبرام اتفاقات مع شركات التمويل العقاري لتسويق منتجاتها.